المتقاعدون هم فئة من موظفي الدولة خدموا سنوات طويلة، وهي الخدمة المطلوبة للتقاعد المبكر والنظامي. فالمتقاعد تقاعداً مبكراً هو من خدم عشرين سنة فأكثر والمتقاعد نظامياً هو من بلغ عمره ستين عاماً. المتقاعدون هم من جلسوا على كراسي مختلفة منها الدوار والثابت والمتحرك من مدنيين وعسكريين وغيرهم الكثير في مختلف الجهات والمناصب. دارت الأيام وتغير الزمن وأصبحت ساعة اليوم تختلف عن ساعة الأمس. فالمتقاعد يتذكر انه كان يؤدي عمله بأمانة وإخلاص، يقدر ويحترم ويكرم تكريماً معنوياً، وهذا شيء مؤكد لأن الوظيفة لها احترام خاص. ودارت الأيام وشاءت إرادة الله بسبب الظروف أو الأعمال التجارية ان يتقاعد هذا الموظف تقاعداً مبكراً أو نظامياً. فانعدم ذلك التكريم المعنوي الوظيفي والشخصي بعد إحالته على التقاعد فمثلا المدرسون الأوائل هم الذين خدموا سنين مضت كان فيها يوم الخميس دراسة والمدرس يدرس اثنتين وثلاثين حصة في الأسبوع. وفي القرى يدرس الصفوف مضمومة، فالحصة الواحدة يدرس فيها فصلين مختلفين في غرفة واحدة وفي منهجين مختلفين. وكانت العلاوة السنوية آنذاك خمسة وعشرين ريالاً بعد مرور سنتين، وكانت المناهج تتفوق على المناهج الحديثة كماً وكيفاً فأين التكريم المعنوي والمادي لهذه الفئة وحسب ما سمعت ان إدارة التربية والتعليم لا تمنح المدرس أو المدير المتقاعد «بطاقة معلم» ولا حتى بطاقة «مدرس متقاعد» ليستفيد منها عند حاجته وخاصة عندما يسافر خارج بلده، ويستأجر سيارة «ليموزين» فإنهم يطلبون منه «بطاقة عمل» فان كانت موجودة معه أجّروه وان لم تكن معه «رفضوه» وليستفيد منها كذلك بأشياء أخرى وكذلك التخفيضات بالمستوصفات الأهلية. فأين التكريم المعنوي من إدارة التربية والتعليم !! والسؤال الذي دائماً في مخيلتي هو: هل المدرس المتميز والمدير الفريد بعد التقاعد يستفيد ويفيد ؟ الإجابة أنا لا أعرفها وأبحث عن الإجابة فمن يجيبني جزاه الله خيراً ؟! الهللات المقررة في التقاعد لا يمكن ان تزيد هللة واحدة حتى ولو عاش المتقاعد عمراً طويلاً. أما النقص فهذا شيء مؤكد، وبعد وفاة المتقاعد تأتي القسمة والتقسيم حتى ينتهي الراتب التقاعدي فأين التكريم المادي للمتقاعدين. الكيفية في التكريم المعنوي هي: 1- يكرم المتقاعد معنوياً بذكر اسمه في مجال عمله بلوحة تكتب بأسماء المتقاعدين وبيان خدمته والأماكن التي زاول العمل فيها والمميزات التي امتاز بها في مجال عمله ومعلومات إضافية أخرى تحت الرأي والاقتراح. 2 - الاستفادة من خبرات المتقاعد التي تعتبر نادرة ليستفاد منها استفادة كبيرة فالمهارة والخبرة والدقة في العمل والعطاء الفريد يجب ألا ينتهي بعد التقاعد.. وربط خبرات ومهارات الماضي بالحاضر. 3 - التعاقد مع هؤلاء المتقاعدين المتميزين كل في مجال اختصاصه والاستفادة منهم بالمحاضرات وأخذ آرائهم في حل المشاكل باختلاف أنواعها. التكريم المادي: يجب ان يعطى المتقاعد زيادة سنوية بنسبة معينة حسب السلم والدرجات والمراتب المختلفة.. فالمتقاعد كان يؤخذ من راتبه الشهري زيادة سنوية في التقاعد لأن الموظف يحصل كل سنة على علاوة سنوية يخصم منها نسبة التقاعد، فلماذا بعد التقاعد لا يعطى زيادة تقاعدية سنوية؟ «هجرة الأدمغة» في الدول الكبيرة أوروبية وغيرها تهاجر هذه الأدمغة من بلد إلى آخر لمسافات بعيدة للاستفادة من خبرته في التكنولوجيا والتقنية الحديثة وله من التكريم والتقدير الشيء الكثير فخبرته ومهارته لا يمكن الاستغناء عنها. والحقيقة أننا بحاجة إلى خبرة المتقاعدين من مدنيين وعسكريين. «رأي مجرب» أنا كاتب هذا المقال كنت مدرساً ثم مديراً وخدمت خدمة قصيرة نظراً لانشغالي العقاري فطلبت التقاعد المبكر.. فأصبحت من فئة المتقاعدين منذ أكثر من عشر سنوات. فأقول بكل صراحة ان التقاعد المبكر نعمة يجب الاستفادة منها وان يستغل الإنسان شبابه ونشاطه وحماسه في التجارة، بأنواعها المختلفة وان يضع مجالاً وظيفياً لغيره. سؤال أخير هل المتقاعد ميت وهو قاعد !!