في الوقت الذي زمجرت فيه الدبابات الإسرائيلية داخل الأراضي الفلسطينية،وسمع دوي القنابل الاستشهادية الفلسطينية في صورة هي أقرب إلى الحرب، تصاعدت الأصوات التي تتساءل عما يستطيع أن يفعله الرئيس الأمريكي بوش إذا ما قررالتدخل. وقد عاد نائب الرئيس الأمريكي دك تشيني من الشرق الأوسط مؤخرا ليصرح بأنه لا يوجد أحد سوى الولاياتالمتحدة يستطيع المساعدة في حل هذا الصراع. وتقول الإدارة الأمريكية إن هناك فرصة ضئيلة جدا للمناورات الدبلوماسيةولا تريد التدخل الفعلي، بالرغم من حمامات الدم التي تزداد سوءا يوما بعديوم، وقلق الأمريكيين من أن تطور الصراع يمكن أن يهدد الحملة التي تهدف الولاياتالمتحدة إلى تصعيدها ضد العراق في القريب العاجل . وقال أحد المسئولين بالأمس:«إن الإدارة الأمريكية مستعدة لكي تقوم بمجهود حقيقي إذا ما رأت الإدارة أن ذلك سوف يكون مقبولا لدى الطرفين». وقد صرح العديد من المحللين السياسيين بأن هناك العديد من الخيارات الدبلوماسية والاستراتيجية التي تستطيع أن تقوم بها الولاياتالمتحدة على المدى القريب والبعيد، ويمكن أن يختار الرئيس بوش أيا من تلك الخيارات من أجل التدخل الفعلي في هذا الصراع، بدءا من تقديم الدعم الكامل لرئيس الوزراء الإسرائيلي آرييل شارون وحملته العسكرية، ونهاية بالقيام بمبادرة دبلوماسية واسعة النطاق من أجل نشر قوات حفظ سلام أمريكية في المنطقة. وقد دعا وزير الخارجية البريطاني الأسبق اللورد دوجلاس هيرد إلى احتجاز كل من شارون وعرفات في مكان ناءٍ ولا يسمح لهما بالمغادرة حتى يصلوا إلى السلام. وقال روبرت مالاي المستشار السابق للرئيس بيل كلينتون لشئون الشرق الأوسط والذي يعكس آراء الإدارة السابقة والتي كانت لها نشاط ملحوظ في تبنيها لمؤتمرات السلام إن واشنطن لا بد أن تضغط على كلا الجانبين من أجل التوصل إلى تسويةنهائية شاملة. ثم كتب بعد ذلك مقالا في دورية فورين افيرز أصر فيه على أن إدارة الرئيس بوش لا يمكن أن تظل مكتوفة اليدين وتنتظر أن ينقشع العنف بمفرده. وأضاف مالاي: ربما تستطيع القوات العسكرية الهائلة التي تحتل الأراضي الفلسطينية الآن أن تهدئ الموقف على المدى القصير. ولكن سوف يؤدي ذلك إلى مزيد من الغضب وتدفق الهجمات الاستشهادية. بل ومزيد من الهجمات على القوات الإسرائيليةالمحتلة. وعندما تؤدي تلك الهجمات إلى إيلام إسرائيل بصورة كافية. مما سوف يهدد الاستقرار في المنطقة ككل. عندها فقط سوف تجد الولاياتالمتحدة نفسها مجبرة على التراجع والضغط على إسرائيل. كما حدث ذلك في مرات ومرات سابقة. وفي المقابل قال ريتشارد بيرل رئيس لجنة سياسات الدفاع في البنتاجون إنه يعتقد أن الإدارة الأمريكية لا بد أن تعطي لشارون الدعم الكامل بما في ذلك الضغط على حلفائها الأوربيين لكي يجبروا عرفات على تنفيذ تعهداته لقمع الإرهاب. وقال بيرل: «نحن في حاجة إلى ان نمارس أقصى الضغوط لكي نؤثر على عرفات وليس إسرائيل». وكان لتدخل الولاياتالمتحدة في وقت الأزمات العصيبة تأثيرات في تغيير الحالة في الصراع العربي الإسرائيلي، وقد تدخل رؤساء الولاياتالمتحدة بقوة وضغطوا على رؤساء وزراء إسرائيل في خلال حرب أكتوبر 1973 وذلك لإقناع إسرائيل بألا تدمر الجيش المصري الذي كان محاصرا في الثغرة. وفي عام 1982. ضغطت من أجل وقف دمار بيروت الغربية أثناء الاجتياح الاسرائيلي للبنان. وقد احتاج مؤتمر مدريد للسلام في عام 1991 لإحلال السلام في الشرق الأوسط إلى شهور من الجولات المكوكية الدبلوماسية المكثفة من وزير الخارجية في ذلك الوقت جيمس بيكر. وحتى في أثناء اتفاقية أوسلو عام 1993 والتي أدت إليها محادثات سرية بين المفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين بدون علم الولاياتالمتحدة لم يستطع الطرفان التخلي عن الولاياتالمتحدة وطلبوا تصديقها على الاتفاقية التي تم التوقيع عليها في البيت الأبيض. ولكن حتى الآن لم يبد أي من شارون أو عرفات أي مرونة تشير إلى أنهم قابلين للإقناع السياسي. ولم ترد الإدارة الأمريكية أن تتدخل أكثر من مجرد إرسال زيني في مهمة من أجل إحلال السلام. وهو أحد كبار المسئولين الذي صرح في نهاية جولته بأن الجهود لن تؤدي إلى نتائج ناجحة أو مفيدة. ولا بد من تغير سياستنا طبقا لتغير الأحداث. وقال أحد المحللين الأمنيين الإسرائيليين يوسف ألفر عضو الموساد السابق إنه على المدى القصير ولكي نصل إلى وقف إطلاق النار فإن الإدارة الأمريكية تحتاج إلى مبعوث قوي وبارز إلى الشرق الأوسط وبصلاحيات واسعة. وأضاف: ان القضايا السياسية الشائكة مثل مستقبل المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية وقطاع غزة لا بد أن تكون جزءا من عملية التفاوض. وأضاف ألفر أنه على المدى البعيد فإن واشنطن بحاجة إلى أن تقود حملة دولية من أجل أن نصل إلى إطار دبلوماسي عام من أجل السلام. وصرح قائلا: كل المؤسسات الدولية وقراراتها قد فشلت في أن تقيم السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. قرار مجلس الأمن 242، وكذلك مؤتمري مدريد وأسلو. نحن نحتاج من الولاياتالمتحدة أن تجلس مع الأوروبيين والروس والإسرائيليين والعرب. ومن ثم العمل من أجل التوصل إلى معادلة جديدة من أجل السلام.