هذا ما قاله ديزموند توتو، كبير أساقفة جنوب إفريقيا السابق الحاصل على جائزة نوبل للسلام لعام 1984. ببساطة، وبغير تكلف، عندما تصافحون التسامح، ويغمر أرواحكم، سيعم السلام بمحيطنا ومجتمعاتنا، وبقلوبنا أولاً. ولأنه دواءٌ يدمر كل كره العالم، وبه تتساوى القلوب، سنبقيه بأولوياتنا، وسنغرسه بقيمنا، وسنبنيه بمبادئنا، ونعلمه مَن يأتي من بعدنا. لا العداوة تأتي بالذي تريدون، ولا البغضاء تمنحكم ما تريدون أن تصلوا إليه وإن طال بكم المدى. فلن يذوق مر الخصام غيرك أنت. فبحديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما قال: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ». فمن نحن لكي لا نطبق سيرته ونحتذي بها. مرر، وسامح، وتعامل بأحسن مما ترى، ستعش بقلب راضٍ سليم معافى، لا يمتلك من الحقد ذرة. ستتعب روحك وتُحملها همًّا كنت بغنى عنه. ستنهيه بكلمة طيبة، أو تصرف صادق من قلب، ولن يكلفك الكثير. فالذي ستأخذه أكثر بكثير وأنجح من ألف عداوة ستطول، وصدقني لن تخسر أي شيء، بل ستزداد مكانتك عند الغير، وسيكون الاحترام مقدمًا لك بكل مرة، وستكون الأقوى، وهذا ما قاله الروائي نجيب محفوظ: «إن التسامح هو أكبر مراتب القوة، وحب الانتقام هو أول مظاهر الضعف». ولا أحد منا مبرأٌ بلا أخطاء.. ولا بد للنار أن تنطفئ وتخمد، ولك الحل: كن أول من يبادر فأنت على كف النضج فائز. وتسابق لأن تكون الأول بكل شيء. من يسامح أولاً ويقبل بالاعتذار أولاً، ومن يمد يدًا ليقطف زهرًا بها يسامح، ومن يمد يدًا تُطمئن بحب أنها تسامح، ومن يمد يدًا للتحية ويقول إنها تسامح، ومن يمد فرحاً بأي شيء كقطعة حلوى مثلاً ويقول إنه يسامح. نحن غالبًا نملك أبسط المشاعر لننجو، ولكننا لا نبادر. أفسحوا المجال للقلوب أن تتجاور، وللعقول أن تنضج، وللأرواح أن تتجاور، وللأعين أن تبتسم؛ فكلنا راحلون، ولن ينفعنا إلا ما سنتركه من بعدنا، فكن من يأخذ التسامح، ويقضي على الخصام، ومَن يفك عقدة رباط الطرف الآخر؛ ليتقدم؛ فكلنا نحتاج إلى أن نتصل، وأن نكون كبنيان مرصوص. ** ** - ندى باحميد Nada08_