السلام عليكم ورحمة الله وبركاته في العدد 11109 في 26/12/1423ه كتبت اميمة الخميس في زاويتها نوافذ وبعنوان «الذريعة» مدافعة عن الفضائيات «المظلومة» فقالت: «الفضائيات في مجتمعنا هي الشماعة التي تحمل اسباب نكستنا واعذارنا وتخلفنا و..و.. وكأننا المجتمع الملائكي الذي لا يأتيه الباطل ابداً ومن ثم جاءت الفضائيات فدمرت كل شيء». كان ذلك الدفاع استكمالاً لما سبق وكتبته في العدد 11086 بعنوان «الواجهة» حول رفض مجتمعنا كما تقول لبعض الاشياء وعزت ذلك الى الجهل بها واستدلت بتسمية المذياع في بداية ظهوره «بابن الشيطان».. ثم موقفها من الفضائيات والانترنت وتحاول اقناعنا بأنه لا موجب ابداً للقلق والخوف من تأثيرهما على المجتمع حين تقول:« على حين نصل في النهاية الى انها مجرد اوعية تعيد تصدير ما عبئت به ويتحول الامر جميعه الى ذعر غير مبرر من كل جديد وطارئ.. وان الخوف الشديد ورود الفعل العنيفة كما تقول اشارة الى هشاشة داخلية وعدم امتلاك الدروع الفكرية والنفسية التي تساعد على غربلة العالم الخارجي وفهرسته والانتماء اليه.. ثم تشبه رفض المجتمع لما لا يتوافق مع مبادئه السامية بوضع الاطفال الخدج داخل حاضنات زجاجية واقصائهم عن العالم الخارجي.. الى ان تقول: والغريب في الامر اننا نمتلك هوية ثقافية عريقة عمرها مئات السنين قادرة على المشاركة بالركب وهي حرة محلقة كنسر.. وما يحدث من عمليات التطويق والوصاية هو عملية حجر صحي لكائن مريض او عليل مزمن..». وبعد فلتسمح عزيزتنا «الجزيرة» مشكورة من خلال «عزيزتي الجزيرة» بقول ردي وليتسع صدر الكاتبة وقد شجعني على ذلك ما اقرأ من ردود القراء وتعقيباتهم حول ما يكتب وهذا لا شك من مميزات ومحاسن الجزيرة مادام القصد نبيلاً ولا تطاول فيه او تعرض لشخص الكاتب، وبما ان الكلام عن مجتمعنا الاسلامي الذي ننتمي اليه جميعاً ولله الحمد فمن حقي ومن واجبي ان ابدى ملاحظاتي حول ما يكتب عنه، واملي الا تكون الصراحة سبباً في حجبه. وفي البداية اقول: نعم.. لاشك ان كل جديد للناس منه موقف والمذياع كان في زمن لم تظهر فيه المخترعات وتنتشر وتتابع كما هي الآن لذا كان من الطبيعي جداً ان يكون ذلك الموقف منه ليس عندنا فقط بل وحتى في بلده الذي اخترع وصنع فيه. وليس صحيحاً ان مجتمعنا يرفض او يذعر - كما تقول الكاتبة - من كل جديد، فهو لم يعترض على اقتناء شيء فيه نفع ولا يتعارض مع ديننا، انما كان رفضه او بالاصح.. رفض الغيورين على دينهم ومجتمعهم لما لا خير فيه او ضرره اكبر من نفعه قياساً على {..وّإثًمٍهٍمّا أّكًبّرٍ مٌن نَّفًعٌهٌمّا..} فما النفع الذي نجده في تلك الاوعية «الفضائيات» قياساً بأضرارها ومفاسدها؟!! وما نسبة من ينتفع بهذا النفع المزعوم قياساً بمن يدمن غثاءها وضلالها ومنكراتها و..و..ويصطبغ بصبغتها؟!! نعم هي اوعية ولكن.. بم تعبأ تلك الاوعية؟ ومن هم القائمون على تعبئتها؟! ولنكن صادقين.. ماذا غنمنا منها وما الذي نرجوه ونأمله من اجيال تنشأ وتتربى وترضع وبلا فطام افرازات تلك «الاوعية» وتقيؤاتها حين اقتحمت علينا بيوتنا فصدت واشغلت بل ونزعت الحياء وقضت على الغيرة في النفوس حتى بات المرء لا يبالي بما يشاهده هو وابناؤه ونساؤه من مشاهد فاضحة مخلة؟!! ثم ماذا ننتظر مما يدعونا لنتخذ ديننا لهواً ولعباً ف «رمضان احلى مع قناة..» كما يقول اعلان احد هذه الاوعية! كل هذا ويستكثر علينا القلق والخوف منها؟!!ومثلها الانترنت فهو وان كان بحراً من نور العلم والمعرفة، الا انه محيطات تغشاها امواج من فوقها امواج وظلمات بعضها فوق بعض، والمصيبة ان النسبة الاكبر والاعظم من مستخدميه لا تجذبهم ابداً الانوار انما تستهويهم الظلمات فيغوصون في اعماقها لا من اجل صيد اللآلىء المعرفية والعلمية النافعة انما بحثاً عن المواقع العفنة والاباحية ومواطن السوء فتغرق اخلاقهم ومبادئهم في امواجها القذرة ويضيعون واسألوا ان شئتم ما يسمى بغرف الدردشة والتعارف والمقاهي واسألوا الغرف الخاصة بالمراهقين والمراهقات في بيوتهم حين يغلقونها عليهم بالساعات.. ماذا يحدث فيها؟!! بل اسألوا ماذا تفعل كاميرات الانترنت بالاعراض والاجساد..!! ولو لم يكن في الانترنت الا ما يصل الى بريده الالكتروني من دعوة الي الفاحشة والدعارة والصور الاباحية والقمار من ابناء الخنازير والقردة لكفى واني لاكاد اجزم انه لم يسلم من هذه احد من مستخدمي الانترنت! والله المستعان! ثم نقول هي مجرد «اوعية» وهل كونها اوعية يشفع لما تحتويه وان كان باطلا؟! الا انها اوعية يكون الحذر منها لا مسوغ له؟! منطق عجيب ان نستقبل ونتقبل كل ما يأتي الينا وان كان حراماً مادام في اوعية!! العجيب اننا نحكم اغلاق بيوتنا امام ذرة غبار ونحافظ على البيئة من التلوث ونعده وعياً - وهو كذلك - ونتحصن من الامراض ونخشى العدوى ثم لا نبالي بما يلوث ديننا ويفسد اخلاقنا ونعد المحافظة عليها وعلى خصوصيتنا تحجراً وتخلفاً وجهلا..!! فما بالنا؟! اتراها عميت البصائر؟! ام عجزت عن الادراك؟ ام انها اختلت الموازين وانتكست؟!! اذا لم نحافظ على ديننا ونقلق على اخلاقنا فعلى اي شيء نخاف ونقلق؟!! يهون علينا ان تصاب جسومنا وتسلم اعراض لنا وعقول ترى.. لو عبئت هذه «الاوعية» بنور الإسلام وتعاليمه وكانت قوية التأثير، الا يخشى خفافيش الظلام ذلك النور القادم؟ الا يصيب مخترعي وصانعي تلك الاوعية الذعر والقلق على ظلماتهم وباطلهم وشهواتهم؟! اهم احق يخوفهم على باطلهم منا على مبادئنا العظيمة؟! اذاً.. فرفض مجتمعنا لما يخالف مبدأه ليس هشاشة انما هو غربلة وماذا عساها ان تكون الغربلة اذا لم تكن رفض مالا يصلح؟ انما الهشاشة خلل في الايمان وضعف وتقبل لما يأفكه الآخرون واستساغة ما يفرزون كصناديق النفايات. الاقتناع التام يرفض وتجنب مما يخالف الشرع وان مالت اليه النفوس وتقبل الحق وان ثقل وكرهته النفوس صلابة وقوة ايمان وهي الدرع والوقاية وذلك ما يجب ان يكون عليه مجتمعنا الذي وان لم يكن ملائكياً الا انه سماوي رباني التعاليم والمبادئ لا يأتيه الباطل ولا يضل مادام مستمسكاً بالكتاب والسنة معتزاً بمبادئه مجتمع نظيف نقي لا تشيع فيه الفاحشة ولا تنتشر المنكرات، ولا يجاهر فيه بالسوء والمعصية كما هي حال المجتمعات البهيمية «المتقدمة» نعم لا يأتيه الباطل الا اذا اتبع سنن الغير واستبدل الذي هو ادنى بالذي هو خير. مجتمع التواصي بالحق والصبر وليس «الوصاية» ووصفه بالخداج وتشبيه حمايته بالحجر الصحي منطق انهزامي جانب الصواب. وما عساه ان يكون المجتمع الكامل؟! وما عساه يكون المجتمع السلمي المعافى؟!! ليس الخوف على نقائنا وصفائنا وتميزنا حجراً، انه ابعاد السليم عن الاجرب والمعافى عن الموبوء، انه حماية اهل القمة من التردي في الهاوية وتبعية الآخر حتى جحر الضب. وكيف يكون ما جعلنا به الله خير امة اخرجت للناس ووصف القائمين بانهم المفلحون حجراً؟!! انه الخوف على سفينة المجتمع والمحافظة عليها من ان تخرق بدعوى الحرية وبحجة «هو مكاني افعل فيه ما اشاء» وما علت الامة وسمت الا بذلك حين وجدت قوماً هم اشد حرصاً وخوفاً على دينهم واخلاقهم منهم على ارواحهم. رخصوا وبكل شدة كل ما يخالف مبادئهم، قادوا ولم يقادوا، ترفعوا عن السفاسف والقذارات وشتان بين من غايتهم العزة والمعالي ومن كل اهتماماتهم واقصى غاياتهم لهو الحديث والترفيه والرقص و.. شتان بين من يعمر اوقاته ويحيي ليله وبين من يغتال ليله ويضيع اوقاته و.. شتان بين من همه كأس وغانية ومن على القمة الشماء يحميها بأولئك سمت الامة وسادت وهابها اعداؤها وبمثلهم تسمو وتعلو وترتفع ليس كنسر يقتات الجيف ولكن كسحابة تسير بأمر ربها تحيي الارض والبلاد بعد موتها {..وّاللَّهٍ غّالٌبِ عّلّى" أّمًرٌهٌ وّلّكٌنَّ أّكًثّرّ النَّاسٌ لا يّعًلّمٍونّ} . اخيراً نحمد الله ان هيأ لنا في هذه البلاد الطيبة المباركة رجالاً يحكمون بشرعه ويهتدون بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، في مجتمع يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر، تميز عن غيره من مجتمعات كثيرة نسأل الله سبحانه ان يحفظ لنا ديننا ومجتمعنا وولاتنا وامتنا من كل سوء والحمد لله الذي اليه تصير الامور.