على الرغم من أن حزب «التجمع اليمني للإصلاح» يمثل فرع الإخوان المسلمين في اليمن، مهما ادعى قادته أن لا علاقة لهم بالتنظيم الإرهابي، أو أعلنوا تبرؤهم منه؛ إلا أن الحقيقة أيضاً تقول إن عناصر «إخوان اليمن» تغلغلوا منذ وقت مبكر داخل الحكومات اليمنية المتعاقبة، «ولم يكن نفوذهم مقتصراً على مجالي الأوقاف والإرشاد والتربية والتعليم، بل إنهم تغلغلوا في معظم مفاصل الدولة، سواء منها المؤسسات الأمنية والعسكرية أو الدبلوماسية والإعلامية»، تمامًا كما أنهم تغلغلوا كذلك في «المؤتمر الشعبي العام»، فمنذ تأسيسه وحتى اليوم؛ والإخوان المسلمون «جزء فاعل فيه». وضمن هذا السياق نستطيع أن نفهم العديد من التطورات والأحداث الأخيرة على المسرح اليمن، لا سيما تلك التي تلت ما سمي ب»القمة الإسلامية المصغرة» في كوالالمبور، والتي جمعت «أردوغان» و»تميم بن حمد آل ثاني» و»حسن روحاني»، بالإضافة إلى تحركات وتصريحات عدد من وزراء الحكومة اليمنية، كوزير النقل «صالح الجبواني»، ونائب رئيس الوزراء وزير الداخلية «أحمد الميسري»؛ والتي تبرأت من تصريحاتهما الرئاسة اليمنية. يُخطئ من يظن أن «إخوان اليمن» يريدون القضاء على ميليشيات الحوثي الإرهابية! بل هم يسعون في الواقع إلى تعزيز نفوذهم، وتقوية مراكزهم العسكرية والمالية والسياسية، وبسط سيطرتهم لتحقيق حلمهم في حكم اليمن، وهم يعتقدون أن ذلك لن يتحقق لهم إن تم القضاء على خطر ميليشيات «الحوثي» الإرهابية، تماماً كما يعتقدون أنهم لربما سيكونون الهدف التالي لقوات التحالف إذا ما تم تدمير الحوثي، والقضاء على خطره بنجاح، لذا فهم يسعون إلى «إدارة الأزمة» من خلال الإمساك بكل خيوط اللعبة على الساحة اليمنية، فتجدهم يتوزعون، ويتبادلون الأدوار فيما بينهم عبر الأحزاب والجبهات والمحاور هنا وهناك، فجزء منهم مكشوفون مع محورهم الأصلي، المحور التركي القطري، وآخر منافق، مع محور التحالف، للقيام بعمليات تكتيكية لتحقيق أهداف إستراتيجية، وعلى عاتقهم تقع المسؤولية الأكبر، وثالثة الأثافي ضمن معسكر الحوثيين أنفسهم! وهم بذلك يعتقدون أنهم يمسكون بكل خيوط اللعبة، ويديرونها، فيقدمون المعلومات للجميع، وبين الجميع، ومن الجميع! وهم في الوقت ذاته لا يتوانون عن التصريح في الاجتماعات واللقاءات الثانوية وشبه الرسمية مع السياسيين والعسكريين والباحثين والإعلاميين من دول التحالف بأنهم «كإصلاحيين وليس إخوان مسلمين» يمتلكون القاعدة الشعبية الأكبر في اليمن، وأنه لا يمكن للتحالف أن يحسم المعركة، أو يقضي على «الحوثي» إلا بالشراكة معهم، وبالتالي هم يريدون ضمانات تحقق لهم مطامعهم في حكم اليمن، تماماً كما يريدون القضاء على أي مهدد أو منافس لهم في تطلعاتهم تلك، والتي تتمثل في السيطرة على زمام الدولة اليمنية المستقبلية، ولا يتوانون في التلويح علناً بالشراكة مع الأتراك، واستدعائهم، كلما شعروا بضغط، بهدف قسر التحالف - بزعمهم - على التعاون معهم. بيد أنه ومع شعورهم بانكشاف أمرهم، وانفضاح تلاعبهم، وتضييق الخناق عليهم مع الوقت أكثر فأكثر من قبل التحالف والقوات اليمنية الوطنية الموالية له والمعادية للإخوان، وتضييق الخناق على ميليشيات الحوثي، فإن سيناريوهات تشكيل قيادة مشتركة بين «إخوان اليمن» وتركيا ضد تحالف دعم الشرعية بشكل علني وواضح باتت أقرب من أي وقت مضى، يدعمها التحركات التركية - القطرية الرسمية لتحقيق تفاهمات نهائية مع طهران حول الصيغة الشيطانية المثلى ل«قلب الطاولة على التحالف» بزعمهم، ولتصبح اليمن مسرحاً للنفوذ التركي - الإيراني جنوبلجزيرة العربية، ومصدر تهديد دائم لدول المنطقة، باعتبارها دولة إخوانية حوثية.