لعل موضوع هذا الكتاب قد تطرقت إليه الكثير من كتب العمارة العربية الإسلامية على مدى العقود الماضية. وقد يبدو للوهلة الأولى على أنه تكرار أو اجترار للموضوع، إذ يشكل موضوع العمارة الإسلامية محوراً افتتاحياً يكاد يكون رئيساً في طرق العمارة العربية وعمارة الشرق الأوسط بشكل عام، بالإضافة إلى مختلف الدراسات الافتتاحية التي تعالج أيضاً موضوعات البيئة العمرانية، أو تتبع النظم والأنماط البنائية من جهة، أو ظهور ونمو أنماط تقليدية دون أخرى. كذلك يعتبر ركناً أساسياً لدى دراسة وطرق موضوعات متعلقة بعلوم الاجتماع ومتعلقاتها بشؤون العمران والتخطيط والتصميم الحضري وأثر السلوكيات الاجتماعية في سيادة أعراف وتقاليد ونظم وقوانين اجتماعية في فترة ما دون أخرى في مجتمع ما ضمن الفترة العربية الإسلامية على طول امتداد العالم الإسلامي. بيد أن ذلك ليس هو الحال إذا ما أخذنا كل هذه المجالات الواسعة لطرق هذا الموضوع. ومن هنا تتجلى أهمية موضوع هذا الكتاب والزاوية التي يطرق هذا الكتاب موضوع العمارة الإسلامية وأنه ينبغي له أن لا يكون اجتراراً لما سبق خصوصاً مع صدوره قبيل مطلع القرن الحادي والعشرين، فما هو الجديد والمفيد في هذا الكتاب لمن ومضت في ذهنه هذه الخاطرة؟ بداية فإن هذا الكتاب الذي يقع في ما يزيد عن المائتي صفحة من القطع المتوسط يمتاز باحتوائه على صور لأبرز الأمثلة من روائع العمارة الإسلامية مما لم يشاهد من قبل في أي كتاب سابق، وإلى جانب الطباعة العالية والصور الملونة الوفيرة هناك سرد متسلسل سلس لتتبع قصة العمارة الإسلامية منذ ظهور الإسلام إلى اليوم. ولذا فقد اعتمد المؤلف تقسيم الكتاب إلى التصنيفات التالية التي يقع بها موضوع الكتاب وهي اثني عشر فصلاً، يستهل الكتاب الفصل الأول بمقدمة نظرية حول العقيدة الإسلامية التي انطلقت منها مناحي البيئة العمرانية والتي تشكل حسب منظور الكتاب الأساس لفكرة العمارة الإسلامية. ويستطرد بالفصل الثاني طرح مفهوم العلاقة الجدلية بين الشكل والوظيفة في العمارة الإسلامية وأساسها العقائدي. وبالتسلسل الزمني الخطي يبدأ الكتاب بالعمارة الإسلامية في الفترة الأموية والتي تركزت بالدرجة الأساسية في بلاد الشام مروراً بالقاهرة الفاطمية والمملوكية وعمائر شمال أفريقيا، ومن ثم العمارة السلجوقية في إيران والأناضول. الفصل التاسع يعالج العمارة في الفترة العثمانية، ويمتد في فصليه التاليين باستعراض العمارة في إيران والهند وباكستان وأفغانستان وسمرقند وجنوب شرق آسيا قبل أن يختم بلائحة واسعة من أبرز المراجع المفيدة التي تهم الدارس للرجوع والاستزادة من أي من الموضوعات التي تطرق إليها الكتاب. وحري بالملاحظة أن الكتاب رغم وقوعه ضمن قائمة الكتب التي تعالج تاريخ العمارة، إلا أن فصوله الاثني عشر قاصرة عن استعراض مفصل شامل للعمائر الإسلامية بتلك الفترة، ولا عجب إذ يتطلب ذلك موسوعة. إنما الكتاب مفيد كما يدل عنوانه في استعراض قصة العمارة الإسلامية من زاوية نظر جديدة يحاول الكتاب طرحها. وهو مفيد لاقتنائه ضمن زاوية كتب تاريخ العمارة الإسلامية للقارىء المهتم والباحث أيضاً فيما يطرحه من آراء مختلفة تشكل لدى مقارنتها مع وجهات نظر أخرى قاعدة وأساساً لأفكار ومناقشات وأبحاث مفيدة.