ما أصعب على المرء عندما يحاول أن يكتب ما يخلد في نفسه في أقرب الناس إليه، عندما يكون رثاؤك في شقيقك، إنني أجد نفسي عاجزاً عن التعبير لأسجل كلمات في رحيل شقيقي الشاب علي محمد العطوي الذي ودع هذه الحياة الفانية وهو في ريعان شبابه فهو لم يتجاوز الثمانية عشرة عاماً، هذا الرحيل المر الذي فقدنا فيه شقيقنا في لحظة. والأمر أمر الله عز وجل أن تقع حادثه بالقرب من المنزل، لم أصدق نفسي وأنا أشاهد سيارته منقلبة وملابسه ملطخة بالدماء لأسرع للمستشفى لأجد الأطباء يحاولون انقاذه، فما أصعب تلك اللحظات التي عشناها ونحن نقف أمام غرفة العمليات بعد ان تقرر اجراء عملية جراحية عاجلة له في الدماغ، ولأكثر من ثماني ساعات ونحن على اعصابنا ننتظر بارقة أمل وهو ما ينتظره كذلك والدي ووالدتي ونحن نعلم كيف يكون حال الوالدين في مثل تلك اللحظات. ايام عصيبة عشناها في المستشفى في قسم العناية المركزة والكل ينتظر أن يفيق علي من غيبوبته أن يرى والدته التي ظلت بجواره في أوقات الزيارات تدعو الله له بالنجاة وما أصعب تلك اللحظات وأنت لا تملك إلا الدعاء لله عز وجل بأن يعافي هذا المريض، ايام وليال كان من أصعب لحظات عمري وكافة اشقائي والوالدان. ان فقد الانسان لأقرب الناس إليه لهو صعب ومرير وان فقدهم لا يدركه إلا من ذاق هذا الفراق واكتوى بناره لقد كان لوفاته الصدمة على الجميع واحمد الله عز وجل انه في يوم وفاته كان مؤدياً لصلاة الفجر والظهر جماعة في المسجد واننا راضون بقضاء الله وقدره كما انني اتذكر قول الشاعر في الابتلاء تلك الأبيات: ثمانية لابد أن تجري على الفتى ولابد ان تجري عليها الثمانية سرور وهم واجتماع وفرقة ويسر وعسر ثم سقم وعافية لكنه الفراق الذي سنرضى به لانه أتى بأمر الله عز وجل، فلله عز وجل ما أعطى وله ما أخذ وهذه سنة الله في خلقه ولكن نحمد الله على قضائه وقدره وان الإنسان في هذه اللحظات إن أراد أن يسجل كلمته فهي كلمة شكر وعرفان لكل من وقف بجانبنا في وقت الحادثة واثناء مكوث شقيقي في المستشفى حتى مفارقة الحياة وان الإنسان ليعجز عن وصف هذه المواقف الإنسانية وهنا اخص بالذكر صاحب الفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محاكم منطقة تبوك وفقه الله الذي لا يحتاج للحديث عن أعماله الجليلة، فهذا الرجل الذي يعمل بصمت واقولها شهادة لله انني مهما تحدثت عن افضال هذا الرجل فلن أوفيه حقه ولعلمي أنه يرفض الخوض في هذا الأمر أو الحديث عنها فاعماله الخيرة يشهدها القاصي والداني وادعو الله أن يجعل ذلك في موازين حسناته. كانت لوقفة هذا الرجل بجانبنا الأثر الكبير في نفوسنا فهو جزاه الله كل خير كان يسألني باستمرار عن حالة شقيقي اثناء مكوثه في المستشفى كما عرض عن حالته الحرجة وهو يرقد في مستشفى الملك خالد بتبوك لانظار صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام حفظه الله لأجل نقله إلى مستشفيات القوات المسلحة حيث صدر أمر سموه الكريم بنقله من مستشفى الملك خالد بتبوك الى مستشفيات القوات المسلحة. لكن أمر الله نفذ قبل ان يتم هذا النقل وكانت لمواساة فضيلته وتشريفه بزيارة والدي بالمنزل وتقديمه تعازيه الأثر الكبير فانا لا أملك إلا أن ادعو الله ان يديم على فضيلته لباس الصحة والعافية كما اقدم شكري لصاحب الفضيلة الشيخ سليمان بن عبدالرحمن الربعي رئيس محاكم منطقة القصيم المساعد لما عبر عنه فضيلته من مشاعر صادقة في وفاة شقيقي. أسأل الله عز وجل الا يرى الجميع مكروهاً كما ان الإنسان يعجز عن الشكر لكل من واسانا في هذا المصاب الجلل والشكر لصاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز ولصاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن محمد آل سعود ولمعالي وزير الخدمة المدنية محمد بن علي الفايز وللمستشار بوزارة الخدمة المدنية منصور الغفيلي ولكافة الزملاء في مؤسسة الجزيرة للصحافة وعلى رأسهم سعادة المدير العام الاستاذ عبدالرحمن الراشد ولسعادة مدير التربية والتعليم بمنطقة تبوك محمد بن عبدالله اللحيدان ومساعد مدير التربية والتعليم بمنطقة تبوك هاشم القحطاني وإلى سعادة اللواء عبدالله بن كريم بن عطيه وللدكتور علي بن فارس العمري وإلى كافة المسئولين ومشايخ القبائل والزملاء الاعلاميين. اسأل الله ان يجعل ذلك في موازين حسناتهم. رحمك الله يا علي رحمة واسعة وجمعنا بك في مستقر رحمته مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا. و{انا لله وانا اليه راجعون}.