على خلاف ما يتردد عن عزلة زوجية ومشاكل أسرية فرضتها فترة حظر التجول والبقاء في المنازل، أعاد العزل المنزلي في السعودية والحياة الزوجية وحياة الأبناء مشاعر الحب الدافئة، إذ لعبت جائحة كورونا في كل العالم التوازن والاستقرار في البيوت، ويكشف ل«عكاظ» مختصون في طب الأسرة وأخصائيون في الاجتماع أن وباء كورونا جعل الأسر تدرك أنّ قيمة السعادة تكمن بوجود أفراد الأسرة في مكان واحد لوقت أطول، وأنّ الزواج الناجح هو الذي ينعم به جميع أطرافه بالأمان والطمأنينة، والتواصل بأريحيّة. يقول رب الأسرة أنور المحيسن -المتقاعد من الخطوط السعودية-: «أتاح لي العزل المنزلي فرصة كبيرة بإنعاش ذكريات قديمة وقصص الطفولة وخصصت ساعات لسردها على أفراد الأسرة بين وجبات الطعام الثلاث وأقضي أجمل أوقاتي وأكثرها حميمية بين الأبناء والأحفاد. ويرى المدير التنفيذي لجمعية التنمية الأسرية بمكة المكرمة فهد باجحلان، أن هذه الفترة فترة تكافل ولابد من تفقد المعوزين من الجيران والأقارب، لأن تطبيق بعض الإجراءات الاحترازية قد يشكل عبئاً اقتصادياً على بعضهم، فكثير من الأسر تعتمد على الدخل اليومي من أصحاب الحرف والمهن اليومية، وقد تسبب الحاجة كثيراً من الإشكالات، لذلك أطلقت الجمعية مشروع دعم العاملين في دفع عربات معتمري الحرم المكي ببرنامج نوعي يهدف إلى توفير احتياجات الأسرة الغذائية عبر أحد التطبيقات والشركات المسموح لها في التنقل خلال فترة الحظر في إيصال سلال غذائية لهم بطريقة لا تخدش كرامتهم ولا يعرضهم للإحراج. ويحذر الأخصائي النفسي والباحث في مجال علم النفس السيبراني يوسف سيف السلمي من فرط استخدام الشباب والمراهقين وسائل التواصل أو الألعاب الإلكترونية في فترة الحظر المنزلي، الأمر الذي يعرضهم للجرائم المعلوماتية ويتوجب علينا تقنين استخدام الفضاء السيبراني وعدم ترك الحبل على الغارب وتفعيل أنشطة اجتماعية وتفاعلية داخل الأسرة. وأضاف أن من المخاطر التي تتعلق بالأسرة هي قضاء الآباء فترات طويلة على الإنترنت وإهمال الجوانب التربوية والسلوكية تجاه أبنائهم وانشغالهم بأجهزتهم الذكية مما يتسبب في قصور واجباتهم وبالتالي زيادة حدة الخلافات والتوتر والانفعالات. ويعتبر السلمي تداول الشائعات والمعلومات الطبية الزائفة حول الفايروس سبباً في أنواع من الوساوس تسمى مرض «هايبوكندريا»، القلق الصحي غير المبرر ويجعل الفرد يبحث عن معلومات في كل صفحات الإنترنت ويقلق على صحته وقد يدخل في حالة من الخوف المرضي بسبب هذه المعلومات، وقد يقوم بتناول أدوية وتشخيص حالته دون الرجوع إلى طبيب مختص. باحثة اجتماعية: غيروا مواقع الأثاث لكسر الروتين أوضح الأخصائي النفسي أحمد العنزي كيفية التعامل مع المراهقين والأطفال في أيام العزل، وتساعد ولي الأمر على احتواء أبنائه واستغلال الوقت الذي يعتبر (ذهبياً) لإعادة الألفة بين أفراد العائلة، فالمراهقون لديهم نزعة التفرد الذاتي والطاقة العالية التي يستطيع الأب أو الأم تحويلها إيجابياً لمصلحة الابن واكتشاف ما لديه من مواهب ومساعدة الأبناء بصقل تلك المهارات مع الحرص الشديد على تعليمهم أمور دينهم وتنمية حب وطنهم وتثقيفهم بمعنى الإنسانية التي تُمد يد العون لكل إنسان. من جانبها، أوصت الباحثة الاجتماعية منال عبدالرحمن الغفيص بعدد من الخطوات العملية للاستفادة من أيام العزل ولخصتها في وضع هدف وأولويات وقائمة بالمهام اليومية والتقويم النهائي لما تم إنجازه وتنظيم وقت النوم والاستيقاظ وتهيئة مكان للعبادة يجتمع فيه أفراد العائلة وتغيير مواقع الأثاث وترتيب المنزل لكسر الروتين وممارسة الرياضة والقراءة والاطلاع في كل المجالات، إلى جانب عدم إهمال كبار السن ومشاركتهم المهام والاقتراحات والاستماع لقصصهم وتخصيص وقت لأحفادهم وأبنائهم معهم وتعلم لغة جديدة ودورات عن بُعد ومشاهدة البرامج التلفزيونية المفيدة التي تجمع أفراد العائلة وتوزيع المسؤوليات وترك مساحة للترفيه. أستاذ علم النفس في جامعة حائل الدكتور بنيان باني، أكد أن فايروس كورونا ألقى بآثاره على الجوانب الأسرية، وقدم عدداً من النصائح حول كيفية التعامل أثناء فترة البقاء؛ منها تعلم الأدعية الدينية، وقراءة القرآن والتدبر لمعانيه وتكليف أفراد الأسرة بتبادل القصص والروايات الإنسانية والدينية، وممارسة التفاعل الإلكتروني الجماعي بين أفراد الأسرة وتعليمهم كيفية الحصول على المعلومات الصحيحة والدقيقة، وتنمية وممارسة طرق التفكير الناقد خصوصاً لدى المراهقين. استشاري طوارئ: كن لطيفاً .. واغسل يديك قدم استشاري إدارة الطوارئ وخبير التنمية البشرية بندر بن عبدالله بارحيم، عدداً من النصائح للاستفادة من الحجر المنزلي في تطوير الذات: 1. اعتن بنفسك ولا تهمل صحتك، وافعل ما يلزم لرعاية جسدك ورفع معنوياتك. 2. تعلم مهارة جديدة، إذ يمكنك تحسين مهاراتك في الحاسب الآلي والدورات عن بعد. 3. أعد النظر في المشاريع المهملة لفترة طويلة، فالوقت قد حان لإزالة الغبار عنها. 4. عزز علاقاتك عبر وسائل التواصل الاجتماعي. 5. فكر في خططك المهنية وضع في اعتبارك استخدام وقتك لمعرفة المزيد عن نفسك. 6. إجراء المقابلات، فالحقيقة هي أن الأشخاص الذين تود التحدث معهم موجودون في منازلهم. 7. كن لطيفاً مع أصدقائك فإذا كنت تعيش مع الآخرين، فقد يكون التعامل معهم طوال اليوم ممتعاً أكثر. 8. تذكر الأشياء الممتعة وما إذا كانت هناك هواية قديمة يمكنك القيام بها مرة أخرى. 9. اعتن بنفسك والآخرين، وتذكر أن تغسل يديك. صغار طيف التوحد.. كيف نتعامل معهم ؟ حول طبيعة التعامل مع أطفال التوحد في فترة الحظر، أكدت الأخصائية النفسية وباحثة ماجستير في تحليل السلوك التطبيقي ريم عبدالرزاق، أن التغييرات المفاجئة في الروتين اليومي للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد أمر صعب عليهم، وأوصت بخطوات عدة لتجاوز الأزمة، منها: تأسيس روتين يومي جديد للطفل ولأسرته، واستخدام الجداول المصورة التي تساعد الطفل على التعرف إلى الأنشطة التي سيقوم بها، وتجهيز مساحة في المنزل تكون بديلة عن المدرسة، والتخطيط المسبق ليوم الطفل، وإشغال وقته بين المهمات والراحة وتجهيز القواعد التي يريد الوالدان أن يتبعها الطفل، والاستفادة من شغف الطفل لإكسابه مهارات جديدة، وإتاحة الفرصة له لممارسة الأنشطة البدنية المفضلة. وترى ريم أن التعامل مع السلوكيات الصعبة يختلف من طفل لآخر ومن وقت لآخر، فللسلوكيات الصعبة وظيفة أو وظائف عدة؛ لذلك فإن التعرف إلى السياق الذي حدثت فيه المشكلة (ما حدث قبل السلوك، وما حدث بعده) أمر جوهري للتعرف إلى وظيفة السلوك. أي أنه لا توجد وصفة جاهزة تنطبق على جميع الأطفال؛ لذلك من المفيد استشارة المختصين. ومن خلال ملاحظة الوالدين لطفلهما قد يكون لديهما تصور مسبق عما يسبب السلوكيات الصعبة لدى أطفالهم فالتدخل المسبق لمنع حدوث السلوك أفضل من ردود الفعل. قدموا التنازلات حتى لا تجنح سفينة «الزوجية» أكد الأخصائي الاجتماعي عبدالله الرويلي ل«عكاظ» أن المشكلات الزوجية في فترة الحظر قد تحدث نتيجة التواجد ساعات طويلة في المنزل، وينصح الزوجين باستذكار لحظات الجائحة التي يمر بها العالم وتقديم التنازلات في الآراء والحقوق لتحقيق مستويات أعلى من التوافق والالتزام بحدود الحياة الطبيعية، خصوصاً مع وجود الأطفال في المنزل الذي يحتم على الزوجين مراعاة شعورهم في ظل حرمانهم من الخروج للأماكن العامة خلال هذه الفترة. وقدّم الرويلي عدداً من النصائح العلمية للاستفادة من البقاء بالمنزل، ولخصها في أمور عدة، حسب رغبة أفراد الأسرة، وتتمثل في إدارة الوقت لهم ولأبنائهم بطريقة صحيحة، وتقسيمه علىى أمور مفيدة تشمل العبادة والطعام الصحي الذي يتم إعداده بالمنزل. أخصائي علم نفس ينصح ب 6 برامج للأطفال أوصى المتخصص في علم النفس التربوي الدكتور سالم معيض القثامي، بعدد من البرامج الموجهة للطفل التي من الممكن تطبيقها في فترات الحجر المنزلي؛ منها برامج النشاط الحر لتلبية حاجات الأطفال الانفعالية والاجتماعية والعقلية، من خلال نشاط الأطفال أنفسهم بحرية دون قيود وبرامج النشاط الفكري، وفيها يتم التركيز على التعليم الذاتي للطفل من خلال ميوله ورغباته وبرامج النشاط الأكاديمي بتهيئة الطفل بالقدرات اللغوية والعددية وإكسابه المهارات التعليمية والبرامج التعويضية لتغيير شيء ما، وذلك بتوفير الخبرات الكافية للطفل في إكسابه سلوكيات مرغوبة. وبرامج التعليم المفتوح، وفيها يتم تعريض الطفل لخبرات تعليمية تتوافق مع استعداده وبيئته، ومن خلالها يواجه مواقف تربوية وحياتية جديدة ذات بدائل متعددة. ثم برامج الفاعلية الأسرية وتستطيع الأسرة خلال فترة الحظر تبني العديد من الألعاب والفعاليات لدعم هذه البرامج مع الاهتمام بتفعيل التعزيز وتحفيز الأطفال والتنويع في استخدامه عن طريق المكافآت.