وكما يبتهج الطفل الصغير بتصفيق من حوله عندما يفعل شيئاً جديداً أو مبتكراً فيصبح يكرره دوماً بمناسبة أو بدونها كذلك هو وزير الإعلام العراقي الصحاف قبل سقوط النظام الذي استطاب للضجيج الإعلامي لكلمة علوج .....!! فأصبح يبرقش بها خطبه النارية الملتهبة، ويذكرها في ثنايا جميع تصريحاته بعد أن تحول إلى بطل الساحة الإعلامية في العراق. على كل حال هذا الانشغال اللغوي والإفتنان القاموسي خاصية عربية تتصل بنسيجنا الثقافي دون شعوب العالم، فالخطب التي كانت تحوي أعداد القتلى، وأسماء المدن المدمرة، والجيوش المندحرة، لم تثر انتباه المستمعين قدر ما آثارته كلمة العلوج والطراطير.. وكأن المشاهد العربي آمن بأن جميع ما تصرح به القيادات لغو وضوضاء عندها انتقل من الاستماع إليه الى بعد لغوي آخر يعوض به فراغ الكلام. وبما أنني أنا العربية المفتونة بسحر اللغة وترياق الكلام، فلا بأس أن أنضم الى الركب وأشارك في هذا المهرجان الغريب المزدهر تحت وقع القنابل، ومرارة الخيبة. فكلمة «علج» كثيرا ما ترددت على مسامعنا كدارسين للغة والأدب العربي ولعل أشهر القصائد التي مرت بنا والتي سمعتها أيضا تتردد على لسان الوالد أطال الله في عمره، هي قصيدة ميسون بنت بحدل الكلبية، تزوجها معاوية بن أبي سفيان ونقلها من البدو الى دمشق وأسكنها قصراً من قصور الخلافة فكانت تكثر الحنين والتذكير لمسقط رأسها، فأنصت عليها معاوية فسمعها تنشد الأبيات الآتية: للبس عباءة وتقر عيني أحب الي من لبس الشفوف وبيت تخفق الأرواح فيه أحب الي من قصر منيف وبكر يتبع الأظعان صعب أحب الي من بغل زفوف وكلب ينبح الأضياف دوني أحب الي من هز الدفوف وخرق من بني عمي ثقيف أحب الي من علج عنيف فقال لها معاوية: ما رضيت ابنة بحدل حتى جعلتني علجاً، فألحقي بأهلك، فمضت الى كلب وابنها يزيد معها. «أعلام النساء - ج5». e-mail:[email protected]