والإسلام يجب ما قبله.. والله سبحانه يحب التوابين.. وإن كان هناك من أخطأ وتاب.. فصدر الرحمة رحب، وصدر الوطن أكثر رحابة.. كانت هذه الرؤى هي التي مثلت دأب الحكومة السعودية في سعيها الحثيث واصرارها للقضاء على الإرهاب. فكانت تضرب بيد من حديد للمتمادين في جرائمهم، وتمد غصن زيتون للمتراجعين باليد الأخرى.. هي السياسة والحكمة التي تستطيع من خلالهما الحكومة أن تضيق الخناق على المجرمين وتقلل من فرصة ازديادهم، وهي تمنح الضوء الأخضر للتائبين الذين يشاركونها استكمال مهمتها في القضاء على القتل والتفجير ودعمها في الكشف عنهم. ** التوبة يقبلها الله سبحانه وتعالى ما لم تغرغر الروح.. وقادتنا الحكماء يمدون أيديهم حتى اللحظة التي تسبق ان يقدم الإرهابي على قتل أو تفجير، وهي فرصة واسعة ورأفة من المؤكد أنها أججت مشاعر الترحيب والتأييد والثقة بمستوى التفكير والتعامل مع الأزمات، فليس هناك رغبات انتقامية وانفعالية وتشنجية.. هناك رغبة في تجنيب الوطن وابنائه كل أذى.. وهناك اتساع صدر وفكر حكيم جعل كثيرا من أصحاب الفتاوى يتراجعون.. وهي خطوة هامة في معالجة الفكر المنحرف إذ لم تعد له أبوة روحية ومرجعية دينية يستند إليها وهو في طريقه بإذن الله إلى الاضمحلال.. ** حين تشرق الشمس على الوطن وتهديه بياضها على سهوله ورماله وجباله ومائه.. فإنها تهب له يوما جديدا.. دعونا نكتب فيه اليوم ما يشبع اتفاقنا ورغبتنا الحقيقية في بدء تاريخ جديد للوطن.. نحسن فيه النوايا وينظر بعضنا الى بعض فيه دون ريبة او اتهام او تصنيف.. حتى وان اختلفت رؤانا واتجاهاتنا الفكرية فنحن جميعاً تحت دثار واحد هو الدين ثم الوطن، وان كنا كلنا متفقين على هاتين الحقيقتين الماثلتين فليس أفضل من أن نمتثل لسماحة وحكمة الدولة في تعاملها مع قضاياها الداخلية والخارجية. تلك الحكمة التي يشهد لها البعيد والقريب.. فلسنا في حاجة اليوم إلى فتح الدفاتر القديمة.. وتبادل الاتهامات.. وإذكاء نار الفرقة من جديد.. نحن بحاجة إلى أن نقف كلنا في هذه اللحظة ضد الإرهاب الذي يتعقب أطفالنا.. يتعقب أحلامنا. نحن بحاجة إلى التفاف حقيقي ومصداقية في النظر إلى حيث واقعنا الذي تتلاطم فيه أمواج كثيرة.. والسعي إلى بلوغ شواطئ الأمان. ** الحكمة أن نقف جميعاً في خندق واحد ننظر إلى بعضنا دون ريبة.. دون اتهام.. دون فتح لدفاتر قديمة تراجع عنها أهلها وهي محطات وان كان فيها بعض الشطط إلا ان التراجع منها يكفي في حد ذاته لتبيان خطئها.. نحن بحاجة ماسة إلى التعقل والاصطفاف حول خريطة هذا الوطن.. ونحن في اللحظة التي نقبل فيها توبة التائبين وتراجعهم واكتشافهم لاخطائهم فإن المطلوب منهم مثلما أبلوا كثيراً واجتهدوا كثيراً في الاتجاه السابق ان يبذلوا مثله وأكثر في الاتجاه الصحيح الذي يكشف للشباب أهمية التسامح والعمل بالموعظة الحسنة والسعي بالخير للإصلاح والهداية وتقدير الاختلاف كمنهج إسلامي عرفته العصور المتقدمة والمتأخرة في التاريخ الإسلامي. نحن بحاجة إلى بذلهم واشتدادهم في ذلك.. دون ان نتهددهم بين حين وآخر بفتح الدفاتر القديمة.. نحن أحوج ما نكون اليوم جميعاً إلى ان نقف ثابتين في خندق الدين ثم الوطن صفاً واحداً بلا فرقة أو شتات.. لاجتثاث كل انحراف.. ولمنح مجتمعنا فرصته في الحياة الكريمة التي يستحقها.. [email protected] فاكس 4530922