الشاعر الكبير أحمد الحربي يجسد أنموذجًا رائعًا للمبدع النبيل الذي يختزن ثقافة موسوعية متنوعة، وأفقًا إنسانيًا رحبًا، ورقيًا في السلوك، وقلبًا مفعمًا بالحب يشمل كل من يتعامل معه. ويقدم لنا أروع الأمثلة في قدرة الإبداع على تجديد الحياة، ومقاومة الألم والمرض، ونشر الأمل والتفاؤل والحب من خلال فعل الكتابة والإبداع المتجدد والمتنوع. نشأ أحمد الحربي في جازان دوحة الشعر الباسقة في المملكة العربية السعودية، وتشرب عناصر الإبداع الشعري من البيئة الشعرية المحيطة به، وكبار الشعراء الذين رآهم، واستمع إلى شعرهم، وقرأ دواوينهم، وساعدته موهبته الفياضة، وثقافته اللغوية والأدبية في نبوغه الشعري والإبداعي المتنوع. وحصل على الثقافة العلمية المتخصصة في مرحلة الدراسة الجامعية في المملكة العربية السعودية ثم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، وأضاف إلى ذلك تبحرا في معرفة الأنساب والثقافة التاريخية، ووشح ذلك كله بأفق إنساني واسع منفتح على المعارف والثقافات والخبرات المتنوعة. لذلك اتسمت تجربته الشعرية بالثراء والتنوع والتجدد، وقدم لنا منجزًا شعريًا فياضًا يجمع بين الأصالة والعراقة في امتداده الزمني، والحداثة في تجدده الإبداعي ومواكبته للأحداث والتطورات المتلاحقة. وقدم لنا أحمد الحربي إبداعًا سرديًا تخييليًا يعكس تجاربه وخبراته الحياتية الممتدة، والبيئات التي عايشها، والشخصيات التي تعامل معها، والتحولات التي مر بها المجتمع السعودي والعالمي من خلال عدد من الروايات كان آخرها رواية «غياب» التي تجسد فترة «الصحوة» وآثارها المختلفة في المجتمع السعودي. وواكب أحمد الحربي التطورات الداخلية والخارجية السعودية والعربية والعالمية في مقالاته المتعددة والمتنوعة التي نشرت في عدد من الصحف السعودية على مدار سنوات متتالية، وجمعت في كتب توثق إبداعه النثري. وتجلت لنا ثقافة أحمد الحربي التاريخية ومعرفته الزاخرة بالأنساب في كتابه المشهور «جناية المؤرخين على قبيلة حرب» الذي طبع عدة مرات. كل هذا الإبداع المتنوع والمتجدد يزينه سلوك راق في التعامل، وقلب يفيض بالحب للجميع، بما مكن لأحمد الحربي في قلوب المبدعين والمبدعات في أنحاء العالم العربي. وقد رأيت ذلك في معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020 م - الذي غاب عنه الشاعر الكبير أحمد الحربي لأول مرة لظروفه الصحية - من خلال حرص عد كبير من النقاد والمبدعين والمبدعات من الدول العربية على التزود بإبداعاته المنشورة في عدد من دور النشر المصرية والعربية، وتجسيد مشاعر الحب في صور شخصية مع إبداعاته ونشرها في مواقع التواصل الاجتماعي تعبيرًا عن عمق الحب الذي يكنه أهل الإبداع لشاعر كبير خدم المشهد الإبداعي السعودي والعربي خدمات جليلة بتجربته الشعرية الطويلة، ودواوينه الكثيرة، وتواصله الإنساني والإبداعي مع كبار الشعراء والشاعرات في المملكة العربية السعودية وكافة أنحاء العالم العربي. ** **