من العناوين ما يكون موفقاً كل التوفيق في الدلالة على المعنى المراد، والهدف المنشود، وفي إصابة عين الحقيقة وقلبها وجميع جوارحها، ومن العناوين ما يكون جميلاً في إيقاعاته، دقيقاً في عباراته، صادقاً في إيحاءاته مختصرَ الكلمات، مفيداً معبّراً عن الموضوع الذي سُمِّي به. هكذا برز أمامي هذا العنوان الجميل «كن داعياً» وهل يكون المسلم الحق إلاّ داعياً إلى الخير، مرشداً إليه، مسترشداً به؟؟. «كن داعيا» فعل امر صريح، ولكنه يحمل في طياته معاني التوجيه، والأمل، والحث على ان يكون المسلم داعيا. الأمر هنا في «كن داعيا» يخرج عن معنى الامر المجرد الى المعاني التي ذكرناها ولهذا كان «عنوانا» موفقا كل التوفيق. ان المتابع لهذا البرنامج الجميل الذي يحمل هذا الاسم، منذ ان بدأ بأول معرض لوسائل الدعوة الى الله عز وجل في المنطقة الشرقية قبل عامين، مرورا بالمعرض الثاني الذي اقيم في جدة العام الماضي، وصولا الى المعرض الثالث الذي اقيم هذا العام «1423ه» في الرياض، يشعر ان الفكرة كانت - بفضل الله - ناجحة، وان تفاعل الناس معها كان كبيرا، وان باب التجديد في الوسائل مفتوح على مصراعيه، ندخل منه الى انواع كثيرة من وسائل يستحدثها الانسان في كل عصر بحسب ما يتيح له الله عز وجل من مجالات العلوم المختلفة التي تتطور بصورة مذهلة في عصرنا هذا، ولأن المسلم في هذا الزمن شغل بأمور كثيرة تتعلق بمشاغل الحياة الدنيا التي تشبه الطوفان حينما يجتاح ما يواجه امامه، ولا يتيح لمن يواجهه ان يكفر في شأن نفسه، واذا كان هذا العصر بمخترعاته المتعددة ووسائله المتطورة، قد اتاح لطوفان لذائذ الحياة ومتعها ان يجتاح كثيرا من الناس، فاننا نحن المسلمين، خليقون بأن ننقذ الغافلين، من هذا الطوفان الجارف، وان نوجِّهه - بما منحنا الله من وضوح المنهج وقوة اليقين - توجيها ينفع الناس ولا يضرهم، ويدفعهم الى النجاة ولا يهلكهم. ان مسؤولية توجيه المسلمين الى شاطىء النجاة تقع على عاتق أهل العلم والدعوة، والرؤية الشرعية السليمة، ولا يصح ان يفرط فيها من لديه قدرة على ان يكون «داعيا». وما دمنا نعيش في عصر الوسائل المذهلة، والاساليب الحديثة فإن مسؤولية الدعوة الى الله توجب علينا ان نبادر الى الافادة من تلك الوسائل والاساليب وفق تعاليم ديننا الحنيف. لقد اصبح من الممكن - كما نعلم - ان يصل صوت الداعية الى الله في لحظة حديثه مباشرة الى ملايين المستمعين من خلال جهاز مذياع او شاشة تلفاز، او شريط مسموع أو مشاهد، أو من خلال شاشات «الانترنت» التي تزحف بصورة لافتة للنظر الى نسبة كبيرة من البيوت، والمنتديات. ونحن هنا - في المملكة - جديرون بهذا الدور الدعوي الكبير، مسؤولون عن استخدام هذه الوسائل، والافادة من تلك الاساليب، وليس من اللائق بدورنا الريادي في الدعوة ان ننصرف عنها بشواغل الحياة الدنيا مهما كانت أهمّيتها ومتعتها. «كن داعياً» دعوة صريحة الى كل مسلم ان يراجع نفسه ويقوم بدوره في الدعوة الى الله عز وجل، وزيارة المعرض مهمّة لأنها تربط الانسان بمعاني هذا العنوان، وتجعله يعيش اجواء الوسائل الدعوية مباشرة - ولاشك - أن هذا سيوقظ في نفسه الشعور بأهمية ان يكون داعياً. من هنا - من ريشة هذا القلم الدافق - نرفع دعوة صادقة الى الله ان يوفق المسلمين للقيام بواجبهم الدعوي، وأن يجزي القائمين على برنامج «كن داعياً» خير الجزاء. إشارة: أراكم تنظرون، وأيُّ جَدْوَى لنظرتكم إذا غفت القلوب ستطحنكم مؤامرة الأعادي