أكد برلمانيون وخبراء وباحثون أن حماية الإنسان ورعاية المكان هما العنوان الأبرز لحزمة التدابير التي اتخذتها الدولة - أيدها الله - للوقاية من تفشي وانتشار فيروس كورونا، مشيرين إلى أن تدفق المعتمرين والزوار من أقطار متعددة يجعل إمكانية منع العدوى أمرا مستحيلا، وهذا ما دفع المملكة لرفع أهبة الاستعداد حتى لا يكون هناك تفريط يؤدي إلى تفشي الوباء وانتشاره، فيصعب الحد منه أو علاجه، مشيدين بتوجيهات القيادة - حفظها الله - وشفافيتها في التعامل مع المخاطر وقيامها بأدوار حضارية مضاعفة تتسم مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها في حماية الإنسان ورعاية المكان. المصلحة العامة وأكد د. نايف بن هاشم الدعيس «عضو مجلس الشورى سابقا» أن أمن المواطن وسلامته خاصة في الجوائح والكوارث من أهم واجبات الدولة، فالمواطن أو الفرد مسؤول مسؤولية تامة عن نفسه، ولكن الدولة عليها مسؤوليات أكبر هي المسؤولية الجماعية التي يترتب عليها صحة الأوضاع البيئية والنواحي الأمنية وعموميات المصلحة العامة، ومنذ تأسيس المملكة على يد الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحتى يومنا هذا وبلادنا تضع المواطن في أعلى سلم أولوياتها، ومع اجتياح فيروس كورونا للعالم عمدت الدولة لجملة من الإجراءات الاحترازية من الأوبئة وهذا أمر شرعي معمول به منذ القدم، ومن ذلك قصة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه حينما قدم إلى الشام ثم عاد مرة أخرى ولم يدخلها بسبب الطاعون وقال مقولته الشهيرة: «نفر من قدر الله إلى قدر الله» بعد أن استشار كبار المهاجرين والأنصار، ومن هنا جاءت القرارات في منع القادمين للعمرة والزيارة، لأن الدولة وضعت كل إمكانياتها لخدمة الحرمين الشريفين، ومن خدمتهما أن يحجز الناس عن الزيارة في هذه الأوقات العصيبة المخيفة حتى تطمئن الأنفس وتستقر الأحوال الصحية بشكل جيد فحينئذ يتاح للجميع أداء المناسك والزيارة. البروتوكولات الطبية وأضاف: كثرة القدوم والزيارة من أقطار متعددة يجعل إمكانية منع العدوى أمرا مستحيلا، وهذا ما جعل الدولة ترفع أهبة الاستعداد والاحتراز والوقاية حتى لا يكون هناك تفريط يؤدي إلى تفشي المرض وتفاقمه وانتشاره، فيصعب الحد منه أو علاجه، ولكن ابتداء يمكن السيطرة على الوباء بإذن الله عز وجل خصوصا مع قلة الأعداد المصابة بحمد الله، فهذه الإجراءات، ومنها إخضاع جميع القادمين للبروتوكولات الطبية للتأكد من سلامتهم، وتعقيم الحرمين والعناية بهما أمور مهمة وضرورية، وكلنا في هذا الوطن نرفع شكرنا وتقديرنا للقيادة الرشيدة - أعزها الله - على توجيهاتها وحثها المسؤولين على اتخاذ الإجراءات السريعة في الوقت المناسب لتدارك الخطر المحدق، ونسأل الله السلامة للجميع داخل وطننا وخارجه. واجب شرعي وقانوني وقال أستاذ السياسة الشرعية وخبير مجمع الفقه الإسلامي د. حسن بن محمد سفر: الدولة - حفظها الله - حريصة كل الحرص على سلامة المواطنين والمقيمين والقادمين للملكة وهي التي أشرعت أبوابها للحج والعمرة والزيارة، ومن هذا المقتضى فإن الواجب الشرعي والقانوني يحتم على الدولة أن تقوم بالاحترازات الضرورية التي تنسجم مع وأد هذا الداء الخطير الذي قد يفتك بالمواطنين والمعتمرين والزوار، وإذا نظرنا وقرأنا قراءة تحليلية في حزمة الإجراءات الأخيرة نجد أن السلامة والاحتراز جليان، وأن الاستعدادات مكثفة من قبل الجهات المعنية خصوصا الصحية والأمنية والطيران وغيرهم في سبيل تجنيب بلادنا ووقايتها من هذا الوباء الخطير، ومن تلك الإجراءات منع دخول القادم إليها حتى يبرز تقرير طبي موثوق يؤكد سلامته، إضافة للفحص الطبي الاعتيادي. استعدادات عالية لقد سبقت المملكة الحدث باستعدادات عالية ومنها تعقيم المسجد الحرام المطاف والمسعى والأروقة وإحكام إغلاق الأبواب في أوقات معينة، وكذلك ما يخص المسجد النبوي الشريف، من أجل حماية قاصدي الحرمين الشريفين، وحماية المواطنين، ولذلك فإن القيادة مشكورة مأجورة تقوم بأدوار حضارية مضاعفة تتسم مع روح الشريعة الإسلامية ومقاصدها في حماية الإنسان ورعاية المكان وتقديم كافة الخدمات وتذليل كافة الصعوبات، وكل متأمل لا يمكنه المقارنة بين ما تبذله وتصرفه الدولة من مبالغ مالية باهضة مقابل ما يدفعه الزائر من مبالغ رمزية، فالمملكة تقدم هذا العطاء والسخاء لأجل راحة الحجاج والمعتمرين وسلامته. حفظ الأرواح وقال أستاذ البحوث والدراسات في الجامعة الإسلامية د. سليمان بن عبدالله الرومي المتأمل للإجراءات التي اتخذتها الدولة - رعاها الله - فيما يتعلق بوباء كورونا المستجد يلاحظ أن هذه الإجراءات متوافقة مع مقاصد الشريعة في حفظ الأرواح حيث تقدر الدولة الإجراءات الكفيلة بذلك بحسب مقتضيات الأحوال، ومن النصوص في ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «لا يوردن ممرض على مصح»، وحديث: «إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها»، فهذه النصوص وأمثالها أصل فيما يتخذ من إجراءات لمنع تفشي الأوبئة والأمراض المعدية، وما قامت به المملكة بالإضافة إلى كونه تطبيقا لمقاصد الشريعة في حفظ الأرواح فإنه يدل على استشعار الدولة لمسؤوليتها تجاه مواطنيها وزائريها وتجنيبهم خطر هذه الأوبئة والأمراض. الشفافية والوضوح وأضاف: كذلك تظهر الإجراءات السياسية الحكيمة التي تعاملت بها الدولة مع تطورات هذا الوباء حيث جاءت متسمة بالشفافية والوضوح من غير إرجاف أو تخويف مع الحفاظ على انسياب الحياة العامة، وجاءت متدرجة بحسب خطورة الوباء إضافة إلى مراعاتها للجوانب الإنسانية والاجتماعية مع الحفاظ على الجانب الصحي ومراعاة المصلحة العامة، وجانب آخر مهم في هذا الموضوع وهو استشعار المملكة خطورة الوضع بسبب الاضطراب السياسي والأمني لبعض الدول المحيطة في محيطها الإقليمي مما يضاعف المسؤولية للتنبه إلى تعزيز الإجراءات في مواجهة هذا الوباء. استهداف المملكة وقال: يجب عدم إغفال جانب الاستهداف للمملكة من قبل دول أو جهات إرهابية لاستغلال هذا الوباء للنيل من المملكة، ومثل هذه الإجراءات التي اتخذتها المملكة تفوت الفرصة على هذه الجهات، كذلك ما قامت به الدولة من إجراءات في هذا الجانب يعزز الثقة بالقيادة ليس على المستوى الداخلي والإقليمي بل وعلى المستوى العالمي حيث نجحت الدولة في عزل هذا الوباء في حالات معدودة وتحت الإشراف الطبي مع تحديد مصدر العدوى وأسبابها، ويبقى في هذا الموضوع دور المواطن لحماية المملكة والقادمين إليها من الخطر والذي يتمثل في التعاون مع الجهات الرسمية فيما تصدره من تعليمات في هذا الشأن والتقيد بها، وعدم بث الشائعات والإرجاف وترك الأمر للجهات الرسمية، والتنبه لكل من يريد استغلال هذا الحدث لأي أمر سلبي وتبليغ الجهات المختصة عنه.