بعد انتهاء جائحة كورونا - إن كنت من الأحياء، أتوقع بأني سوف أحافظ على بقاء المسافة بيني وبين الآخرين، فقد أصبحت التجمعات الكبيرة ترعبني وتثير القلق والذعر فيّ. وأتوقع بأن مناسبات عائلتي القادمة ستقتصر على الأهل وبعض الأصدقاء. وليس من الضروري حضور كل مناسبة، وإن حضرت، سأضع كماماً على أذني بعض الوقت، وسأحجر على لساني كثيراً من الوقت، ليلزم مكانه، من أجل السلامة، فليس كل سؤال يستدعي إجابة، ولا كل موقف يستوجب التعليق. وأتوقع بأني سأستمتع أكثر بعزلتي، حيث ستصبح عزلة اختيارية، فقد قيل (ما أسهل أن تعتزل بإرادتك، وما أصعب أن تفرض عليك العزلة). في عزلتي الجميلة أصبحت كخراش ( تكاثرت الظباء على خراش فلا يدري خراش ما يصيد ) ففي كل ليلة تتزاحم عليّ أشيائي، القراءة، الكتابة، البحث، التأمل، فلا أدري بماذا أبدأ. حققت لي العزلة نجاحات لم يحققها لي التقارب والتفاعل، وأيقنت بأن طلب العون من الآخرين لن و( لم يرو صاديا ). في عزلتي انصتّْ لروحي التي تاهت في ضجيج الأيام، التقيت بأحلامي التي افتقدتها وسط الزحام. أتاحت لي العزلة الدخول في حالة تأمّل غريبة، لكأنما تسري في روحي يقظة، وتنبت لها أجنحة، تُحلّق عالياً، معها لم احتمل محبس شعري وحزام خصري، لكأني بحالة قدسية، فيزهو الشعور، ويرتقي الإحساس، ويبدو كل شيء مضى تافهاً، وكل مشكلة مررت بها لا تعدو عن كونها حلم منام، مجرد أوهام، أيقنت معها بأن فردوس العزلة، التأمّل. آخر الكلام: في عزلتي ( لو كنت غيري ) لانصرفت. ** **