قبل نصف قرن وفي الخمسينيات الميلادية من القرن الماضي، كنت طالباً مبتعثاً من قبل حكومتنا إلى مصر أدرس في كلية التجارة بجامعة القاهرة، ولم يخطر ببالي وقتها أن تمر بلادنا العزيزة بمثل ما حدث لها اليوم، ونحن في بداية القرن الميلادي الواحد والعشرين -عام 2003م- إنها حقاً لجريمة نكراء، وذنب لا يغتفر أبداً، بهؤلاء الشباب الذين ضلوا طريق الصواب للمحافظة على مبادئ ديننا الحنيف وشريعتنا الغراء - الاسلام- إن وطننا الغالي - المملكة العربية السعودية - وتحت القيادة السعودية الرشيدة، ينتهج مبدأ الوسطية والاعتدال في كل ما ينتهجه ويسلكه من أمور دنيوية، تمسكاً بالشريعة السمحة المبنية على ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى وسنة نبينا ورسولنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم. إن ما أصبح يُعرف بالارهاب، عُنْصر دخيل على بلادنا .. فمنذ بداية الحكم السعودي الأول نادى الحكام السابقون، وسار الحكام الحاليون، منذ عهد المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وحتى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز وسمو عضده الأمين الأمير عبد الله بن عبدالعزيز... بتحكيم الشريعة السمحة القائمة على كتاب الله وسنة نبيه عليه أفضل الصلاة والتسليم. وهنا يتبادر للأذهان سؤال هام: لماذا انحرفت هذه الفئة الضالة عن الطريق المستقيم إذن؟ هل هي التربية في البيت وعدم فاعلية توجيهات الوالدين للأبناء؟ هل هي المدارس الأولية من الابتدائي وحتى الثانوي وافتقار وسائل التعليم والمناهج من التربية الدينية السليمة وحشو رؤوس الطلاب والطالبات بالدروس الحديثة والأفكار غير السليمة؟ هل هي وسائل الإعلام من اذاعة وتليفزيون وصحافة وأخيراً الإنترنت وغيرها من سبل المعلومات اللاخلاقية؟ أسئلة تحتاج إلى إجابات من كل العاملين في إعداد المناهج والوسائل الصحيحة لهؤلاء الشباب والشابات وهم ينهلون من منابع العلوم والآداب والثقافة؟ إنني أدرك خطورة المرحلة التي نعيشها اليوم.. ومع بداية القرن الميلادي الواحد والعشرين.. بيد أنني أشعر أننا فعلا في أمس الحاجة للتعرف على كل جديد يدور في عالمنا هذا، وبقلوب مفعمة بالإيمان مليئة بتقوى الله ومخافة الله ومحبة الله .. إن ارساء مبادئ الحوار الوطني السليم الذي دعا إليه سمو الأمير عبد الله بن عبدالعزيز هو الوسيلة الصحيحة للقضاء على كل أشكال الارهاب، والسعي لارساء قواعد وأحكام ومناهج علمية اقتصادية اجتماعية سليمة تماماً.. ولكن كيف نحصل على كل ذلك ونجنب أنفسنا ووطننا العزيز الدعاوى الخبيثة التي تزرع في النفوس البريئة - شبابنا وشاباتنا - حول مناهج التعليم وسبل التربية الإسلامية الصحيحة..؟ إن أول ما أجد نفسي مُلزماً هو أن أكون قدوة حيَّة سامقة تُحتذى من أبنائي وبناتي، ويكون مجتمعنا حضريا وقبلياً يعمل ويسعى للبناء والتشييد لا للتخريب وسلوك سُبل الضلال والانحراف والارهاب.. لو انصلح حال بيتي وأسرتي، ثم عائلتي وقبيلتي، لانصلح حال مجتمعنا السعودي.. أما أن أقول وأدعو إلى شيء سليم، وأفعل وأمارس عملاً لا أخلاقيا ومنهجا غير تربوي صحيح في حياتي.. فهذا أمر متناقض يرفضه الدين والعقل. إن الدعوة للحوار الوطني المفتوح والانفتاح على العالم من حولي .. لا تكفي في رأيي، وإنما العمل بصمت وبقوة ودون تدليس أو خداع من أجل بناء صرح الوطن السعودي البعيد كل البعد عن الانحرافات والانخراط مع جماعات السوء.. الوافدة إلينا من الخارج أو الجماعات التي أضلها الشيطان وراحت تبث سمومها في خلايا هذا المجتمع المسلم وأن طلب «الشهادة» ونيل الجنة يكون عبر قتال المسلمين وقتل الأبرياء ممن يعيشون في سلام فوق تراب هذه الأرض الطيبة التي اصطفاها المولى عز وجل فاتخذ بيته الحرام في مكة، واختارالمدينة المنورة لتكون محط هجرة الرسول الكريم .. ونشر الدعوة الإسلامية في أرجاء العالم لتكون هي الملجأ والمآل لكل مسلم موحد بالله .. إن تضافر جهود أبناء وبنات مجتمعنا، ينبغي أن يكون هو المسلك والنهج القويم، فدعوة الحق والعمل بكتاب الله وسنة نبيه، هو الملاذ والمنجى من الارهاب بكل أشكاله التي باتت تشكل عبئاً وقلقاً كبيرين على ولاة الأمر، والعمل على القضاء عليه.. إن تماسك فئات هذا المجتمع المسلم المؤمن بعبادة الخالق سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، هو الأمل والمرتجى.. والله جل شأنه يقول في سورة التوبة {(وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (التوبة:94) }