المرأة المسلمة هي الركيزة الاساسية في بناء الاسرة وصلاح المجتمع، فكما قال أحد الدعاة الفضلاء «المرأة نصف المجتمع وهي تلد النصف الآخر»، وبالتالي أصبحت المجتمع كله، فلماذا كل هذه الحملات المغرضة المشبوهة على المرأة التي هي الأم والزوجة والأخت والبنت، ولماذا يريدون تغريبها وإبعادها عن دينها، ومع ذلك فإننا نجد الصالحات، المؤمنات التقيات العفيفات القابضات على الجمر يحافظن ويتمسكن بدينهن رغم كل الفتن والشبه؟! كل هذا بإذن الله سنعرفه في معرض حديث الشيخ الدكتور محمد العريفي عن القابضات على الجمر. رسالة وذكرى في مستهل حديثه يخاطب الشيخ العريفي المرأة المسلمة القابضة على الجمر يذكرها ويضع ميزان الاحتساب نصب عينيها فيقول فضيلته: هذه رسالة إلى القابضات على الجمر، رسالة إلى اولئك الفتيات الصالحات والنساء التقيات رسالة إلى اللاتي شرفهن الله بطاعته وأذاقهن طعم محبته، حديث إلى حفيدات خديجة وفاطمة وأخوات حفصة وعائشة، هذه أحاسيس تبث إلى من جعلن قدوتهن أمهات المؤمنين وغايتهن رضا رب العالمين إلى اللاتي تركن الوقوع في الشهوات ومشاهدة المحرمات وسماع المعازف والاغنيات خوفاً من يوم تتقلب فيه القلوب والابصار، هذه وصايا إلى الفتيات المباركات العفيفات اللاتي يأمرن بالمعروف وينهين عن المنكر ويصبرن على ما يصيبهن، هذه همسات إلى حبيبة الرحمن التي لم تجعل همها في القنوات وتقليب المجلات ومتابعة آخر الموضات، وإنما جعلت الهموم هماً واحداً هو هم الآخرة، هذه رسالة إلى تلك المؤمنة العفيفة التي كلما ازداد الفساد حولها رفعت بصرها إلى السماء وقالت: يا مقلب القلوب والابصار ثبت قلبي على دينك، هذه رسالة إلى القابضات على الجمر اللاتي عناهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله :(يأتي على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر) هذه كلمات إلى القابضات على الجمر لأذكرهن بمن تقدمهن إلى طريق الجنة ممن تركن لذة الحياة وحملهن هم الدين فضاعف الله تعالى لهن الحسنات وكفر عنهن السيئات ورفع لهن الدرجات حتى سبقن كثيراً من الرجال. القابضات على الجمر (169) فّرٌحٌينّ بٌمّا آتّاهٍمٍ الله مٌن فّضًلٌهٌ وّيّسًتّبًشٌرٍونّ بٌالَّذٌينّ لّمً يّلًحّقٍوا بٌهٌم مٌَنً خّلًفٌهٌمً أّلاَّ خّوًفِ عّلّيًهٌمً وّلا هٍمً يّحًزّنٍونّ (170)} . شروط ومواصفات (18) وّمّا أّدًرّاكّ مّا عٌلٌَيٍَونّ (19) كٌتّابِ مَّرًقٍومِ (20)يشًهّدٍهٍ المٍقّرَّبٍونّ (21)} . ولكن لن تصلي إلى الجنة إلا بمقاومة الشهوات، فلقد حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات، فاتباع الشهوات في اللباس والطعام والشراب والاسواق طريق إلى النار كما قال صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :(حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات)، فاتعبي اليوم وتصبري لترتاحي غداً، فإنه يقال لأهل الجنة يوم القيامة :{سّلامِ عّلّيًكٍم بٌمّا صّبّرًتٍمً فّنٌعًمّ عٍقًبّى پدَّارٌ } ، أما أهل النار الذين ما تركوا لذة لوجه الله ولا هجروا الشهوات خوفاً من الله فإنهم يقال له في النار: {أّذًهّبًتٍمً طّيٌَبّاتٌكٍمً فٌي حّيّاتٌكٍمٍ الدٍَنًيّا وّاسًتّمًتّعًتٍم بٌهّا فّالًيّوًمّ تٍجًزّوًنّ عّذّابّ الهٍونٌ } ، هذه أولى القابضات على الجمر ثبتت على دينها برغم الفتن العظيمة التي أحاطت بها، فعجب والله لفتيات لا تستطيع إحداهن الثبات على تعاليم الدين واعظمها اقامة الصلاة فلا تزال تتساهل بأدائها حتى تتركها فتكفر، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي :(العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). ومن تركت الصلاة خلدها الله في النيران وعذبها مع الشيطان وأبعدها عن النعيم وخلدها في الجحيم :{تٌلًكّ حٍدٍودٍ الله وّمّن يٍطٌعٌ الله وّرّسٍولّهٍ يٍدًخٌلًهٍ جّنَّاتُ تّجًرٌي مٌن تّحًتٌهّا الأّنًهّارٍ خّالٌدٌينّ فٌيهّا وّذّلٌكّ الفّوًزٍ العّظٌيمٍ} ، ذكر الإمام الذهبي في الكبائر أن امرأة ماتت فدفنها أخوها فسقط منه كيس فيه مال في قبرها فلم يشعر به حتى انصرف إلى بيته ثم ذكره فرجع إلى القبر ثم لما بدأ ينبش التراب ويرفعه فلما وصل إلى جسدها وجد القبر يشتعل عليها ناراً ففزع الرجل مما رأى ثم رد التراب عليها ورجع إلى أمه فزعاً فقال لها يا أماه أخبريني عن حال أختي وماذا كانت تعمل فقالت: وما سؤالك عن ذلك؟ قال: إني والله رأيت قبرها يشتعل عليها ناراً فبكت الأم وقالت: كانت أختك تتهاون بالصلاة وتؤخرها عن وقتها، هذا حال من كانت تؤخر الصلاة عن وقتها، فكيف حال من لا تصلي، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري أنه رأى في المنام عذاب من يؤخر الصلاة عن وقتها فقال صلى الله عليه وسلم : أتاني الليلة آتيان وانهما ابتعثاني فانطلقت معهما فإذا رجل مضطجع واذا آخر قائم عليه بصخرة، واذا هو يهوي بالصخرة على رأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر ويقوم الرجل يتبع الحجر فإذا أخذه ورجع فإذا رأسه عاد كما كان فيثلغ رأسه مرة أخرى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: سبحان الله ما هذا؟! قال الملكان: هذا الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة، قال تعالى :{كّذّلٌكّ العّذّابٍ وّلّعّذّابٍ الآخٌرّةٌ أّكًبّرٍ لّوً كّانٍوا يّعًلّمٍونّ} . أما ثانية القابضان على الجمر، فقد كانت ملكة على عرشها على اسرة ممهدة وفرش منضدة بين خدم يخدمون وأهل يكرمون، لكنها كانت مؤمنة بالله تكتم إيمانها إنها آسية امرأة فرعون، كانت في نعيم مقيم فلما رأت قوافل الشهداء تتسابق إلى أبواب السماء اشتاقت لمجاورة ربها وكرهت مجاورة فرعون، فلما قتل فرعون الماشطة المؤمنة التفت إليها وقال لها: قد رأيت الموت ما فعلنا بها فصاحت آسية وقالت: الويل لك ما أجرأك على الله، ثم أعلنت إيمانها بالله فغضب فرعون وأقسم لها لتذوقن الموت أو لتكفرن بالله، ثم أبت ذلك فأمر بها فمدت بين يديه على لوح ثم ربطت يداها وقدماها في أوتاد من حديد وأمر بضربها فضربت حتى بدأت الدماء تسيل من جسدها واللحم ينسلخ من عظامها فلما أشتد عليها العذاب وعاينت الموت رفعت بصرها إلى السماء وقالت :{رّبٌَ ابًنٌ لٌي عٌندّكّ بّيًتْا فٌي الجّنَّةٌ وّنّجٌَنٌي مٌن فٌرًعّوًنّ وّعّمّلٌهٌ وّنّجٌَنٌي مٌنّ القّوًمٌ الظَّالٌمٌينّ } ، فارتفعت دعواتها إلى السماء، قال ابن كثير :«فكشف الله تعالى أبواب السماء فرأت بيتها في الجنة فلما رأت ما ينتظرها من النعيم تبسمت فقال فرعون انظروا إلى المجنونة تتبسم وهي تعذب ثم انطلقت روحها إلى بارئها ، {إنَّ الذٌينّ آمّنٍوا وّعّمٌلٍوا الصَّالٌحّاتٌ إنَّا لا نٍضٌيعٍ أّجًرّ مّنً أّحًسّنّ عّمّلاْ}. تساؤلات مهمة (78)كّانٍوا لا يّتّنّاهّوًنّ عّن مٍَنكّرُ فّعّلٍوهٍ لّبٌئًسّ مّا كّانٍوا يّفًعّلٍونّ }ولا تخجل المرأة من ذلك، فالدعوة تحتاج الى جرأة في اولها ثم تفرح في آخرها. الانقياد والاستسلام وهنا يشير فضيلة الشيخ العريفي الى ان القابضات على الجمر لهن صفات وسمات هي التي تجعلهن من اهل الرضا باذن الله تعالى فيقول: ان الصالحات القابضات على الجمر اذا اتى احداهن الامر من الشريعة اطاعت وسلمت ولم تعترض ولم تخالف او تبحث عن مخارج، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما عند البخاري:« كل امتي يدخلون الجنة الا من ابى، قالوا: ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: من اطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد ابى»، فأين تلك الفتيات الصالحات اللاتي تقدم احداهن محبة الله ورسوله على هواها، فاذا سمعت الامر من الله قدمته على كل احد بل قدمته على ما تزينه لها صديقاتها. قالت عائشة رضي الله عنها، كما عند ابي داود: والله ما رأيت افضل من نساء الانصار، اشد تصديقاً بكتاب الله ولا ايماناً بالتنزيل، لقد انزل في سورة النور الامر بحجاب المؤمنات، فقال تعالى:{.. وّلًيّضًرٌبًنّ بٌخٍمٍرٌهٌنَّ عّلّى" جٍيٍوبٌهٌنَّ وّلا يٍبًدٌينّ زٌينّتّهٍنَّ..} ، قالت عائشة فسمعها الرجال من النبي صلى الله عليه وسلم فسمعها الرجال من النبي صلى الله عليه وسلم، ثم انقلبوا الى اهليهم يتلون عليهن ما انزل الله فيهن، يتلو الرجل على امرأته وابنته واخته وعلى كل ذات قرابة، فما منهن امرأة الا وقامت الى مرطها، وهو كساء من قماش الذي تلبسه النسوة، قامت اليه ثم لفته على رأسها واعتجرت به، وقامت بعضهن التي كانت فقيرة، ولم يكن عندها كساء، قامت بعضهن الى ازرهن ثم شقتها ثم اختمرت بها وغطين وجوههن، قالت عائشة: تصديقاً وايماناً بما انزل الله في كتابه، فأصبحن وراء النبي صلى الله عليه وسلم معتجرات قد لففن الحجاب علي رؤوسهن ووجوههن كأن على رؤوسهن الغربان. بل قد نهى الله تعالى اولئك الاخيار ان يكلموا زوجات النبي صلى الله عليه وسلم الا من وراء حجاب، قال تعالى:{..وّإذّا سّأّلًتٍمٍوهٍنَّ مّتّاعْا فّاسًأّلٍوهٍنَّ مٌن وّرّاءٌ حٌجّابُ..}، لماذا؟! قال تعالى:{..ذّلٌكٍمً أّطًهّرٍ لٌقٍلٍوبٌكٍمً وّقٍلٍوبٌهٌنَّ..} . القابضات على الجمر يتسابقن الى الاعمال الصالحات صغيرها وكبيرها، و لهن في كل ميدان سهم، ولا تعلم المرأة ماهو العمل الذي به تدخل الى الجنة فلعل شريطاً توزعه في مدرسة او نصيحة عابرة تتكلم بها يكتب الله بها لها رضاه الى يوم تلقاه، ولقد اخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان امرأة بغياً من بني اسرائيل كانت تمشي في صحراء، فرأت كلباً بجوار بئر يصعد عليه تارة، ويطوف به تارة في يوم حار، قد ادلع لسانه من العطش، وكاد يموت من العطش، فلما رأته هذه البغي التي طالما عصت ربها وغوت غيرها، ولما رأت هذا الكلب نزعت خفها ثم ربطته بخمارها، ثم انزلته في البئر ودلته في الماء حتى ملأته ماءً ثم سقت هذا الكلب، فغفر الله لها. وروى مسلم عن ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها انه جاءتها مسكينة تحمل ابنتين لها، فقالت: يا ام المؤمنين إني مسكينة، والله ما دخل بطوننا طعام منذ ثلاثة ايام، فدخلت عائشة الى البيت، ثم بحثت في بيت النبي صلى الله عليه وسلم عن طعام تتصدق به، فلم تجد الا ثلاث تمرات، فأعطت هذه الثلاث تمرات للمسكينة، ففرحت بها تلك المسكينة، ثم أعطت كل واحدة من الصغيرتين تمرةً ورفعت الى فيها تمرة لتأكلها فكانت البنتان لفرط الجوع اسرع الي تمرتيهما من الام الى تمرتها فأكلتا تمرتيهما ثم رفعتا ايديهما تريدان التمرة التي في يد الام، نظرت الام اليهما، ثم شقت التمرة الباقية بينهما. قالت عائشة رضي الله عنها: فأعجبني حنانها، ثم ذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:« ان الله قد اوجب لها بها الجنة او اعتقها من النار»، فالقابضات على الجمر يتسابقن الى الطاعات، وان كانت يسيرة صغيرة، والاعظم من ذلك هو الحذر من المعاصي صغيرها وكبيرها وعدم التساهل بها، فلقد قال الله تعالى:{..وّتّحًسّبٍونّهٍ هّيٌَنْا وّهٍوّ عٌندّ الله عّظٌيمِ } ، واخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين انه رأى امرأة تعذب في النار، في هرة حبستها، فلا هي التي أطعمتها اذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الارض حتى ماتت الهرة هزلاً قال صلى الله عليه وسلم:« فلقد رأيتها في النار والهرة تخدشها»، وروى البخاري انه قيل للنبي صلى الله عليه وسلم:« يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتتصدق، لكنها تؤذي جيرانها بلسانها، فقال عليه الصلاة والسلام: لا خير فيها هي من اهل النار، وقالوا يا رسول الله، وفلانة تصلي المكتوبة، الصلوات المفروضة وليس لها نوافل وتتصدق بأنوار «اي بأجزاء يسيرة من الطعام» ولا تؤذي احداً، فقال صلى الله عليه وسلم: هي من اهل الجنة». اما القابضات على الجمر في هذا الزمان فتعلم الواحدة منهن ان الحرب الموجهة اليها حرب ضروس يريدون منها استعبادها، وهتك عرضها، باسم الحرية والمساواة. ذكر اصحاب السير ان اليهود كانوا يساكنون المسلمين في المدينة وكان يغيظهم نزول الامر بالحجاب، وتستر المسلمات، ويحاولون ان يزرعوا الفساد والتكشف في صفوف المسلمات، فما استطاعوا، وفي احد الايام جاءت امرأة مسلمة الى سوق يهود بني قينقاع، وكانت عفيفة مستترة، فجلست الى صائغ منهم فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها وودا لو يتلذذون بالنظر الى وجهها او لمسها والعبث بها، كما كانوا يفعلون قبل ذلك ان تكرم بالاسلام فجعلوا يريدونها على كشف وجهها ويغرونها لتنزع حجابها فأبت وتمنعت، فغافلها الصائغ وهي جالسة واخذ طرف ثوبها من الاسفل وربطه الى طرف خمارها المتدلي على ظهرها فلما قامت ارتفع ثوبها من ورائها وانكشفت سوأتها فضحك اليهود منها فصاحت المسلمة العفيفة فلما رأى ذلك رجل من المسلمين سل سيفه ثم وثب على ذلك الصائغ فقتله، فشد اليهود على المسلم وقتلوه، فلم علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، وان اليهود قد تعرضوا للمسلمات جاء ثم حاصرهم حتى ضيق عليهم واستسلموا، فلما نزلوا على حكمه، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام ان يؤدبهم وان ينكل بهم وان يقتلهم وان يثأر لعرض المسلمة العفيفة، قام اليه رأس المنافقين عبدالله بن ابي سلول قام فقال: يا محمد، احسن الى موالي اليهود وكانوا انصاراً له في الجاهلية، فاعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم وابى، اذ كيف يطلب العفو عن اقوام يريدون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا، فقام ذلك المنافق مرة اخرى، قال: يا محمد احسن اليهم، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم صيانة لعرض المسلمات وغيرة لعرض العفيفات، فغضب ذلك المنافق ثم ادخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم وجره، وهو يردد، احسن الى موالي، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم والتفت اليه وصاح به وقال: هم لك، ثم عدل النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلهم، لكنه اخرجهم من ديارهم وطردهم في البلاد لانهم حاولوا ان يهتكوا عرض امرأة مسلمة واحدة. إن الصالحات القابضات على الجمر عفيفات مستورات تموت احداهن ولا تهتك سترها، بل ذكر ابن عبدالبر في كتابه الاستيعاب، إن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانت دائمة الستر والعفاف، فلما حضرها الموت فكرت في حالها، وقد وضعت جثتها على النعش والقي عليها الكساء، فالتفتت الى اسماء بنت عميس وقالت يا اسماء، اني قد استقبحت ما يصنع بالنساء، انه ليطرح على جسد المرأة الثوب فيصف حجم اعضائها لكل من رأى، فقالت اسماء: يا بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، انا اريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة، قالت: فماذا رأيت؟! قالت اسماء: اريكيه الآن، ثم دعت اسماء بجريدة نخل رطبة ثم حنتها حتى صارت مقوسة كالقبة ثم طرحت عليها ثوباً، وقالت : يجعل فوق جسدك وانت على النعش مثل هذا الجريد فلا يرى الناس الا هذه القبة ولا يرون تفاصيل جسدك، فقالت فاطمة: والله ما أحسن هذا واجمله، تعرف به المرأة من الرجل، فلما توفيت فاطمة جعل لها مثل ذلك، هذا حرص فاطمة على الستر وهي جثة هامدة، فكيف لما كانت حية. القابضات على الجمر لا تعيش احداهن لنفسها فقط، بل تحمل هم هذا الدين ليس هم احداهن لباسها وحذاؤها وتسريحة شعرها، وانما همها الاكبر كيف تخدم هذا الدين، اذا رأت عاصية فكيف تنصحها، تجدين انها مباركة اينما كانت تفيد النساء في مجالسهن، توزع عليهن الاشرطة النافعة، فهي احسن الناس قولاً:{وّمّنً أّحًسّنٍ قّوًلاْ مٌَمَّن دّعّا إلّى الله وّعّمٌلّ صّالٌحْا وّقّالّ إنَّنٌي مٌنّ المٍسًلٌمٌينّ }. القابضات على الجمر هن نساء صالحات تغض احداهن بصرها عن النظر الى الرجال بل وتغض بصرها عن النظر الى من قد تفتن بها من النساء، عفيفات لا يتساهلن بالصغائر لانها ذريعة الى الكبائر. [email protected]