لابد أن نشكر للقيادة الواعية وأجهزتها التنفيذية حكمة اتخاذ القرارات المصيرية الصحيحة في التوقيت الصحيح. قد يكون القرار الأخير الذي اتخذته القيادة العليا للمملكة العربية السعودية بمنع إصدار تأشيرات وتصريحات دخول للمسافرين القادمين من الدول التي أعلن فيها وتأكد انتشار إصابات فيروس كورونا الجديد «كوفيد 19» إلى المملكة أهم إجراء مصيري لحماية العالم وبالذات المسلمين الراغبين في أداء فريضتي الحج والعمرة هذا العام في موسم انتشر فيه الوباء، وهو إجراء علمي صحي اعتمدته وزارة الصحة والجهات الأخرى المعنية بالتنفيذ. قرار يستحق أن يشكره ليس فقط المسلمون بل كل العالم. المملكة معنية ليس فقط بتقديم كل الخدمات الصحية المطلوبة لزوار بيت الله وجواره، بل أيضاً وهو الأهم إبقاء واستدامة أوضاع السلامة والخلو من العدوى وبالذات من هذا الوباء حماية لساكنيها وزوارها الأصحاء وبالذات قاصدي بيت الله للعمرة خاصة ورمضان على الأبواب وبعده الحج، حيث يحتشد الملايين كل موسم حج. ولم يكتشف بعد علاج أو تطعيم ضد المرض يمنع قابلية العدوي وانتشاره من زائر عابر. المملكة تأخذ مسؤوليتها بمنتهى الجدية ولا تغامر أو تقامر بسلامة مواطنيها أو زائريها.. وحسناً فعلت القيادة أن أوقفت العمل مؤقتاً ببطاقات الأحوال بين الدول الخليجية التي تسمح بها كتصريحات السفر في الحالات العادية التي لا تتطلب الحرص والتدقيق. فبطاقات الهوية الوطنية لا تسجل تسلسل التاريخ الأسبق لسفر حاملها لمدن ومناطق أخرى في العالم تأكد فيها انتشار الوباء الشرس والمعدي. ونحن على مشارف موسم تمتلئ فيه المملكة والمواقع الدينية فيها بالمعتمرين ثم الحجاج من شتى أنحاء العالم. ويعودون بعدها إلى مواطنهم. فهل يمكن أن نغض الطرف عن احتمالية نقل العدوى إليهم من زائرين آخرين وإمكانية نقلها لأوطانهم بعد عودتهم إليها؟. هي مسؤولية الالتزام بواجب حماية الإنسانية جمعاء؛ تحت كل الظروف. كم تعرضت المملكة لمحاولات التشكيك في قدرتها على حماية زوار بيت الله.. وكم أحبطت محاولة إفشال إدارتها للحشود من أفعال غوغائية مخطط لها، أو شعارات تسييس المناسبة الدينية بقصد التشهير بقدرة المملكة على القيام بمتطلبات الأمن؟. الآن يحصحص الحق؛ بينما تماطل إيران في إعلان الأرقام الحقيقية للمصابين، وتقصر في تقديم الخدمات الصحية العلاجية لمواطنيها ناهيك عن زائري المواقع الدينية فيها، بل ترفض حتى أن توفر مواقع في المطار ليتم الطاقم الطبي إجراءاته لفحص زوارها الذين أرسلت دولهم طائرات لنقلهم عائدين إلى موطنهم قبل أن يتعرضوا للعدوى، كما فعلت الكويت، مثلاً. أن تكون المملكة المسؤول الأول عن حماية مواطنيها وزائريها وسلامة الحشود في الحرمين مسؤولية أمام الله لا تبدأ بعد حضورهم للعمرة أو احتشادهم للطواف ولا تتوقف بعد خروجهم من المملكة إلى بلدان أخرى.. وليست استجابة لضغوط من جهات خارجية مغرضة لها أجنداتها العدائية. الشكر مستحق للقيادة الحكيمة.. منّا ومن زائرينا ومن العالم.