أحدث دخول الإنترنت في المملكة عدداً من التغيرات الاجتماعية والثقافية بل وأدى إلى ظهور بعض المفاهيم الجديدة التي قد تكون صحيحة أو خاطئة، والزواج الذي ارتبط بمجتمعنا المحلي بفكرة الخطبة التقليدية بواسطة الأهل وأحياناً «الخاطبة» كان أحد الرموز التي تأثرت بتكنولوجيا القرن. ومن المعروف ان المجتمع السعودي هو مجتمع محافظ بني على التعاليم الدينية الإسلامية ولا يجيز الاتصال المباشر بين المرأة والرجل إلا من خلال شروط وضوابط دينية معينة لكي لا يحدث أمرٌ يسيء لهما أو يقترفان بسببه معصية وذنباً. ولكن بعد عصر الإنترنت اصبحت هذه التعاليم والتقاليد من الماضي نوعاً ما. فهناك لقاء يومي وحديث متواصل بين الجنسين على ساحات الإنترنت والمحادثات الفورية أو من خلال رسائل البريد الإلكتروني وباتفاق مباشر من الطرفين وبعض من هذه المحادثات انتهت بالزواج وكان وسيط الطرفين جهاز الكمبيوتر. «الجزيرة» رأت ضرورة فتح ملف الزواج بواسطة الإنترنت وعرض وجهات النظر المختلفة حول نجاح أو فشل هذا الزواج وقامت بلقاء عدد من الأشخاص بهدف توضيح الفكرة والصورة بشكل كبير للقارئ والمجتمع. الزواج بالإنترنت طريق لفقدان الثقة في البداية تحدثت الأخت (ع.م) عن احدى سلبيات الزواج عن طريق الإنترنت فتقول تزوجت بهذه الطريقة فكان الوسيط والخاطبة الآلة بدل البشر وبالفعل قبلت ذلك العرض وتم الزواج وكان اعتقادي يرشدني إلى أن هذه الزيجة ستكون موفقة. لكني بعد الزواج وجدت من زوجي الشدة التي يصاحبها عدم الثقة لا يخرج من المنزل إلا بعد حبسي في غرفة لا يوجد بها وسيلة اتصال فثقته بي معدومة واعلن ذلك سلوكياً. هل الآلة تحل محل الخاطبة؟ ومن جانب آخر يدور حول البديل للخاطبة. تحدثت الأخت عبير النافع موظفة حكومية فتقول هنا تبدأ علامة الاستفهام هل الآلة ستحل محل الخاطبة فالزواج عن طريق الإنترنت غير مضمون النجاح والاستمرار حتى لو استمر فلن يستمر طويلاً وهو معرض للفشل.. في أي وقت وتساءلت الأخت عن انه لِمَ لا تكون اماكن التجمعات النسائية هي خير وسيلة لخطوبة الفتاة وهناك من يجد خير من يقوم بهذه المهمة مثل الخاطبة وبالفعل تم كثير من الخطب عن طريق الخاطبة وحالفها النجاح. الزواج عبر الإنترنت قاصر وحول نقطة الزواج عبرالإنترنت يرى الإخصائي النفسي مبشر الشمراني من مستشفى عبيد أنه زواج قاصر ومحدود قد ينجح وقد يفشل في ظل الظروف الاجتماعية والنفسية والاقتصادية التي يتميز بها كل من الطرفين في ذلك الزواج. فالزواج الذي يتكون من زوج وزوجة هو اللبنة الأولى في بناء الأسرة فالأسرة هي اللبنة الثانية التي يتكون منها المجتمع فالمجتمع ليس في الأصل إلا مجموعة من الأسر تكونت فصارت مجتمعاً فإذا كان اساس البناء قوياً متماسكاً استطاع البناء أن يعيش فترة طويلة من الزمن دون تخلخل أو انهيار والعكس صحيح فالأسباب قد تكون في البداية التي لم تكن على اساس سليم وبالتالي البداية تؤثر على أفكار الزوج وتلك الأفكار بدورها تؤثر على مشاعر الزوج تجاه زوجته وفي تلك اللحظة لا يستطيع الفرد الموازنة بين أفكاره والواقع الذي يعيشه مع زوجته وسيؤدي ذلك إلى شكوك الزوج وانعدام ثقته بزوجته. كما توج الإخصائي مبشر الحديث بإرشاد موجه للأهالي والمربين فيقول الفتاة كالزهرة اذا اعتني بها أصبحت جميلة نضرة وإذا أهملت ذبلت وماتت فلا ينبغي ان نترك الحرية المطلقة للفتاة أمام سلاح ذي حدين كالإنترنت فتصبح كالفراشة التي تدور على نور مجهول لا تعلم أين مصدره فيكون هلاكها ولا ينبغي ان نطلق الحرية للفتاة لأن الحرية تعني الانطلاق والانفتاح ولكن ينبغي ان يكون هناك رقابة مزودة بالتوجيه والإرشاد للفتاة حتى لا تقع فريسة أوهام وأحلام يبنيها لها هذا العالم المجهول الذي لا حدود له سوى بالتوجيه السليم والمراقبة الدائمة ولا ننسى قول الرسول الكريم عليه صلوات الله وسلامه «كلكم راع وكل راع مسئول عن رعيته» ويعتبر الإنترنت ملفاً ضخماً يحتوي على جميع المعارف والعلوم وهو سلاح ذو حدين له ايجابيات وسلبيات. ومن ايجابياته: الإنترنت يمكن أن يكون منبراً للدعوة الإسلامية. من خلال الإنترنت اصبح العالم كالكرة الصغيرة تقلبها بين يديك كيف تشاء وتستطيع معرفة أخبار العالم بأسره من خلال تلك الشاشة الصغيرة هذه بعض ايجابيات التعامل مع الإنترنت وهناك الكثير... إلى آخره. وختم الدكتور مبشر حديثه بقوله: هناك نقطة هامة ينبغي عدم نسيانها ووضعها دائماً في الحسبان وهي الرقابة الدائمة والمتابعة المستمرة من قبل الأهل وعدم ترك الحبل على الغارب من أجل تقويم الشخصية للفتى أو الفتاة من خلال التوجيه السليم ومعرفة ايجابيات الإنترنت وسلبياته والابتعاد عن كل ما هو مضر ومشين. لن تحل الآلة محل الخاطبة وحول دور الخطوبة تقول المرشدة الطلابية مريم سلطان العبد الرحمن لن تحل الآلة (الإنترنت) محل الخاطبة فالبعض من الخاطبات تراجعن عن دورهن.. وبررن ذلك لخوفهن من دعاء الناس عليهن فقد تخطب لرجل يكون سيئاً وبالتالي يلقى عليها اللوم حتى لو كانت لا تعلم بذلك.. وبدافع الجانب الديني وابراءً للذمة تراجعن عن الخطبة للآخرين... فالخاطبة عندما تقوم بعملها في الخطبة لشخص ما فهي غالباً لا تعلم بحقيقة هذا الخاطب هل هو سوي أم لا وحتى الفتاة التي ستقدم على خطبتها قد لا تعرف عنها شيئاً.. وبعض الأهالي اعتاد على الأخذ من اماكن التنزه العامة أو المناسبات وأماكن التجمع النسائية مقراً للخطوبة حيث تظهر الفتيات بشكل كبير وبعض الرجال يوكل مهمة البحث عن عروس لوالدته أو لأخته فحينما يجد الأهل الفتاة المناسبة ويحصلون على المعلومات الكافية عنها وانها مناسبة ديناً وخلقاً. عندها تتقدم والدة الخاطب وتطلب الفتاة لولدها. زواج الإنترنت فاشل كما ابدت المرشدة وجهة نظرها تجاه الزواج الذي يتم عن طريق الإنترنت بأن مصيره الفشل وأنه يثير الشك عند الزوج في زوجته فالإنترنت مثل جهاز التلفون وما ينطبق على هذا ينطبق على الآخر فكما يقال زواج بالتلفون فاشل وحتى لو تم ذلك الزواج فلن يستمر طويلاً وبمعنى اصح نزوة.. وبهذا الصدد أود توجيه كلمة للآباء والأمهات.. وهي ان تحكم الفتاة عن الخروج منفردة لوحدها ولا حتى مع زميلتها لانها قد تتجه لمقهى يتواجد به الإنترنت (في حالة عدم توفره في المنزل) فالرقابة والاهتمام والمتابعة من قبل الأسرة واجب يتحتم عليها فحينما تكون الأم شديدة واعية متابعة توضح للابنة مبرر الشدة والحرص عليها على اساس ان تقتنع وبالتالي ترضخ للأمر الواقع ولا بأس لو رافقتها والدتها أو أختها. وحذرت المرشدة من الإقدام على الزواج عن طريق الإنترنت فتقول أنصح بعدم الإقدام على الزواج عن طريق الانترنت لأنه نزوة ومحكوم على هذا الزواج كما ذكرت مسبقاً بالفشل ومن اقدم على ذلك فسيكون في تفكير دائم والشكوك تباريه من الطرف الآخر.. في حالة الانفصال سيبحث الطرفان مجدداً عن علاقة من هذا النوع وعلى هذه الوتيرة بخلاف الخطبة الموثوق بها والصادقة سواء من جهة الأهل أو من هم في محلهم وموضع للثقة. كما أنه يتوفر بعض الجهات المختصة في الزواج والخطبة وأكثر من خطوبة تمت عن طريقها.. وبعض هذه الخطب وافقها النجاح بحيث تتجه الفتاة لتلك الجهة وتخبرها بعمرها وهاتفها وبدورها تقوم مثل تلك الجهة ببقية العمل فحينما يتقدم إليها شاب يطلب الزواج يكون هو الوسيط.. ولو ناسب ذلك الشاب الفتاة يتم الزواج وإلا انتظر قدوم آخر وهكذا.. واوجه ارشادي لكل فتاة تحاول تكوين علاقات بالإنترنت بالابتعاد عن ذلك لأن في ذلك مضيعة لوقتها وربما يجرها ذلك لأشياء تؤثر على زواجها مستقبلاً.. فالبعض يمكث على الإنترنت بالساعات الطوال ويتفاوت الناس في الاستخدام وهناك من لا يشعر بذهاب الوقت وطوله أثناء تعامله معه وهناك من يشعر بالمتعة ويتعرف على مواقع جديدة.. واخيراً اختتم قولي من وجهة نظري بان الإنترنت سلبياته أكثر من ايجابياته.. اما بالنسبة للزواج عن طريقه فهو سلبي جداً ومؤكد الفشل. كلمة أخيرة السنوات القادمة ستحفل بالعديد من التغييرات ولن يكون الزواج آخرها وستكشف الأيام الحقيقة الكاملة لكل ظاهرة جديدة ونصيبها في الفشل أو النجاح، وستواصل الإنترنت توسعها في المجتمع المحلي لأنها أصبحت أداة معرفة وتطور بالرغم من بعض السلبيات ولكن على الإنترنت يصبح المستخدم هو رقيب نفسه ولا يمكن لأحد أن يراقبه.