آآه، ما أشد الفقد.. وآآه، آآه ما أقساه دون وداع.. حين يرحل الأقارب والأصحاب تصبح القلوب رهينة للحزن.. وتصبح العقول خاملة عن التفكير.. وتذرف العين الأدمع.. ويتألم الجسد ويشكو.. وما أقساه حين يتألم وأنت وحدك ..لا معزي لك.. ولا أحد يعلم عن شعورك.. فقط تبكي رحيل من كان قربه يؤنسك.. ومحادثته عبارة عن درس في هذه الحياة.. وسماع صوته يشعرك بعمق الصداقة.. وضحكته تنسيك ما أهمك. في لحظة قاسية لم تخطر ببال.. قالوا سمعنا شائعة تتردد.. عادل التويجري غادر الدنيا.. هكذا قالوها.. قالوها دون أي إحساس بالألم الذي قد يعتصر قلبي.. ويشل تفكيري.. لم أتمالك نفسي لحظة.. قلت غير صحيح.. هذا لا يمكن.. أدرت الهاتف واتصلت به.. تمنيت لو كنت أنا من يزف البشرى لهم.. وأقول أنتم تكذبون.. ولكن هاتفه المغلق جعلني ارتعش.. عدت الاتصال مراراً وتكراراً.. وفي كل مرة أُمنّي نفسي بالرد.. قلت بأنه كعادته يغلق هاتفه ولكنه ما يلبث إلا أن يتصل ويقول وضحكاته تسبق كلامه: هلا أبو خالد.. ولكن هذه المرة لم يتصل.. نزلت دمعتي دون شعور.. كيف أفقد من كان يوجهني وينصحني كأخ له.. رن هاتفي.. ولكن هذه المرة لم يكن عادل التويجري.. بل صاحب ذلك الهاتف قال لي.. صديقك رحل.. انهالت الدموع.. وأُصبت بحالة انبهار.. كيف حدث ذلك.. أيرحل بهذه السهولة، أيرحل دون وداع أو حتى كلمة يجبر بها قلب أصبح بفراقه مكسورا. لم يكن عادل التويجري بالنسبة لي زميلا فقط.. بل كان زميلا وصديقا وأخا قريبا.. جمعتني به سنوات طويلة، كان فيها حريصا على نجاحي في الإعلام، وفي كل نجاح لي يتواصل ويبارك لي. لقد فقدت برحيل أبا غيداء صديقا وفيا.. وزميلا عزيزا.. وأخا كبيرا.. ولكنه سيظل في قلبي.. ولن يغادر هذا القلب الذي حمل له من التقدير والإجلال ما الله به عليم. اللهم لا اعتراض على قضائك وقدرك.. فنحن نعلم بأن هذه الحياة ما هي إلا رحلة قصيرة.. تُطوى صفحاتها بسرعة البرق.. ندخلها مع باب ونخرج منها مع الباب الآخر وكأن شيئا لم يكن.. وهذه سنة الله في خلقه.. ولكن موت الفجأة مؤلم.. مؤلم بالقدر الذي ينهك الجسد ويجعلك تتذكر تفاصيل التفاصيل مع من فقدت. نعم.. فقدت عادل وحزنت على رحيله كما يحزن الأخ على أخيه.. ولكن هذا الفقد جاء في شهر فضيل.. وفي ليلة مباركة.. ولأن الله كريم.. فقد انهالت الدعوات على روح عادل.. وسخر الله له من عبيده من يدعو له.. ويتصدق بنيته.. وبنيت باسمه المساجد.. وأُغلقت في منصة إحسان حالات سُجلت باسمه.. كل هذا قد وأقول قد يخفف ألم الفراق المفجع. لقد كان عادل التويجري كالطود العظيم.. شامخا في مجاله.. لم يخطئ على أحد.. ولم يسبق له أن أساء لكيان.. احترم الجميع.. فاحترمه الجميع.. كان كاتبا مخضرما.. وأصبح متحدثاً في البرامج الرياضية لا يُشق له غبار.. صاحب حجة قوية.. ولسان عف.. ويد خيّرة.. وعطاء عظيم. لله ما أخذ وله ما أعطى.. وكل شيء عنده بقدر.. رحمك الله يا أبا غيداء وغفر لك وجمعنا بك في جنات النعيم.. وألهمنا الصبر والسلوان.. ستظل ذكرى خالدة في قلب صديق سيلهج لك بالدعاء مع كل طيف وذكرى لك تمر عليه. ** **