هل تعيد القمة السعودية العراقية؛ التي عقدت الثلاثاء الماضي عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، وجمعت بين ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ورئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي؛ العلاقات السياسية والأمنية والاقتصادية المشتركة إلى مسارها المأمول والوصول بها إلى مرحلة الشراكة الإستراتيجية المعززة للتنمية والمحققة لأمن البلدين، و المنطقة عموما؟. أجزم أن المبادرات النوعية، والنوايا الحسنة التي تبديها المملكة تجاه العراق، وحرص خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده على التعاون المثمر مع الحكومة العراقية وبما يحقق أمن العراق وازدهاره، ووحدة شعبه، وما يقابل ذلك من إرادة حكومية وشعبية عراقية، وخطوات عملية متقدمة، من المؤشرات الإيجابية الداعمة لعودة العلاقات المشتركة إلى مسارها الصحيح، بإذن الله، برغم التحديات التي لا يمكن إغفالها. يحتاج العراق إلى محيطه العربي وبما يسهم في إعادة إعماره، وتلبية احتياجاته، وتحقيق متطلبات التنمية الاقتصادية المستدامة. كما أنه في أمس الحاجة إلى الأمن والاستقرار ومحاربة الإرهاب الذي صنعه أعداؤه بهدف إضعافه، والتحكم بمستقبله والسيطرة على مقدراته، ولا أظن أن هناك دولة أكثر قربا وحرصا على وحدته وأمنه وتنميته من السعودية التي جاهدت من أجل إعادته إلى الصف العربي، واستمرت في سعيها برغم التجارب غير المشجعة التي واجهتها خلال المراحل التي سبقت مجيء رئيس الوزراء الحالي، مصطفى الكاظمي. وهو ما أكده الأمير محمد بن سلمان في كلمته حين أشار إلى الروابط العميقة والمهمة التي تربط المملكة بالعراق والمصالح والتحديات المشتركة. كلمات موجزة وعميقة في معانيها التي يفترض أن يدركها الجميع، وبخاصة المعرقلون للجهود الخيرة التي تُبذل من أجل تعزيز العلاقات المشتركة، وإعادة العراق إلى صفه العربي، والنأي به عن أعداء الأمة الذين أضروا بأمنه واقتصاده وعلاقاته الدولية. يُشكل الانفتاح على السعودية مرحلة مهمة من مراحل بناء العراق وتنميته، وتكريس الأمن والاستقرار في المنطقة عموما، والنأي بها عن المخاطر، وبدء مرحلة جديدة من التنمية المستدامة التي ستنعكس نتائجها على جميع شعوب المنطقة، ومن أهم مشروعات التنمية، برنامج إعادة إعمار العراق، الذي التزمت به المملكة، وأوفت بتعهداتها، وأحسب أن الاتفاقيات الأخيرة ستعزز هذا الجانب، خاصة بعد افتتاح منفذ جديدة عرعر الذي سيكون بوابة لإعادة الإعمار، وتلبية الاحتياجات الأساسية، ومعززاً للتدفقات التجارية وحجم التجارة البينية والاستثمارية بإذن الله. يعكس الالتزام بافتتاح المنفذ خلال سبعة أيام مصداقية المملكة، والتزامها بالاتفاقيات، وحرصها على تنمية العراق وتعزيز اقتصاده، خاصة وأنها بصدد إنشاء وتشغيل منطقة لوجستية اقتصادية ستسهم في خلق فرص وظيفية واستثمارية وتجارية نوعية، عوضا عن التنمية المستدامة التي ستخلقها على جانبي الحدود. الأمر عينه ينطبق على الربط الكهربائي الذي سيلبي الطلب المتزايد على الطاقة الكهربائية، وسينهي معاناة المواطنين من الانقطاعات المتكررة، وسيسهم في دعم الحكومة العراقية في الداخل، ويزيل عنها بعض الضغوط الخارجية التي جعلت من الكهرباء أداة ضغط خارجية. تفعيل أنشطة مجلس التنسيق السعودي العراقي إضافة إلى تفعيل الاتفاقيات ومذكرات التفاهم الموقعة سيسهم في تعزيز الشراكة الاقتصادية والتعاون في شتى المجالات، وإن كنت أعتقد أن تدفق الاستثمارات السعودية ربما يسهم بشكل أكبر في التنمية، غير أنها في أمس الحاجة إلى الحماية وتحقيق الأمن المحفز لجذب الاستثمارات النوعية. أختم بالتأكيد على أهمية الشراكة الأمنية الضامنة لتفعيل الاتفاقيات عموما، والاقتصادية على وجه الخصوص، وأن جميع تلك الاتفاقيات والمبادرات قد لا يُكتب لها الاستدامة وتحقيق أهدافها المباركة ما لم تحاط بسور من الأمن والحماية. وضمان أمن العراق واستقراره ونموه لن يتم إلا بالبعد عن إيران، وتفكيك ميليشياتها التي ستسعى جاهدة لعرقلة التقارب السعودي العراقي، ولضمان عزل العراق عن محيطه العربي، كما فعلت من قبل.