تظلنا هذه الأيام,, مع اطلالة العام الجديد,, ذكرى الهجرة وما أعذبها على القلب من ذكرى عاطرة عظيمة غالية, كيف لا وقد أوضحت لكل مسلم ومسلمة الطريق السليم ونشرت في جوانب كل مؤمن ومؤمنة روح الدين القويم, فليست الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والتسليم هربا من الواقع ولكنها تصحيح وعزيمة على تغيير الواقع المر وتحويله الى مستقبل اعظم واحسن وأجمل. كانت الهجرة النبوية الى المدينةالمنورة منعطفا خطيرا حوَّل مسيرة الدعوة. كان اعلانا للمواجهة العسكرية الدفاعية التي بدأت حلقاتها في بدر ثم انتهت مكللة بالنصر العظيم يوم فتح مكة, اذا فالهجرة كانت بداية تأسيس دولة وانطلاقة انتشار دعوة ومبتدأ مسيرة أمة. ولا نستطيع في هذه اللمحة الخاطفة من نور الهجرة ان نستعرض بالتفصيل كل معطيات ومعاني الهجرة, ولكننا نكتفي في هذه المناسبة بالتلخيص والتلميح, فمن معاني الهجرة العظيمة تبرز الشجاعة ويبدو الاقدام وتظهر التضحية، ويتضح ذلك في موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ قال لصاحبه: لا تحزن ان الله معنا, وتتجلى في موقف الصحابي الجليل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عندما نام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة. وأترك للمؤرخ الكبير ابن اسحاق رحمه الله ولريشته البارعة رسم هذه الصورة اذ يقول: .فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال: وما تنتظرون ههنا ؟ قالوا: : محمداً, قال: خيبكم الله, قد والله خرج عليكم محمد, ثم ما ترك منكم رجلا الا وقد وضع على رأسه ترابا وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم؟ فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم حبلوا يتطلعون فيرون علي بن أبي طالب على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون: والله ان هذا لمحمد نائما عليه برده, فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي بن أبي طالب رضي الله عنه من الفراش فقالوا: لقد كان صدقنا الذي حدثنا. ثم نلمح الى دور المرأة في المجتمع الاسلامي ويتجلى ذلك في الدور الكبير الذي قامت أسماء بنت أبي بكر ذات النطاقين عندما قامت بتزويد الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبه بما يحتاجانه من طعام وشراب وتزويدهم في رأيي بما هو أهم وهو ما دار وما يدور من أحداث المجتمع المكي, واذا جمعنا وأضفنا دور أسماء الى دور زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم خديجة بنت خويلد في نصرة الدين نرى عظم دور المرأة في ذلك المجتمع الاسلامي الوليد. ويصل الركب المدينةالمنورة وتتواصل الأحداث لبناء المجتمع الفاضل ثم نكون أول مواجهة مع قوى البغي وعبدة الأصنام في بدر العظيمة وتكون الغلبة للمسلمين نتيجة طبيعية للهجرة ونورها العظيم الساطع, ثم كان الرجوع الى مكةالمكرمة يوم الفتح لاحداث التغيير الكبير وحصد ثمار الهجرة العظيمة. ما أحوجنا في هذه الأيام الى استلهام ذكرى الهجرة العظيمة ومعانيها السامية الاسلامية, ان الاسلام يمتاز عن كل منهج آخر بالعدل بين مطالب الروح ومطالب الجسم فهو لا يأمر المسلم ان يحرم نفسه من متعة دنيوية ولا ملذة جسدية ما دام يتناولها من طريقها المشروع وفي حدها المعتدل, حتى اننا نلاحظ ان أكثر الآيات القرآنية تحض على طلب المنزلتين الروحية والمادية معا, وقد أورد الله ذلك في محكم التنزيل يقول: .وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله اليك , وأباح الاسلام لمتبعيه التجمل بأنواع الزينة والتمتع بالمشتهيات المشروعة على شرط الاعتدال, وقد قال الله تعالى: .يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين . انها تحية محبة ومودة الى كل اخ مسلم وأخت مسلمة ارفعها بمناسبة ذكرى الهجرة الخالدة.