ما الذي يدفع شاباً في أستراليا أو في بريطانيا وفي عواصم أوروبية عديدة إلى التظاهر ضد شن حرب على العراق. وما الذي يجعل متظاهراً أمريكياً يحتج ضد حكومته ورئيسه الذي انتخب ديموقراطياً من قبل أغلبية الأمريكيين. لا شيء سوى وحدة الانتماء الإنساني ورد عملي وحقيقي على دعاة صراع الحضارات فالمتظاهرون الذين ينبذون الحرب لا يعارضون ذلك لأن العراق هو المستهدف، بل لأن الانتماء الإنساني يفرض عليهم منع إيذاء الآخرين ومواجهة النزعات العدوانية وهؤلاء المعارضون للحروب هم شريحة كبيرة في المجتمعات الغربية وبالذات في المجتمع الأمريكي، ولهذا فإنه من الظلم والإجحاف لهؤلاء الذين يدافعون عن إنسانيتهم بالتظاهر ضد شن حرب على شعب آخر.. نقول إن من الظلم والإجحاف أن يُشمل الأمريكيون جميعاً عند الحديث عن السياسة الأمريكية وانحيازها في التعامل في مسألة الصراع العربي والإسرائيلي، وإصرار الإدارة الأمريكية على شن حرب ضد العراق. ولقد وقع العديد من الكتاب وخاصة أصحاب المقالات السريعة في الصحف في خطأ كبير في مهاجمتهم للولايات المتحدةالأمريكية بصفة مطلقة، رغم علمهم بأن أمريكا أمة كبيرة، متعددة الاعراق، ومتنوعة الأصول والمصالح، وإذ كان هناك اختلاف في الرؤى السياسية مع المؤسسات الأمريكية التي تدير الولاياتالمتحدةالأمريكية، كمؤسسة الرئاسة والدوائر الرسمية الأخرى، كمجلس الأمن القومي الأمريكي والبنتاغون وحتى وزارة الخارجية.. ويمكن الاختلاف مع الدوائر السياسية التي لها أهداف ومصالح تتطلب دفع الإدارة الأمريكية لاتخاذ مواقف معادية ضد العرب والمسلمين. وأكثر من ذلك يمكن ويجب أن نعارض الدوائر والمصالح المتحكمة في القرار الأمريكي كاليمين المسيحي وشركات التصنيع العسكري واللوبي الصهيوني.. يمكن أن نواجه كل ذلك.. ولكن يجب ألا نشمل كل أمريكي في معارضتنا ومواجهتنا، ففي العديد من شرائح المجتمع الأمريكي من يؤيدنا ويساند قضايانا، ولا نحتاج سوى أن نصل إلى تلك الشرائح ونشرح لهم عدالة قضايانا وحقوقنا المسلوبة ويكفي للتدليل على ذلك أن أكثر من عشرة آلاف أكاديمي ومثقف أمريكي قد يوجهون خطاباً مشتركاً للرئيس جورج بوش لحثه على عدم شن حرب على العراق.. وهؤلاء شريحة النخبة المثقفة التي ستؤثر على غيرها من الشرائح الأخرى إذا ما أحسنّا التعامل ومخاطبة الأمريكيين دون أن نهاجم الجميع.