في مقالة بعنوان «الغضبة المضرية» لأميمة الخميس في العدد 11366 تحدثت عن التفجيرات الأخيرة في الرياض فخرجت لنا بهذه الأسئلة قائلة: «أين الغضبة المضرية التي كانت من البعض تجاه بعض المسلسلات الرمضانية؟ وأين الغضبة والحماس والزعيق والتكفير والتصريحات ضد الشاشات والفضائيات والمجلات وجميع مشاعل التنوير؟!» ثم تسأل: «أليس في السكوت عنهم تواطؤ؟ أليس في إغفالهم وإبعادهم عن خطب وأحاديث المنابر نوع من التواطؤ بل هو الرضا والتأييد الخفي؟!» ثم تقول: «معظم شيوخنا الأفاضل أشاروا إلى هذا الأمر وأدانوا فاعليه لكن ماذا عن البقية الذين يزعقون في وجوهنا ليل نهار سخطاً وغضباً وتكفيراً دون أن يشيروا من بعيد أو قريب إلى الفرقة الباغية» انتهى. وبعد... فقد كان المقال ساخطاً عنيفاً في عباراته حاداً في الفاظه متجنياً جائراً في حكمه من عدة أمور: 1- اتهام الذين «صرخوا» و«زعقوا» ورفضوا ما سمته ب(مشاعل التنوير)!!! بالرضا والتواطؤ والتأييد وإغفالهم هذا الامر -التفجيرات- في خطبهم وأحاديثهم..! فهل أرسلت العيون والآذان للمساجد والمنابر ومراكز الدعوة حتى تحكم بهذا الحكم؟! ومن جاء بهذا الخبر اليقين؟! بل هل شقت عن قلوبهم؟!! أم أنها غضبة مضرية دفاعاً عن «مشاعل التنوير» التي حذروا من شرورها، أوقعتها بسوء الظن وإلقاء التهم جزافاً وتعميمها والخلط بين من ينكر المنكرات ويغار على محارم الله ومن يؤيد التفجيرات، إن كل من غضب من بعض ما يسمى «المسلسلات الرمضانية» إنما غضب من مما يغضب الله مما لم يشعر به إلا من راقب الله وعظم شعائره فساءه التطاول على أحكامه والاعتراض عليها أو تعريضها للنقد والسخرية وكأنها أنظمة بشرية. 2- نسبة رفض «مشاعل التنوير» وبيان منكراتها والتحذير من شرورها للمتواطئين والمؤيدين للتفجيرات إيهام بأنه صادر من هؤلاء المؤيدين فلا يؤخذ ولا يعتد به وكأن علمانا ومشائخنا ودعاتنا وأهل العلم والتعليم و«التربويين» وكل الغيورين على الدين والأخلاق كأنهم لم ينكروها ولم يرفضوها ولم يحذروا من منكراتها والمحرمات التي تنشرها مما لايخفى على ذي عينين فضلاً عن أولي النهى؟! أوليس هؤلاء الذين رفضوا هذه «المشاعل» و«صرخوا» و«زعقوا» محذرين من شرورها هم أنفسهم الذين أنكروا هذه التفجيرات وبينوا حرمتها وعقدوا من أجل ذلك الندوات والمحاضرات وألقوا الخطب في المساجد وعلى المنابر وفي جميع وسائل الإعلام...؟!! إذاً فلِمَ المغالطة؟! ولِمَ التشكيك؟!! وهل «صرخ» هؤلاء وغضبوا من شاشات أو فضائيات «محترمة»؟! أو من مجلات وكتب علمية أو طبية أو اقتصادية أو ثقافية أو فكرية سليمة!. 3- «مشاعل التنوير» وصف لا يطابق موصوفه، واسم لايتوافق مع مسماه! مخالف للواقع، فأي نور في وسائل مادتها وجل ما تبثه وتنشره إن لم يكن كله ضلال وباطل؟!!! وأي تنوير أو نور فيما يسخط الله ومن زعم أنه ليس فيها ما يسخط الله فقد افترى على الله! أين هو النور وأي تنوير في فضائيات فاضحة؟! أهو تنوير بكيفية جعل الحياة بهيمية لهو ولعب أم بتخريج «النجوم» و«الأبطال»؟! وأي تنوير فيما يصد عن ذكر الله وعن استغلال مواسم الطاعات والعبادة؟! بل أي تنوير في مجلات على غلافها الأول صورة امرأة وعلى غلافها الأخير..تعال إلى حيث النكهة! ثم أي تنوير في كتب وروايات منحرفة أو في أشعار ماجنة؟!! هذه هي «مشاعل التنوير» المرفوضة، ظلمات بعضها فوق بعض! فلِمَ تُسمّى الأشياء بغير أسمائها ؟! ولماذا يُلبس الباطل لباس الحق وتخلع عليه حلة الزينة؟!! ويُرى حسناً ما ليس بالحسن؟! أهو الحكم بالظن وما تهوى الأنفس؟! أيتها الكاتبة أسألك بالله الحق الذي لايقبل إلا الحق أمقتنعة أنت بأن هذه مشاعل تنوير؟!! إننا عندما ننظر إلى أولئك الذين قاموا بالتفجيرات والقتل والتدمير فإننا نجدهم قد انحرفوا عن طريق الحق حينما اختلت مقاييسهم واضطربت موازينهم فرأوا عملهم هذا حقاً وبطولة واقتنعوا به!... ترى ما الفرق بين نظرتهم وقناعتهم تلك وبين رؤية ما يفسد الدين والأخلاق ويقضي على القيم ويخالف الحق؟! ما المقياس لدينا للحكم على الأشياء؟ أليس ديننا؟! أليس ما يُرضي الله وما يغضبه؟! 4- الألفاظ الساخطة في وصف من ينكرون هذه «المشاعل» ويحذرون من شرورها بأنهم «يصرخون» و«يزعقون» في الوجوه ليل نهار..!! لِمَ يُقال عنهم هكذا وهم لم يغضبوا من الحق ولم يغضبوا لأنفسهم وأهوائهم إنما غضبوا لله. وبعد.. ألسنا جميعاً أبناء الإسلام ولله الحمد؟! إذاً فلنكن مع الحق فنحن أهله ولندافع عنه فنحن حماته ولننشره فنحن دعاته ولنعتز به فقد شرفنا الله به ولنسخر أنفسنا وأقلامنا للذود عن حياضه ودفع التهم عنه. إن القارئ ليأمل أن يطل من خلال «نوافذ» على مايزيده تمسكاً بدينه واعتزازاً بمبادئه وقيمه وإنه ليسره أن يطلع على مايكون فيه صلاح مجتمعه وخير أمته. جعلنا الله جميعاً ممن يرون الحق حقاً ويتبعونه ويدعون إليه ويرون الباطل باطلاً فيجتنبونه وينهون عنه. حفظ الله لنا ديننا ووطننا وولاتنا ووفقنا جميعاً لكل خير. والحمدلله الذي إليه تصير الأمور. يحيى بن محمد الغفيلي