لقد وصلت صولة الباطل منتهاها ولابدَّ لها وحسب النواميس القدرية والكونية من أفول، ليس ذلك أمنيات تتغشانا في زمن الذلِّ والهوان الذي نتجرع غصصه كل حين، ولكنها ثقة بموعود الله الذي حتماً لا يرضى عن هذا الظلم الذي بلغ من الحقد والقذارة والغدر مبلغاً عظيماً لا يمكن احتماله، وعلى من؟.. على أمة التوحيد والرسالة الخالدة أمة الشهادة على كافة الخلق التي هي خير أمة أخرجت للناس.. صحيح أن ما أصاب الأمة في هذا الزمن هو بسبب تخليها عن استحقاقات النصر والتمكين المتمثلة في التمسك بكتاب يهدي وسيف ينصر، وهما عنصران لازمان لتحصيل القوة والريادة، إلا أن عوامل كثر أثرت في المحصلة النهائية في وصول الأمة إلى هذا الوضع المتردي، حتى إن الأمم البغية تهاوت علينا كما تتهاوى الأكلة على قصعتها، وذلك مصداقاً لنبوءة نبينا - صلى الله عليه وسلم-، وما وضع فلسطين والعراق الآن عنا ببعيد كشاهد حي على ذلك.. ولكن هل هذا يعد نهاية المطاف؟.. أقول جازماً غير حانث إن هذه الدماء التي تسيل من جسد الأمة المثخن بالجراح دليل فأل حسن مهما تراءى للناظر أنه بؤس وانكسار، لأنه إشارة واضحة على إحساس العدو بأن هذه الأمة بدأت تتململ من قيودها وأن المارد المريض قد تماثل للشفاء فهو يسعى حثيثاً للتدارك وإيقاف هذا النمو ومنع هذا الاستيقاظ فعمد إلى توجيه الضربات المتلاحقة الدامية لعل وعسى أن يحقق مآربه، لكن هيهات، فقد طفح الكيل وارتوت جذور المقاومة بالدماء الزكية التي ستحيلها إلى جذوة نار مستعرة تحرق كل باغ ظالم ولو بعد حين. إنَّ هذه التراكمات النفسية والعقائدية المحتقنة في أوساط أبناء الأمة سوف تؤتي أكلها ولكن بشرط أن توجه الوجهة الصحيحة تحت راية قيادة راشدة تبني ولا تهدم دون انشغال ببنيات الطريق التي تزيد العثرة وتربك المسير وتضعف الصف وتغري العدو المتربص بمزيد من الجبروت.. فالكل في نفس المصير وداخل نطاق المسؤولية، ولا زمن للتلهي واللعب بعدما صار مستقبل الأمة على المحك، ولن تعفينا الأجيال من هذا التخاذل المميت. أما هذه الأفعال التي يرتكبها شارون الشر والغدر في أكناف بيت المقدس فهي وربي دليل ضعف لا قوة وتوتر لا ثقة، فالقوي لا يغدر من الخلف بل يواجه ويتحدى، لكنهم اليهود فئة الفساد والإفساد في الأرض لا يقاتلون إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر.. نهجهم الغدر والخيانة ونقض العهود فقد قتلوا الأنبياء وبدلوا الشرائع قوم مغضوب عليهم إلى قيام الساعة، مكتوب عليهم الذلة والصغار إلا فترات يسيرة بمدد من قوى الشر العالمي.. وها هم يصلون إلى منتهاهم في إغاظة هذه الأمة في أعز ما تملك وهو دينها ورموزها القيادية المجاهدة لحكمة يعلمها الله يتولى كبرها أشقى القوم هذا الشارون ليبوء بإثمها بقتله لهذه الكوكبة المباركة من خيار الأمة، وما درى الذي لا يفقه أنه يجر على بني قومه استعجال الذبح الذي هو آتٍ لا محالة حينما يقول الشجر والحجر للمسلم المجاهد من هذه الأمة هذا يهودي خلفي تعال فاقتله!.. فيا ليت شارون السفاح شاهد على ذلك اليوم ليذوق الحسرة والندامة في الدنيا قبل الآخرة، لكن قد يكون قبل ذلك والله أعلم صولات وجولات تمهد لهذا اليوم الموعود من نبي الوحي الصادق، وها هي بوادرها تتراءى للناظر الفاحص حتى إنه يخيل إليه رايات النصر تعلو في الأفق البعيد بصيحات التكبير التي تجلجل في الآفاق فتهز قلب كل أفاك أثيم، ولكن قبل ذلك مستلزمات من الصبر الشديد والعمل الفاعل المتكامل الذي يحقق استحصال القوة المستطاعة المتحتم على الأمة إعدادها ثم تجريد الصف من كل خائن وعميل مع توحيد للكلمة وصدق في القصد والعمل، حينها سنستبشر بالنصر الموعود، ولا أخال من يدرك المخزون العقائدي والحضاري الهائل لهذه الأمة المجاهدة إلا أن يغمره التفاؤل الإيجابي المفضي إلى العمل الجاد للمساهمة العاجلة في تكريس جهود الأمة للتصدي لهذا العدوان الغاشم من كل حدب وصوب وانتشال الأمة من رقدتها وهزالها بمحفزات ذات أثر فعال ينفض عنها ران الغفلة بأطرها على نهج الإسلام الحق وتسخير جميع إمكاناتها المعطلة لاستحصال أسباب القوة المعنوية والمادية التي تؤهلها للتمكين والاستخلاف في الأرض عن جدارة واستحقاق حتى تكون أمة مهابة الجانب تستعصي على الاستعمار والذوبان في حضارة الآخر، والله الموفق وهو الهادي إلى سواء السبيل. ص ب 31886 الرياض 11418 فاكس: 4272675