معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبدالرحمن الأطرم * الحمد لله الملك العلام، يثيب بفضله من قام بحقه واستقام، ويعاقب بعدله من خرج عن الطريق فضل وهام، فصار حظه التخيلات والأوهام، أحمده سبحانه لا يماثل ولا يضاهى ولا يضام، وأشكره على ماأولاه من الإحسان والافضال والانعام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الجلال والإكرام وأشهد أن محمداً عبده ورسوله جاء بالنور ليخرج البشرية به عن الظلام، اللهم صلّ وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه البررة الكرام. أما بعد : فيا أيها الناس,, اتقوا الله تعالى واعلموا انكم مخلوقون مربوبون منهيون ومأمورون ومثابون ومعاقبون فهذا هو الدين وعماد الدين وقوامه النصيحة ففي الحديث الدين نصيحة قلنا لمن يارسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم .فالنصيحة كلمة جامعة معناها الإخلاص للمنصوح والسلامة من الغش والدجل والحقد والمخالفة، فالنصيحة من وجيز الكلام كما قيل في كلمة الفلاح أنه ليس هناك كلمة أجمع منها لخيري الدنيا والآخرة.فهذا الحديث عظيم الشأن اهتم العلماء به لأنه يدور عليه قواعد الدين وشهدت له أحاديث أخرى، وقد اخرج الطبراني عن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ومن لم يمس ويصبح ناصحاً لله ولرسوله ولكتابه ولأئمة المسلمين وعامة المسلمين فليس منهم فهذا يدل على ان النصيحة تشمل خصال الإسلام والإيمان والإحسان، وقد ورد في أحاديث كثيرة النصح للمسلمين عموماً ففي الصحيحين عن جرير عن عبد الله قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم.وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حق المؤمن على المؤمن ست فذكر منها واذا استنصحك فانصح له وفي المسند عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ان الله يرضى لكم ثلاثا: يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم .وفي المسند وغيره عن جبير بن مطعم رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته بالخيف من منى: ثلاث لا يغل عليهم قلب امرىء مسلم إخلاص العلم لله، ومناصحة ولاة الأمور ولزوم جماعة المسلمين وجاء في نصح الموظف ما في الصحيحين عن معقل بن يسار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مامن عبد يسترعيه الله رعية ثم لم يحطها بنصيحة إلا لم يدخل الجنة . وهذا يعم أي موظف كان وأي مسئول كان وأي متول أمراً من أمور المسلمين لا سيما المرافق الخطيرة كالتعليم والإعلام وما يتصل بالأمن العام فإنه يتأكد النصح فيها إذ انها سبب لجمع القلوب وافتراقها ولموتها أو حياتها. وقد ذكر الله في كتابه عن الأنبياء أنهم نصحوا لأممهم فاتباع الأنبياء كذلك يجب عليهم. قال تعالى عن نوح عليه السلام )وأنصح لكم وأعلم من الله مالا تعلمون(وقال تعالى عن هود: )وأنا لكم ناصح أمين(. وقال تعالى عن صالح )ونصحت لكم ولكن لا تحبون الناصحين(. وقال تعالى عن شعيب: )ونصحت لكم فكيف آسى على قوم كافرين(. وقال تعالى للذين تخلفوا عن رسول الله لعذر من الأعذار )ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لايجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور ر حيم(.وهؤلاء بخلاف المنافقين الذين تخلفوا عن رسول الله واعتذروا وهم كاذبون باعتذارهم فهم غير ناصحين. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) فاتقوا الله ما استطعتم واستمعوا وأطيعوا وأنفقوا خيراً لانفسكم ومن يوق شح نفسه فأؤلئك هم المفلحون 16 (. بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني واياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.