زراعة الأعضاء من العلوم التي توصل إليها الطب الحديث بفضل الله ثم بارتقاء العلم إلى آفاق عالية من المعرفة، وتمثل الزراعة حلولاً علاجية حيث تعجز الحلول الأخرى في الإبقاء على حياة الشخص فتصبح ضرورة لا غنى عنها. في هذه الصفحة أجرينا عدة لقاءات تدور مضامينها حول زراعة الأعضاء، يتحدث في أحدها متبرع بكلية شارحاً تجربته في هذا المجال، ويتحدث في اللقاء الثاني مُتَبرَّع له متحدثاً عن مرضه الذي أوصله لمرحلة زراعة كلية.. أما اللقاء الثالث فهو مع المدير العام للمركز السعودي لزراعة الأعضاء.. فإلى المحصلة بداية كان ل«الجزيرة» لقاء مع د. عمر بن عبدالعزيز المسند الباحث في هندسة البترول بمدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية المتبرع بإحدى كليتيه إلى والده فضيلة الشيخ عبدالعزيز المسند حفظه الله .. نود من خلال هذا اللقاء إلقاء الضوء على كيفية تبرعه بالكلية. * كيف نشأت الفكرة وكيف تمت الإجراءات للتبرع؟ التبرع للوالد هو من الواجب وبرّ الوالدين، وأسأل الله ان يقبل العمل ويبارك فيه، ونشأت الفكرة بعد ان تبين ان الخيارات الأخرى مثل انتظار الكلية من متوفى دماغياً تستغرق وقتاً طويلاً، والوالد يعاني معاناة شديدة من الغسيل وأعراضه الجانبية، وتبعاته، كما ان نسبة النجاح ودرجة تقبل الجسم للكلية المزروعة المتوقعة أقل بكثير من تلك التي يكون متبرعاً بها من أحد الأقارب، وخاصة الاخوة والاولاد. أما بالنسبة للإجراءات، فبعد الاستخارة واتخاذ القرار بالتبرع قمت بمراجعة عيادة الكلى بمستشفى الملك فهد بالحرس الوطني حيث كان الوالد يتلقى العلاج، والغسيل، وأجري لي سلسلة من التحاليل الطبية المخبرية، والفحوصات على الجسم بشكل عام، وخاصة القلب ووظائف الكلى، ثم مقابلة الأطباء المتخصصين في زراعة الكلى، حيث تبين مناسبة الأنسجة وفصيلة الدم مع الوالد، ومناسبتي صحياً للتبرع، بعد ذلك كنا جاهزين للعملية، وتمت في الوقت المناسب للفريق الطبي الذي أشرف على العملية من طبيب الكلى، وطبيب القلب، والطبيب الجراح، وطبيب التخدير، والعديد من المساعدين والفنيين والممرضين. * كم ظل الوالد يعاني من غسيل الكلى بعد إصابته بالفشل الكلوي؟ أمد الله في عمره بالصحة ومن تبرع له. آمين، بقي الوالد على الغسيل بواسطة التنقية الدموية سنة وبضعة أشهر. * هل أنت متزوج؟ ولديك أولاد؟ نعم * كيف كان شعور زوجتك وأولادك حيال فكرة التبرع؟ زوجتي جزاها الله خيرا كانت تشجعني على التبرع منذ الأيام الأولى لإصابة الوالد بالفشل الكلوي ثم قامت هي بتهيئة الأولاد وشرح الفكرة لهم قبل العملية بزمن وعندما حان وقت العملية ودخول المستشفى كانوا مهيئين تماماً ومستوعبين لعملية التبرع ومطمئنين لها ويفخرون بها أمام أصدقائهم في المدرسة. * متى تمت عملية التبرع؟ وهل العملية تكللت بالنجاح؟ بحيث إن الوالد استغنى بفضل من الله عن الغسيل؟ تمت عملية التبرع والزراعة قبل ثلاث سنوات، والعملية نجحت ولله الحمد، والوالد استغنى عن الغسيل بالكلية المزروعة، والفضل أولاً وأخيراً لله. * هل هناك احتياطات بعد عملية التبرع بالنسبة لك كمتبرع وبالنسبة لوالدكم كزارع؟ هناك احتياطات عامة ينصح بها الأطباء بالنسبة للمتبرع وأهمها مراقبة الضغط والسكر والاكثار من شرب السوائل خاصة الماء، وتقليل أكل البروتينات سواء كان مصدرها لحوماً خاصة اللحوم الحمراء، أو نباتات، أو ألباناً ومراقبة أداء الكلية بالنسبة للبروتين، وعمل الفحوصات الدورية لوظيفة الكلية وذلك بمعدل كل ستة شهور إلى سنة، عدا ذلك فأنا بصحة جيدة وأعيش حياة طبيعية بحمد الله. أما بالنسبة للوالد حفظه الله فهو مستمر على أدوية كثيرة تعطى للزارعين، وكذلك مراجعة المستشفى بصفة مستمرة. * كيف ترون عملية التبرع بالأعضاء وقد مررتم شخصياً بهذه التجربة؟ نحن ولله الحمد مسلمون ومن سمة المجتمع المسلم التعاطف والتواد والتكاتف، والمسلم محب للخير يعطي، ويبذل، ويفعل الخير، يدفعه في ذلك الإيمان بالله عز وجل، ورجاء الثواب من الله، ويقينه ان ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وانه لن يضره شيء إلا بإذن الله، وان التبرع فرصة لكسب الحسنات إن شاء الله، ومجتمعنا السعودي خاصة يسوده صلة الرحم والتعاون والكرم فبالتالي ليس مستغرباً من أفراده المبادرة للتبرع والعطاء. عدت لنشاطي واللقاء الثاني مع زراعة كلية الأستاذ محمد معيض الشمراني يبلغ من العمر أربعة وثلاثين سنة خريج كلية التربية دراسات إسلامية متزوج ولديه ثلاثة أطفال ويعمل حالياً معلما بمدرسة المنتزه الابتدائية تحدث ل«الجزيرة» عن بداية اكتشافه للمرض في مستشفى قوى الأمن ثم بعد ذلك التنويم وإجراء عملية الغسيل للكلى وإجراء جراحة في اليد وعمل توصيلة تمهيداً لإجراء الغسيل عن طريقها ثم الخروج من المستشفى لتبدأ معاناة البحث عن مكان صحي لإجراء عملية الغسيل، ولكن تم أخيراً قبولنا في مجمع الرياض الطبي في قسم الطوارئ. وأجاب على استفسار «الجزيرة» عن السبب الذي دعاه إلى فكرة زراعة الكلى فقال: لاحظ والدي حفظهما الله إلى جانب زوجتي واخوتي معاناتي من جراء الغسيل ومضاعفاته على سوء وتدهور صحتي، لهذا أصر أهلي الطيبون على وضع حد لمعاناتي بضرورة زراعة كلية فتوجهنا إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي وبدأت الإجراءات الطويلة نسبياً تقريباً ستة شهور نظرا لكون العملية دقيقة ومفصلة وتحتاج إلى هذا الوقت الطويل لضمان نجاح العملية بعد توفيق من الله وتمت الفحوصات مطابقة كلية الوالد حفظه الله وأود ان أوضح للقارئ عبر جريدة «الجزيرة» ان المضاعفات المصاحبة لزراعة الكلية لا تكاد تذكر حتى تقارن بالمعاناة الشديدة في فترة إجراء عمليات الغسيل التي دامت ثمانية شهور وكأنها لشدتها من الألم والدوخة والمضاعفات الشديدة على الناحية الجسمية والنفسية ثماني سنين وخاصة أمام أطفالي، إلى وجود مضاعفات أخرى من ارتفاع ضغط الدم إلى جانب كبر اللثة «تكاثر اللحم حول الأسنان» نتيجة لاستخدام علاج المناعة. ولكن ولله الحمد عدت إلى سابق عهدي من الصحة والحيوية والنشاط ومارست عملي كمعلم بشكل طبيعي جدا بعد قضاء فترة نقاهة مدتها ثلاثة أشهر لاستعادة النشاط والعمل الطبيعي. كما أرجو من الخيرين والميسورين في هذا البلد الطيب من التعاون في إنشاء مراكز الغسيل للتخفيف على من يعانون من المرض. شاكرين «الجزيرة» على اهتمامها بمثل هذه الأعمال الإنسانية التي تدل على الاهتمام بمعاناة الآخرين ومشاركتهم آلامهم. نجاحات أما في هذا اللقاء فقد حاورنا الدكتور فيصل بن عبدالرحيم شاهين المدير العام للمركز السعودي لزراعة الأعضاء ومركز الأمير سلمان الخيري لأمراض الكلى، حيث تحدث في البداية عن هذا المركز بقوله: كان صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض قد لاحظ كثرة أعداد مرضى الفشل الكلوي الراغبين في السفر إلى خارج المملكة لإجراء عمليات زراعة الكلى.. ونظراً لما يتكبده هؤلاء المرضى ومرافقوهم من مشقة السفر وعناء الغربة وطور الانتظار، إضافة إلى التكاليف الباهظة التي تصرفها الدولة عليهم فقد رأى سموه الكريم ان ينشأ مركز وطني تكون مهمته الأساسية متابعة مرضى الفشل الكلوي بكافة جوانبها وتطوير برنامج وطني لزراعة الكلى والأعضاء الأخرى. وقد لاقت مبادرة سموه الكريم رقم 7/1561/م وتاريخ 19/5/1404ه.. ومع تعدد نشاطات المركز واتساع خدماته لتشمل زراعة الأعضاء المختلفة صدر الأمر السامي الكريم رقم 80 وتاريخ 20/6/1413ه مجدداً ليغير مسمى المركز إلى «المركز السعودي لزراعة الأعضاء» وليعطيه مضمونا جديداً ولينوط به العمل الجاد في كل مجالات زراعة الأعضاء. وقد تفضل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض والرئيس الفخري للمركز السعودي لزراعة الأعضاء مساء يوم الأحد 28/8/1418ه بوضع حجر الأساس للمركز الجديد ومركز الأمير سلمان الخيري لأمراض الكلى وذلك في الاحتفال التاريخي الذي أقامه المركز تخليداً لهذه المناسبة وحضره عدد كبير من أصحاب السمو الملكي الأمراء ومعالي الوزراء والمسؤولين من مختلف قطاعات الدولة، إضافة إلى عدد من رجال الأعمال ووجهاء المجتمع.. وجمع من المواطنين حيث شرف سمو الأمير سلمان حفظه الله الحفل الخطابي الذي أقيم بهذه المناسبة والقى سموه كلمة ضافية مؤثرة أعلن خلالها تبرعه الشخصي بمبلغ مليون ريال دعماً لهذا العمل الخيري ومساهمة في تشجيع برامج زراعة الأعضاء في المملكة.. ثم تفضل سموه الكريم حفظه الله برعاية حفل افتتاح المقر الجديد للمركز السعودي لزراعة الأعضاء ومركز الأمير سلمان الخيري لأمراض الكلى مساء يوم الأحد التاسع من شعبان 1421ه الموافق 5 نوفمبر 2000م. أما أبرز مهام المركز السعودي لزراعة الأعضاء فهي: 1 التنسيق بين الخدمات المقدمة لمرضى القصور العضوي النهائي من قبل القطاعات الصحية المختلفة والإشراف على برامج زراعة الأعضاء بالمملكة المعتمد من معالي وزير الصحة برقم 1081/1/29 وتاريخ 18/6/1414ه لتحقيق هذه البرامج بالدرجة المتميزة. 2 التنسيق والمتابعة لجميع حالات موت الدماغ المشخصة في مختلف مستشفيات المملكة لاستئصال الأعضاء من المتوفين دماغياً وذلك لتوزيعها على مراكز زراعة الأعضاء حسب الإجراءات الواردة في دليل زراعة الأعضاء. 3 التركيز على التوعية الصحية والإعلام والتثقيف الصحي. 4 إعداد البرامج التدريبية والندوات العلمية للعاملين في مجال زراعة الأعضاء. 5 إصدار النشرات العلمية المختلفة وتبادل المعلومات مع المراكز العالمية لمد جسور الصلات بينها وبين المركز في مجال زراعة الأعضاء. 6 القيام بإعداد البحوث والدراسات في مجالات الأمراض المؤدية إلى قصور الأعضاء النهائي لتقديم خدمات صحية أفضل للمرضى. * ما هي الصعوبات التي يلاقيها المركز في التبليغ عن حالات الدماغ المشتبه بها؟ استمر المركز السعودي لزراعة الأعضاء بجهوده الرامية إلى زيادة التبليغ عن الوفاة الدماغية من المستشفيات المختلفة في المملكة العربية السعودية، وذلك عن طريق الاتصال اليومي بالعنايات المركزة بهدف التعرف الباكر على الحالات المشتبه بها كوفيات دماغية، بالإضافة لتلقيه الاتصالات من المستشفيات عن هذه الحالات ومتابعة إجراءات تشخيصها استناداً إلى البروتوكول الوطني المعمول به والذي يشترط إعلان الوفاة الدماغية بعد إجراء فحصين سريريين يفصل بينهما فترة «6» ساعات على الأقل «للبالغين» وإجراء تخطيط الدماغ الكهربي لتأكيد عدم وجود أي فاعلية كهربية لقشر الدماغ لمدة «30» دقيقة انتهاء بإجراء اختبار توقف التنفس للتأكد من عدم وجود أي فاعلية لجذع الدماغ وتوقيع هذه الإجراءات السريرية من قبل طبيبين ذوي خبرة في هذا المجال. وقد بلغ مجموع الحالات المبلغة إلى المركز 337 حالة اشتباه بوفاة دماغية خلال عام 2002م، ومن مجموع هذه الحالات تم التأكد من التشخيص نظاما ومقابلة الأهل لعرض موضوع التبرع بالأعضاء في 169 حالة وبلغ منها عدد حالات الموافقة على التبرع بالأعضاء 41 حالة تم الاستفادة فيها من 57 زراعة كلية و10 حالات زراعة كبد وزراعة قلبين و17 قلباً كمصدر للصمامات البشرية و16 زراعة قرنية. ونجد على مر السنين تطور نسبة الموافقة على التبرع بالأعضاء من 10% إلى حوالي 30% من مجموع الحالات المشخصة ليصل المجموع منذ بداية البرنامج في عام 1987م وحتى نهاية عام 2002م إلى 4317 حالة تبليغ تم منها الحصول على 760 موافقة للتبرع بالأعضاء بعد الوفاة. حيث وصل مجموع عمليات زراعة الكلى منذ بداية البرنامج وحتى نهاية عام 2002م 1267 كلية و225 كبد من متوفين دماغياً بالإضافة لإجراء أكثر من 2491 عملية زراعة كلية من أقارب أحياء وحوالي 54 عملية زراعة كبد من متبرعين أحياء، بالإضافة لإجراء ما مجموعه 92 عملية زراعة قلب والاستفادة من 264 قلبا كمصدر للصمامات البشرية وزراعة 421 قرنية من استئصال محلي. * لماذا لم يتم تفعيل دور المركز للمجتمع عامة وللإعلام خاصة عن موضوع التبرع بعد الوفاة دماغياً؟ يقوم المركز بإصدار العديد من المطبوعات والنشرات التي تساهم في رفع الوعي الصحي لدى المواطن والمقيم.. ويتم توزيع هذه المطبوعات عبر المستشفيات والمراكز الصحية بالإضافة لبطاقات التبرع بالأعضاء والملصقات التي تم نشرها في العديد من المواقع.. سواء في القطاعات الصحية أو غيرها.. كما يقوم المركز بالمشاركة في المناسبات الوطنية والاجتماعية والرياضية، حيث يتم وضع أجنحة خاصة للمركز لتوزيع المطبوعات والنشرات للعامة، وقد حققت هذه الخطوات العديد من النتائج الايجابية ولله الحمد والتي تصب في الأهداف العامة للمركز.. ومن جهة أخرى فإن المركز يصدر نشرة شهرية منذ أكثر من خمس سنوات تحت مسمى «التواصل» يوزع منها أكثر من سبعة آلاف نسخة على مختلف الجهات الطبية وغير الطبية وهي تعنى بأخبار وأنشطة برامج زراعة الأعضاء وتكون بمثابة تواصل بين العاملين في البرامج والمركز وتنشر العديد من الأبحاث والمقالات الطبية الجيدة.. كما لا يخفى على الجميع ان المركز يقوم بإصدار مجلة ربع سنوية تعنى بأبحاث أمراض الكلى وزراعتها داخل وخارج المملكة.. * كيف تجدون التعاون من الأهالي خاصة بعد فتوى هيئة كبار العلماء والتي تجيز التبرع بالأعضاء بعد الوفاة دماغياً؟ تتفاوت ردود الأفعال من ذوي المتوفين دماغياً بالتبرع بأعضاء ذويهم في ظل وجود فتوى هيئة كبار العلماء رقم 99 وتاريخ 1402ه، وكذلك ما صدر عن المؤتمر الفقهي الإسلامي المنعقد بعمان بجواز التبرع بالأعضاء من الأحياء إلى الأحياء ومن المتوفين دماغياً إلى الأحياء، ولكن هنالك بعض الأسر تتجه إلى بعض المشايخ أو الأشخاص المقربين منهم وسؤالهم عن ذلك وتتباين وجهات النظر بين مؤيد أو غير متقبل لعملية التبرع بالأعضاء لأسباب عدة ولكنها تسقط على الجهة الدينية وهي براء منها. * هل فعلاً أكثر عمليات الزراعة فاشلة كما نسمع ويعتقد كثير من الناس ويعود المريض إلى سابق عهده من المرض مع انه تشبع بالأمل؟ أوضحت الدراسات التي أجراها المركز السعودي لزراعة الأعضاء ان نسبة بقاء المرضى أحياء بعد اجراء عملية زراعة كلى من متبرعين أقارب أحياء تعادل 97% بعد مرور ثلاث سنوات، أما بالنسبة لبقاء العضو المزروع فقد كانت نسبة النجاح تعادل 93% بعد مرور ثلاث سنوات، وبالنسبة لنتائج عمليات زراعة الكلى من المتوفين دماغياً فلقد كانت نسبة بقاء المرضى أحياء بعد مرور ثلاث سنوات تعادل 95%، أما بالنسبة لنتائج عمليات زراعة الكبد في المملكة فلقد كانت تبين ان نسبة بقاء المرضى أحياء بعد مرور عام واحد يقدر ب85%، بينما تصل نسبة بقاء المرضى أحياء بعد مرور عامين من زراعة القلب ب60 - 70%، ومن المفيد الإشارة إلى ان النتائج المحققة في المملكة العربية السعودية توازي النتائج المنشورة في مراكز الزراعة العالمية. ارتباط وثيق * ما مدى ارتباط المستشفيات بالمركز السعودي؟ نجد ان هناك ارتباطاً وثيقاً وتعاوناً بين قسم الخدمة الاجتماعية بالمركز ومختلف المستشفيات بالمملكة سواء كانت تابعة لوزارة الصحة أو لوزارة الدفاع والطيران أو للحرس الوطني ووزارة الداخلية ووزارة التعليم العالي ومستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالإضافة إلى المستشفيات الأهلية الخاصة، فبرامج وأنشطة المركز موجهة لجميع مرضى الفشل العضوي المزمن «كلى، قلب، كبد، رئة، قرنية»، وللمرضى الذين تمت لهم زراعة أعضاء وكذلك تحفيز المتبرعين بالأعضاء وتشجعهم على هذا العمل الإنساني النبيل، فمرضى الفشل الكلوي المزمن يحصلون على بطاقة تعريفية تساعدهم وتسهل أمورهم في مختلف نواحي الحياة في مراجعاتهم وتنقلاتهم. بالإضافة إلى الاعانات المادية السنوية للفقراء منهم عن طريق وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتنسيق مع المركز.. تم عمل بحوث اجتماعية شاملة على جميع مرضى الفشل الكلوي من كافة مستشفيات المملكة وادخالها في الحاسب الآلي ليتم عمل الاجراءات اللازمة من خدمات مادية ومعنوية لهم ولحساب جمعية الأمير فهد بن سلمان الخيرية لرعاية مرضى الفشل الكلوي. يحصل المرضى الذين زرعت لهم أعضاء «قلب، كبد، كلى» على بطاقات تخفيض على تذاكر طيران الخطوط الجوية السعودية بمقدار 25% على الرحلات الداخلية للتخفيف من معاناتهم، بالإضافة إلى حصولهم على بطاقة تعريفية تفيد بأنهم قد زرع لهم عضو وانهم بحاجة إلى المساعدة وتسهيل أمورهم وعدم تأخيرهم حفاظاً على حياتهم. كذلك هناك الكثير من مجالات التعاون مع أقسام الخدمة الاجتماعية بالمستشفيات من خلال احالة بعض المرضى إلى قسم الخدمة الاجتماعية بالمركز لدراسة حالاتهم وتقديم العون والمساعدة لهم سواء من جهة عملهم أو مدارسهم أو احالتهم إلى لجان أصدقاء المرضى والجمعيات الخيرية.. * ما دور التنسيق الطبي والإداري؟ دور التنسيق الإداري في المركز هو العمل جنباً إلى جنب مع قسم التنسيق الطبي في تلقي البلاغ عن حالات الوفاة الدماغية ومتابعتها مع القسم الطبي حتى يتم استكمال التشخيص والتوثيق بأنها فعلاً وفاة دماغية، وبعد ابلاغ ذوي المتوفين بأنه حالة وفاة دماغية لا رجعة فيها يقوم المنسق الإداري بتحديد المكان والزمن الذي يقوم فيه بالتحدث مع الأهل وشحذ هممهم بالتبرع بالأعضاء مستنداً بعد الله على فتوى هيئة كبار العلماء وموضحاً لهم فوائد التبرع من جميع جوانبه «الدينية، الصحية، الاقتصادية والاجتماعية.. وغيرها» بما يضمن الاستفادة من هذه الأعضاء لاخواننا مرضى الفشل العضوي بالمملكة. بعد الحصول على الموافقة يقوم المنسق الإداري بعمل الترتيبات اللازمة لنقل الفرق الطبية لإجراء عملية الاستئصال وإذا كانت الحالة خارج منطقة الرياض يتم الاستفادة بإدارة الإخلاء الطبي السعودي التي تقوم بجهود مشكورة في هذا المجال وتعطي الأولوية لهذه الحالات. «ومن هنا نتقدم لهم بالشكر والتقدير على جهودهم المتواصلة مع المركز» بتوجيه من سمو سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وإشراف ومتابعة إدارة الإخلاء الطبي السعودي وجميع منسوبيها. بعد عملية الاستئصال هنالك إجراءات إدارية مثل عملية الدفن أو الترحيل إلى بلد المتوفى واستكمال الإجراءات الأخرى مثل مكافأة الورثة والتي أقرها مجلس الوزراء الموقر ورفعها إلى خمسين ألف ريال بالقرار رقم 195 وتاريخ 1/8/1423ه، وكذلك وسام الملك عبدالعزيز رحمه الله من الدرجة الثالثة وخطابات شكر من معالي وزير الصحة وسعادة وكيل الوزارة التنفيذي ومن سعادة مدير عام المركز للأسر لتقديم واجب العزاء وتتضمن أيضاً الشكر والعرفان لحسن صنيعهم. مشكلة عالمية كيف يتم التبرع؟ وما مدى النجاح في التبرع؟ وهل تنتج آثاراً جانبية للتبرع؟ في الحقيقة تعتبر مشكلة نقص توفير الأعضاء المتبرَّع بها، مشكلة عالمية تواجه مراكز الزراعة العالمية، ويحتاج موضوع تثقيف المجتمع ككل جهوداً جبارة وميزانيات كبيرة وسنوات طويلة من أجل توضيح مفهوم الوفاة الدماغية والتبرع بالأعضاء، فقد لوحظ ان نسبة كبيرة من أهالي المتوفين دماغيا تصل إلى 92% يوافقون على التبرع بالأعضاء إذا عرفوا ان ذلك كان رغبة المتوفى دماغياً بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالي 40% إذا لم يعرفوا بذلك. وان بحث رغبة الأشخاص الراغبين بالتبرع مع أهاليهم وأقاربهم الذين يمكن ان يعطوا الموافقة بعد الوفاة لأمر مهم جداً وهو يرتبط بتعريف العامة حول التبرع بالأعضاء، ومن أجل هذا يسعى المركز جاهداً لتثقيف أطفال المدارس وإجراء ندوات في كافة أرجاء المملكة لعامة الناس من أجل تعريفهم عن الحاجة لزراعة الأعضاء ومدى نجاح هذه العمليات لأنه من الملاحظ قلة التبرعات بالأعضاء عند جهل العامة بنسب نجاح العمليات ومدى فعاليتها لمرضى الفشل العضوي وكذلك التأكيد لإيصال المعلومة الصحيحة وهي ان الوفاة الدماغية أمر أقرته شريعتنا الإسلامية بشكل واضح من خلال الفتاوى الصادرة من هيئة كبار العلماء، وكذلك من مجلس مجمع الفقه الإسلامي التي تجيز فيه نقل الأعضاء من الأحياء والمتوفين إلى المحتاجين لذلك وكذلك اعتبار الوفاة الدماغية معادلاً للوفاة الشرعية. وبالنظر إلى عمر برنامج زراعة الأعضاء في المملكة العربية السعودية «14 عاماً» نجد بأن أغلب الناس بدأوا يتفهمون مفهوم الوفاة الدماغية وخاصة بعد ازدياد المعرفة بحقيقة الفشل العضوي «القلبي، الكبدي، والكلوي..» والحاجة المتزايدة إلى أعضاء لزراعتها لهؤلاء المرضى الذين يعانون الكثير وهم ينتظرون دورهم في قوائم للانتظار التي تزداد يوماً بعد يوم.. والمشكلة التي تواجهنا عند وجود حالة وفاة دماغية والتقرب من الأهل لطلب الموافقة على التبرع بالأعضاء، هنا تدخل عوامل عديدة في الموضوع مما قد يؤدي إلى تردد العائلة أحياناً رغم انها تكون متفهمة تماماً لإنسانية هذا العمل. وتؤكد احصائيات المركز السعودي لزراعة الأعضاء ازدياد تجاوب أهالي المتوفين للتبرع بالأعضاء، فلقد وصل مجموع الحالات المبلغة إلى المركز السعودي لزراعة الأعضاء منذ بداية البرنامج حتى نهاية 2002م 4317 حالة تبليغ من مختلف وحدات العناية المركزة في المملكة، وبلغ مجموع موافقات الأهل على التبرع بأعضاء ذويهم المتوفين 670 حالة «في نفس الفترة الزمنية» وانعكس ذلك ايجابياً على برنامج زراعة الكلى حيث أجري ما مجموعه 1267 عملية زراعة كلية من المتوفين دماغياً، كذلك أجري 92 عملية زراعة قلب كامل بالإضافة للاستفادة من 264 قلبا كمصدر للصمامات القلبية، أما بالنسبة لزراعة الكبد فقد أجري ما مجموعه 225 عملية زراعة كبد، و421 عملية زراعة قرنية من استئصال محلي، بالإضافة لإجراء 12 عملية زراعة رئة. ورغم كل هذه النتائج الإيجابية فإننا لا نزال نطمح إلى تحقيق المزيد من الزراعات لسد الهوة بين عدد الأعضاء المطلوبة والمتوفرة لانقاذ مرضى الفشل العضوي النهائي الذين ينتظرون بارقة أمل بالحصول على عضو.وفي هذا المجال فإننا نناشد كل اخواننا المواطنين والمقيمين بأن يبادروا إلى كسب الأجر والثواب لهذا العمل العظيم ألا وهو التبرع بالأعضاء خدمة لهؤلاء المرضى الذين يتهددهم الموت في أي لحظة. خطورة الزراعة في بعض البلدان * ما هي سلبيات الأعضاء المستوردة من الخارج وهل إلى الآن لا يزال قائما الاستيراد من الخارج أم أن المركز قد استغنى عن ذلك؟ بالنسبة لزراعة الأعضاء في الخارج ومخاطرها، فإن المركز السعودي لزراعة الأعضاء يؤكد خطورة إجراء هذه العمليات في بعض البلدان النامية التي تمارس الزراعة بأخذ كلى من أحياء غير أقارب وخاصة انها تجرى في ظروف طبية وصحية دون المستوى الأدنى المطلوب ولغرض تجاري مادي، قد يوقع المريض الزارع باختلاطات جراحية التهابية بسبب التقنية الجراحية أو نقل عملية الزراعة وتهدد في كثير من الأحيان حياة المريض. أما إمكانية استفادة المرضى من عمليات الزراعة في المراكز العالمية «أمريكا، أوروبا» فإن الأولوية للاستفادة من عضو تعطى في هذه البلدان إلى المواطنين ولا يعطى المرضى الوافدين إلا بنسبة 5% من الأعضاء المتوفرة، والسبب كما أشرت سابقاً هو نقص توفر الأعضاء للزراعة في جميع بلدان العالم، وعليه قد تزداد معاناة هؤلاء المرضى لطول فترة الانتظار ومعاناتهم في الغربة من الناحية النفسية والمادية. * ما هي المساعدات الاجتماعية التي تقدم للمتبرع؟ ونريد إعطاء فكرة للقارئ عن مدى التسهيلات التي تقدم لبعض المتبرعين؟ وهل تعتبر بطاقات الائتمان مساعدة من المركز؟ المساعدات التي تقدم للمتبرع بإحدى كليتيه لأحد أقاربه يحصل على بطاقة تخفيض على تذاكر الخطوط الجوية السعودية بمقدار 50% ثلاث رحلات سنوياً ولمدة خمس سنوات يتم تجديدها باستمرار. يمنح المتبرع بأحد أعضائه لأحد أقاربه كذلك المتوفى دماغياً وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة، علماً بأن وسام الملك عبدالعزيز يمنح عادة لمن يقدم خدمات وتضحيات للوطن والمواطنين وهو شرف وتقدير معنوي كبير جداً، كما انه يتم الآن دراسة بعض المقترحات التي يمكن ان يستفيد منها المتبرع بالكلى مكافأة له وتشجيعاً لغيره. * هل هناك فرق في التكلفة المادية في السابق قبل وجود المركز حيث كانت الزراعة في الخارج عن وقتنا في الحاضر؟ لقد استطاع المركز السعودي لزراعة الأعضاء ان يثبت أهميته الاقتصادية في توفير مبالغ هائلة كانت تدفع لمراكز خارج المملكة من أجل زراعة أعضاء لمرضى الفشل العضوي واتاحة الفرصة لاستخدام هذه الامكانات في تطوير الخدمات الصحية المقدمة لهؤلاء المرضى داخل المملكة.وبنظرة سريعة على برنامج زراعة الأعضاء لعام 2001م والذي تضمن 101 عملية زراعة كلية من متوفين دماغياً داخل المملكة، حيث تقدر تكلفة العملية داخل المملكة بحوالي 000 ،50 ريال سعودي، بينما ترتفع التكلفة خارج المملكة لتصل الى مايعادل 000 ،500 ريال سعودي أما بالنسبة لزراعة القلب فقد أجري هذا العام 3 عمليات زراعة قلب كامل، حيث تقدر تكلفة العملية الواحدة ب000 ،500 ريال سعودي. بينما ترتفع التكلفة إلى مليون ريال سعودي في الخارج، كذلك بالنسبة لزراعة الصمامات المأخوذة من القلوب المستأصلة فقد تمت الاستفادة من 26 قلباً كمصدر لزراعة الصمامات القلبية والتي تقدر تكلفة العملية الواحدة منها داخل المملكة بحوالي 000 ،30 ريال سعودي بينما ترتفع التكلفة إلى حوالي 000 ،500 ريال خارج المملكة.الأمر الآخر يأخذ موضع الأهمية هو برنامج زراعة الكبد والذي تم تفعيله في المملكة في عام 1994م واعطى نتائج جيدة جداً خلال السنوات الثلاث الماضية، حيث أجري خلال العام المنصرم 19 عملية تقدر تكلفة العملية الواحدة ب000 ،280 ريال سعودي بينما تصل هذه التكلفة إلى حوالي 5 ملايين ريال خارج المملكة.وبنظرة سريعة إلى فعاليات هذا البرنامج نجد بأن اجمالي التكلفة لهذا العام بلغ 14 مليون ريال تقريباً بينما كانت التكلفة خارج المملكة لهذه العمليات سوف تتجاوز 195 مليون ريال أي ان التوفير في هذا البرنامج عادل 180 مليون ريال. نستخلص من كل ذلك أهمية دعم المركز السعودي لزراعة الأعضاء من قبل كافة قطاعات المجتمع نظراً لما يقدمه من خدمة صحية داخل المملكة لمرضى الفشل العضوي النهائي، حيث إن تطوير عمل المركز يعتبر مكسباً حضارياً مهماً فريداً من نوعه في العالم الإسلامي والعربي. وأخيراً أشكر لكم جهودكم المميزة لدعم برنامج زراعة الأعضاء في المملكة وإبراز الدور الحيوي لهذا البرنامج الوطني وأفيدكم بأن موقعنا على شبكة الإنترنت يتضمن كافة الاحصائيات والبيانات الخاصة بالوفاة الدماغية والتبرع بالأعضاء وزراعتها وكذلك المجلة السعودية لأمراض وزرع الأعضاء ودليل الإجراءات، والعنوان هو: www.scot.org.sa.