لم يستثنِ الحجر المنزلي أي شريحة من شرائح المجتمع دون أن تتفاعل معه امتثالاً للواجب الديني والوطني والإنساني في وجوب المحافظة على النفس وعلى الآخرين. ومن الشرائح التي تفاعلت مع هذا الحجر شريحة المثقفين أصحاب القرطاس والقلم، حيث كانت لهم مشاعر وكلمات تظهر كيف تعاملوا مع الحجر المنزلي وكيف استفادوا منه، وكيف تعاملوا معه كواقع لابد منه. هنا بعض الكلمات والخواطر، أترككم معها: أبا بطين: كل مواطن سيعيد تفكيره في أسلوب حياته!! يقول الشيخ عبدالله بن محمد أبا بطين، وهو مؤلف ومثقف وصاحب تجربة طويلة في المشهد الثقافي والإعلامي، حيث بدأ أبابطين حديثه بمقدمة شرعية ووطنية قبل أن يدخل في المشهد الثقافي حيث قال: بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على رسول الله، الحجر المنزلي واجب علينا لأمرين؛ الأول سلامتنا وصحتنا، وثانياً طاعة ولي أمرنا، وطبعاً هذا الحجر له آثار سلبية علي كل مواطن، وفيه تعطيل المصالح والتعليم، ولكنه أتاح لنا الاجتماع مع الأسرة بشكل أفضل، قد يكون في ذلك فائدة لأجل معرفه أفراد أسرتك في أمور كثيرة قد تكون غائبة عنك في السابق. وحول المشهد الثقافي يقول عبدالله أبابطين: أما ما يتعلق بالثقافة والاطلاع فإن أجهزة التواصل الاجتماعي والتلفاز أخذت حقها بشكل مزعج، ومن تعوّد أن يكون له مجلس يومي ثم يفقده أمر صعب، ومع ذلك أعتقد أن كل مواطن سوف يعيد تفكيره في أسلوب معيشته وأولاده إلى جانب التخطيط السليم والاستفادة من الوقت. ويختم أبابطين حديثه بقوله: مع أننا ما زلنا منبهرين بهذه الجائحة، لذا التفكير السليم شبه مغلق، خصوصاً في زيادة الإصابات بهذا المرض، والذي يسعد خاطرنا ما تقوم به الدولة -حفظها الله- من مكافحه هذا الوباء حتى أصبحنا من أفضل الدول، وبهذا نفاخر والدولة تعرف في وقت الأزمات، وبحمد الله أثبتت الحكومة بقيادة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله-، وولى عهده الأمين محمد بن سلمان، والمسؤولين، أن المواطن أغلى من أي شيء، وتبذل لأجله الغالي والنفيس، المهم التفكير فيما بعد الكورونا، وهذا هو الذي يأخذ من وقتي الكثير لأن في ذلك مصلحة للوطن، وفيه كثير من أمور الاقتصاد والزراعة والطب وحتى المراكز البحثية في الجامعات وغيرها، إلى جانب تغير كثير من خطط المستقبل، وأتمنى من مجلس الشورى أن يطلب استشارات أهل الخبرة فيما يجب عمله بعد الكورونا. الحميضي: كنا نفرط في الوقت وأما الأستاذة فوزية بنت عبدالله الحميضي، وهي باحثة ومهتمة بالتاريخ المحلي، ومعلمة لغة عربية متقاعدة: قد أكون أقل الناس تضرراً من الحجر المنزلي؛ لأني نادراً ما أخرج من البيت في أيامنا الاعتيادية! ومع ذلك فقد لاحظت -الآن- أننا بالفعل كنا نفرط بالوقت! ونسوِّف بأمور الحياة! وعندما تساوت الأيام وتشابهت بسبب الحظر الصحي؛ وطال الوقت اتجهنا للكتب التي كنا نؤجل قراءتها، ومارسنا الرياضة بما لدينا من أجهزة بعد إغلاق الأندية الرياضية، كما زاد الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة تطبيقات المكالمات الصوتية والفيديو للقاء الأحبة الذين منعتنا الظروف من الاجتماع بهم. وختمت الحميضي حديثها بسؤال الله سبحانه وتعالى أن يعجل بالفرج، ويرفع الوباء ويدفع البلاء عنا وعن بلادنا الحبيبة وعن جميع بلدان العالم بحوله وقوته. أبو الفتوح: الحجر أتاح لي الكثير من الوقت للاطلاع وأما الدكتور محمد أبوالفتوح غنيم، وهو عالم آثار وتراث مرموق له مشاركات متعددة في هذا المجال، فقد عدد بعض الفوائد التي قد نكون غافلين عنها، وإن كنا نكره الوباء والحجر، حيث يقول: أنا أؤمن دائماً بقوله تعالى: {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}، وبقوله تعالى: {فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا}. ولا شك أن هذا الحجر كان كسراً غير مرغوب لما اعتدنا عليه من نظام حياة كنا نظن أنه لا يمكن أن يُكسر أو يتغير أبداً، وشاء الله تعالى أن يتغير، فتغيرت عادات لنا كثيرة. ولقد استفدت من الحجر في إعادة التفكير في كثير من السلوكيات التي اعتدت عليها وتقييمها، وكذلك أتاح لي الكثير من الوقت للاطلاع والقراءة أكثر في مجال التخصص، وفي غير التخصص، فقد أتاح لي وقتاً أكثر لمراجعة القرآن الكريم، والقراءة في الأدب والتاريخ، وكشف لي عن أهمية الوقت وقيمته، وكم نهدر منه في حياتنا اليومية دون أن ندري أننا نهدر أثمن وأعز ما نملك. كما أتاح لي التواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي بالكثير من الأصدقاء الذين شغلنا عنهم وشغلهم عنا ما اعتدنا عليه من نظام حياة وما انغمسنا فيه من مشاغل. فرُبّ ضارة نافعة بالفعل، وربما منع فأعطى وربما أعطى فمنع، ولعله خير ساقه الله إلينا، ونسأل الله تعالى لنا وللجميع العفو والعافية من كل بلاء وسوء. المسعود: هناك من عزز مع الحجر مدلول التفاهة!! وأكدت الأستاذة إيمان المسعود، وهي كاتبة ومهتمة بالفنون الأدبية والتبرع بالوقت أن هناك من استفاد من هذه الظروف إيجابياً، وهناك من لم يستفد منها أبداً.. حيث تقول: مؤكد ومن البديهي أن يتفكر الفرد العاقل فيما يجري من حوله من أحداث حياتية مقتصرة على الأسرة والعمل وجني حياة كريمة.. فما بال أزمة فعلية خارجة عن السيطرة بل حرب حقيقية لجندي مفرد يهدد حياة الكم الهائل من البشر.. فبرأيي الإجابة من شقين.. فهناك من استثمر فعلياً هذه العزلة لإدراكه المبكر بأهمية ثروة الوقت واستزاد، وهناك من يدور في قلب المنزل ليعزز مدلول التفاهة والعوز والاسترخاء فيفتح باب برادة الطعام تارة، ويعود إلى مخدعه تارة، يقف مجدداً ليقلب بعض الصفحات ثم يجلس ليغير رأيه متضجراً وهكذا. وختمت الأستاذة المسعود حديثها بنصيحة شخصية جاء فيها: وعلى المستوى الشخصي أنصح الجميع بالتوجه لتعلم العلوم الجديدة البسيطة بمجهود شخصي كالنظر لأهمية إعداد المحتوى بأشكاله وفن مهارة البيع والتسويق والانخراط في القراءة عن الذكاء الاصطناعي فهي الهدف المستقبلي الحالي، الاقتصاد وطبعاً التنمية الذاتية والتعامل مع المال عبر قنوات التعلم والتدريب المختلفة. المزيني: الإنسان ابن بيئته.. وتكيفت مع الحجر هموم وأفكار متفرقة عن الحجر المنزلي طرحها الكاتب النشط والباحث حمود المزيني، اختصرها في قوله: لاشك أن للعزلة الجزئية التي فرضتها الظروف الراهنة أثرها في قلب برامج الناس اليومية رأساً على عقب.. ولا ريب أن لكل ظرف أو قرار تداعياته السلبية والإيجابية.. وحقيقة أن من إيجابيات هذا الوضع الذي نعيشه دون توقع سابق علي شخصياً، أنني عدت مرغماً إلى كتبي ومكتبتي بالترتيب والقراءة المتواصلة والعمل على إعادة طباعة كتابي -إقليم سدير- بالإضافات والاستدراكات، وأعمال وهوايات أخرى فضلاً عن التفرغ لأسرتي. نعم لقد تكيفت مع الوضع الراهن والإنسان ابن بيئته كما قيل ينقلب معها حيثما انقلبت.. نعم لدينا رصيد مهدر من الوقت في أحوالنا العادية كون الكثير منا قد تبرمج على الكثير من المشاغل الوهمية التي أخذت بخناقه وصرفته عن الكثير من الأعمال والمناشط المفيدة. ولعل في هذا الظرف الطارئ درساً لنا لترتيب أوضاعنا والاستفادة من أوقاتنا. لقد تذكرت هنا أثر العزل الآخر وهو العزل الكلي الجبري على غزارة إنتاج المفكرين والفقهاء كابن تيمية.. وكيف استثمروا فراغهم القاتل في هذا الجانب.. لولا أن العزل الكلي يختلف بكونه له ظلاله المتمثلة في حدة الرأي والضيق بالمخالف والحدة معه.. هناك عزلة أخرى اختيارية لقلة من البشر على مدى الدهر.. كما نرى لبعض النساك والزهاد. والرهبان.. وتعود في مجملها للترويض النفسي على ذلك.. وبعضها لا إنما هي لعلة نفسية.. ومهما يكن فالإنسان خلق اجتماعي بطبعه وهذه هي السمة العامة. لاسيما وأن حياته تكاملية مع بني جنسه لا تستقيم دون ذلك. الناس للناس من بدو وحاضرة بعض لبعض وإن لم يشعروا خدم ولقد صدق الشاعر في قوله: العتيق: رب ضارة نافعة ويرى الأستاذ عبدالرحمن العتيق، وهو موظف متقاعد، وناشط في العمل الاجتماعي أنه بدون شك الحظر ظاهره كتعب، وقد يكون فيه تقييد إلا أن الأمور قد تجري عكس ذلك بحول الله، حيث يقول: في البداية أنا متقاعد مبكر لكنني من هواة السفر والتنقل بين مدن وطننا الغالي. لذا عند إعلان الحظر والأمر بالجلوس في البيت امتثلت لذلك طاعةً لولاة الأمر وحفاظاً على سلامتنا. شعرت بالحزن وخشيت أن يصيبني الملل.. ولكن (رب ضارة نافعة) {وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ}، بدأتُ بالتأقلم والتكيف مع الوضع الجديد وأول عمل قمت به تخصيص غرفة في المنزل لتكون مصلى لي ولأبنائي ومن (المصلى) بدأ النشاط العلمي والثقافي وحتى الترويحي بالمسابقات، ثم خصصت وقت لقراءة القرآن الكريم ووقت آخر لقراءة الحديث النبوي وبدأت أنا والأولاد «أصلحهم الله» بعد كل صلاة نقرأ حديثاً ونتحاور حوله، وهذا والله أعظمُ فائدة وجدناها من هذا الحظر، كما أنني من المفتونين في برنامج (تويتر) فقد أتاح لي الحظر مزاولة هوايتي المحبوبة، وهي التغريد في هذا البرنامج الجميل بما أعتقد أنه يفيد الآخرين تغريداً وتعليقاً، والاطلاع على ما يطرح فيه من تغريدات مفيدة من كتّاب وأدباء مرموقين. ولكنني وفي الحقيقة لم أقرأ مزيداً من الكتب، واستبدلت ذلك بالدخول في محرك البحث «قوقل» والبحث عن كل ما يشكل علي، وكذلك قراءة بعض المقالات والبحوث والتحقيقات من خلاله التي تستهويني وأرى فيها فائدة. ويختم العتيق حديثه سائلاً الله أن يحفظ ولاة أمرنا الذين بذلوا الغالي والنفيس من أجل سلامتنا. كما أسأله أن يكشف عنا الغمة ويزيل الوباء عن بلادنا والعالم أجمع.. آمين. المبيريك: التقاعد جعلني أوطن نفسي على وجود وقت فراغ الأستاذ علي المبيريك، صاحب متحف قديم التعليم، وحساب قديم الطيبين، له حضور إيجابي وكبير على مواقع التواصل في التعريف بتاريخ التعليم، وذكريات الماضي الجميل، يرى أن الأثر عليه قد يكون أقل من غيره، حيث يقول عن نفسه: بالنسبة لي كمتقاعد قد أكون وطنت نفسي على وجود فراغ مسبقاً، لكن العزلة زادت الفراغ، تم الاستثمار في ترتيب وتنسيق معروضات متحفي الشخصي والنشر عبر وسائل التواصل المدلج: فرصة جديدة لإعادة الحسابات وترى الأستاذة خولة بنت عبدالله المدلج، وهي مدربة معتمدة في تطوير الذات، أن هذا الحجر فيه فرصة جديدة لإعادة الحسابات، حيث كان مطلع حديثها: لاشك أن الحديث المشترك بين العالم بأسره عن جائحة كورونا وما تسببت به، وما الآثار المترتبة عليها مستقبلًا، وكيف هي تجربة الحجر المنزلي الغريبة بتفاصيلها المميزة في ذكراها الذي سيستمر معنا طوال العمر نحكيه للأجيال القادمة، وكيف كانت هذه الجائحة نقمة على العالم نعمة لنا باستشعارنا أدق التفاصيل التي كنا نقوم بها ومُنعنا عنها، حامدين شاكرين الله -عز وجل- أن هدانا للإسلام الذي يترجم لنا كل ما نمرّ به ونستوعبه ليبعث الطمأنينة في نفوسنا، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (عجباً لأمر المؤمن إنّ أمره كله له خيرٌ، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له). رواه مسلم. وتضيف المدلج: تعايشنا سوياً في هذا الحجر، واندمجنا فيه بأجواء أسرية أهداها الله لنا كفرصة بعد أن سرقتنا الحياة عن هذه الأجواء، فرصة لإعادة شحن الحنان، فرصة للتقرب بين الأبناء والآباء، فرصة لإخراج جيل صحيح مشبع عاطفياً واثق سلوكياً، تأملنا قوة الصبر لدى خادماتنا في حجر يدوم لسنوات طويلة دون ملل أو كلل، استشعرنا قيمة الأمن والأمان، قيمة أن تكون في بلد يجدك أنت الاستثمار الحقيقي، ونجح حقاً على الصعيد الداخلي والخارجي حتى أصبح مثلاً تتداوله الألسن في شتى بقاع العالم، بلد جعل شعار أبنائه (بعد كورونا لا تطلع إلا ببشت) كناية عن الفخر الشديد لهذا البلد، الجميع بلا استثناء أيقن أن الوقت لم يكن العائق الوحيد أمام الإنجازات، إنما هي العزيمة بالنفس، فرصة الحجر ذهبية لصناعة الذكريات، لاكتشاف المواهب لفهم النفس لتعزيز القيم. وتختم خولة المدلج حديثها بقولها: الحجر المنزلي هو نعمة لاستشعار النعم، فرصة جديدة لإعادة الحسابات وتخليد ذكرى حسنة فيمن حولنا ليستمر صيتك عند كل استعادة لذكريات هذه الفترة مع أجيالكم القادمة، فلنحسن استضافته. الدخيل: الحجر أصابني بالارتباك ويرى الأستاذ سعد الدخيل، وهو معلم ومدرب معتمد في الحوار، أنه ارتبك مع بدايات الحجر كونه قد يؤثر على بعض مناشطه الثقافية، حيث قال في حديثه للوراق: حين تواردت الأنباء بفرض الحجر المنزلي من خلال حظر التجول والبقاء في المنازل أصبت بالارتباك، وأخذت أفكر في ساعات طوال سأقضيها في المنزل، تركت من خلالها الأشغال المهمة وأعمال لا أستغني عنها البتة، والتي كانت تستهلك وقتي كله حتى أني كنت حينها أحزن حين أتذكر كتاباً وددت قراءته أو مقالاً تمنيت كتابته، ولم يسعفني الوقت لها كلها، لكنني لعمرك حمدت ربي من باب «رب ضارة نافعة»، فقد صنعت لي جدولاً أشركت نفسي وأبنائي فيه، فخصصت وقتاً لي للقراءة، فألج مكتبتي الخاصة وأقرأ الكتب والمصادر المتنوعة بين التاريخ كعشق وشغف، والإدارة كتخصص وممارسة، حتى أتممت -ولله الحمد- قراءة أكثر من 23 كتاباً آخرها كتاب أ.د. خليفة المسعود (لقاء رضوى وأثره على الأوضاع السياسية في العالم العربي)، كما خصصت أيضاً وقتاً للقراءة الجماعية للأبناء بحيث نتفق على كتاب معين ليكلف أحدهم بقراءته ثم يمارس دور الراوي له في جلسة شاي مسائية في فناء المنزل، وتتنوع كتب الأبناء فالإعلام حاضر لدى فارس كتخصص وممارسة والهندسة يبحر بمركبها سليمان، وكتب المحاسبة والضبط المالي لدى لجين، والقصص والروايات للبقية، فولدت مكتنزا ثقافيا متنوعا يدور حوله النقاش الثري والتنوير لبعض المفاهيم الغائبة. وهنا أقول إن هذا الوقت الطارئ نبهنا بأن كثيراً مما نمارس هي مشتتات وكماليات ليست من الضروريات التي سنصاب بمصيبة لفقدها، وجعلنا نعيد حساباتنا ونغير في بعض قناعاتنا بحيث نستمر في إدارة وقتنا ونخصص للقراءة والكتابة جزءاً لا بأس به من يومنا، حتى لا نفقد نحن وأبناؤنا العلم والثقافة التي هي غذاء الروح والعقل ونعيش في جهل وعزلة ثقافية. المالكي: راجعوا تاريخنا المحلي لتعرفوا أن موقف الحكومة ليس بجديد أما الأستاذ محمد المالكي، وهو موظف حكومي متقاعد، ومؤرخ للحياة الاجتماعية في مدينة الرياض، فتحدث في هذا الموضوع متحدثاً عن تجربته الشخصية، حيث يقول: قد يكون هناك فعلاً من استفاد من العزلة الجبرية وخاصة الذين تربطهم بمكتباتهم علاقة وثيقة من مؤلفين وكتاب ومحبي الاطلاع الدؤوب.. ولا أخفي عليكم رغم صغر مكتبتي وقللت محتواها إلا أني لم أتوفق في تقليب أوراقها بشكل الذي يقاس بمدة الحظر ومقدار الفراغ المهدر مع العزلة.. كان هناك عدة موضوعات يثيرها نقاش على وسائل التواصل الاجتماعي وأستعين بمحتوى بعض الكتب لتأكيد المعلومة ورد عليهم. ويستدرك المالكي ويقول: لكن أكثر ما استفدت منه هو التجول عبر فضاء النت العابر للزمن والمكان بالاطلاع على ثقافات الشعوب خلال هذه الجائحة كذلك على تاريخ الأوبئة التي عبرت على الكرة الأرضية وآثارها على المجتمعات.. كذلك النظر في التاريخ السعودي وما مرّ عليه من جوائح وبائية وكيف كان تعامل السلطة وقتها، والذي وجدت أن التعامل الإنسانية لدولتنا ليس وليد الحظة بل هو امتداد مشرف في صفحات تاريخ هذه الدولة.. كم تم النظر في بعض البحوث الطبية المختص في رفع جهاز المناعة وكيفية الوقاية من الفيروسات باتباع نظام غذائي صحي يساعد في رفع مستوى المقاومة للجهاز المناعي.. كما كان للمنزل نصيب من هذا الوقت المهدر، وذلك باستغلال الوقت في القيام ببعض أعمال الصيانة المنزلية المؤجلة في السابق وتم إنجازها.. وما زلنا نقاوم العزلة ونكسرها ولا ننسى النشاط الرياضي فله تأثير فعال على الحالة النفسية أثناء العزل، وذلك بالقيام ببعض التمارين غير العنيفة وذات مجهود متوسط يمكن الاطلاع عليها عبر المواقع الرياضية الكثيرة عبر النت.. ونأمل من وزارة الثقافة وعبر قنواتها الرياضية إجادة فقرة رياضية تختص بالتمارين المنزلية فهي سباقة إلى جمهورها، والذي سبق وأن أسعدته ببث قناة ذكريات، والتي كان لها بالغ الأثر في كسر العزلة وتحقيق مفهوم خليك في البيت. وأخيراً.. أعتقد بأن المستوى الثقافي لدينا فعلاً قد زاد رصيده متأثراً بفترة العزل الجبرية ولو بشكل جزئي.