استمر الجدل حول أسلحة الدمار الشامل العراقية التي استخدمتها كل من الولاياتالمتحدة وبريطانيا كذريعة لشن الحرب على العراق بينما أخفق البلدان حتى الآن في العثور على هذه الأسلحة ما جلب عليهما موجة من التهكم والانتقاد بل واتهامات بتزوير الحقائق. وقد توصل مؤرخ بارز في شؤون الأمن القومي في ختام دراسة تفصيلية للتصريحات العلنية التي صدرت عن وكالة المخابرات المركزية أن الوكالة رضخت لضغوط إدارة الرئيس جورج بوش للتضخيم من مخاطر برامج أسلحة صدام حسين قبل الحرب التي قادتها الولاياتالمتحدة في العراق. وكتب جون برادوس في العدد الحالي من نشرة علماء الذرة يقول «الأمر الواضح من تقارير المخابرات هو أنه حتى عام 1998 تقريبا كانت وكالة المخابرات المركزية راضية تماما عن تقييمها بشأن العراق». وقال « لكن منذ ذلك الوقت فصاعدا بدأت الوكالة تدريجيا تئن تحت وطأة ضغوط لكي تتبني وجهات نظر تثير المخاوف». وأضاف «وبعد أواسط عام 2001 أصبح هناك اندفاع للتسرع بإصدار أحكام بشأن العراق». ونفى مارك مانسفيلد المتحدث باسم وكالة المخابرات المركزية الأمريكية النتائج التي خلص إليها برادوس قائلا «الملاحظة التي تقول إننا رضخنا تحت وطأة الضغوط وتبنينا وجهات نظر لإثارة الفزع هراء مطبق». واستشهد الزعماء الأمريكيون والبريطانيون بخطر وشيك مفترض من برامج الأسلحة الكيماوية والبيولوجية والنووية العراقية كمبرر أساسي لشن الحرب على العراق في مارس/اذار، وبعد ثمانية أسابيع من الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين لم تعثر القوات الأمريكية حتى الآن على أي أسلحة كيماوية أو بيولوجية أو نووية في العراق. وفي ذات السياق أعلن مدير وكالة الاستخبارات العسكرية الأمريكية (دي آي ايه) الاميرال لويل جاكوبي يوم الجمعة أنه لم يكن في امكان الوكالة تحديد مكان وجود وحدات إنتاج الأسلحة الكيميائية في العراق في الخريف الماضي، إلا أنها لم تكن تشك في وجودها، بالإضافة إلى وجود أسلحة أخرى من الطراز نفسه. وقال في تصريح صحافي في حضور السناتور الجمهوري جون وارنر وستيفن كامبوني القائد المدني للاستخبارات في وزارة الدفاع الأمريكية بعد مشاركته في جلسة استماع برلمانية «لم يكن في امكاننا تحديد مكان وجود كل وحدات الإنتاج المتخصصة ببرنامج أسلحة الدمار الشامل في العراق، لاسيما تلك المتعلقة بالأسلحة الكيميائية». وأضاف «لكن ذلك لا يعني أنه كان لدينا شكوك حول وجود هذه البرامج». وقد تم الإدلاء بهذه التصريحات الصحافية في ختام جلسة استماع مغلقة شارك فيها جاكوبي وكامبوني ومندوبون عن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي.اي.ايه) وتسعة من أعضاء مجلس الشيوخ في لجنة القوات المسلحة التي يرأسها السناتور وارنر. وقال مسؤول في البنتاغون رفض الكشف عن هويته لوكالة فرانس برس «من الحق القول إنه لم تكن هناك معلومات جديرة بالثقة تؤكد وجود» أسلحة كيميائية. وفي أستراليا رئيس الوزراء الأسترالي جون هاورد أمس السبت أن تكون حكومته قامت بتزوير معلومات لأجهزة الاستخبارات حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، موضحا أن هذه المعلومات جاءت من الولاياتالمتحدة وبريطانيا.