تواصل مستمر وحقيقي يخبر بأن تراجع النشاط التصنيعي في الصين في فبراير إلى أدنى مستوى يسجله حتى الآن، وعدم قدرتها على تحقيق النتائج بالشكل المطلوب، وفي غمرة بحث صارم عن مواجهة الفيروس، انطلاقاً من جهود مكثفة تحمي اقتصاد ضخم يعد ثاني اقتصاد في العالم والعمل بوتيرة متسارعة لتفادي تباطؤ الاقتصاد بسبب انتشار فيروس كورونا المستجدّ، واتخذت السلطات تدابير بالغة الشدة لاحتواء انتشار وباء كوفيد-19، وتهدف لفرض قيود على حركة التنقّل وإغلاق لعدة مصانع وفرض الحجر الصحي على مقاطعة هوباي. فالعقل يستقبل ما ينتج من حقائق واقعة وبناءً عليه أخذ ما جاء بها غالبية المحللين محذّرين، بأن النمو الاقتصادي الصيني سيتضرّر كثيراً على الأرجح من جراء الأزمة الصحية خلال الفصل الأول، والأرقام الصادرة، تعطي لمحة أولية عن مدى الأضرار التي سيتكبدها القطاع الصناعي وامتداد تأثير كورونا على الاقتصاد العالمي، ويشكل الفيروس ضربة كبرى للسياحة والخدمات والتوزيع في هذه الفترة الحساسة من العام. وأنفقت الأسر الصينية ألف مليار يوان (130 مليار يورو) خلال فترة العطلة في عام 2019. وعلى هذا النحو، تركز الانتباه على عنصر أساسي وهو ذعر المجتمعات وهيمنة الصورة الذهنية التي ارتسمت في العقول لها تأثير مباشر بالعامل النفسي والوقوع بين الدراسات والانتقادات لعدم وجود تغطية إعلامية إرشادية تتهيأ للسيطرة على الجدل والقلق وتضارب المعلومات، ونشاط اجتماعي يتموقع داخل سياقات هامشية تمكنها من إدارة التفاعلات الاجتماعية وتصديرها كحقائق، وذلك على خلفية ما آلت إليه وسائل التواصل الاجتماعي وما تنشره وتتداوله، ولو لم تقدم الحكومات تصرفاً عقلانياً انعكس على الناس والأسواق، لكانت الشائعات أكبر وأخطر من الفيروس نفسه. وهكذا نلاحظ أن الاقتصاد له سلوك متمايز نحو الخسارة والربح مما يقود إلى فرص أكبر بعد أن حققت الأسواق الآسيوية تعافياً جزئياً بعد الخسائر، وهكذا استطاعت الحكومات اليقظة أن تبلغ حداً عالياً من فهم الضرورات الاقتصادية والرد المنطقي على الصدمات المؤقتة، فقد أقضت هذه المشكلة أيضاً مضجع مؤشرات السوق الروسية وسعر الروبل، بسبب تفشي كورونا، فكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حريصاً على بث رسائل طمأنة للسوق المحلية، حين أكد توفر إمكانيات للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي في البلاد، ولم يستبعد إعادة النظر في الميزانية، وذلك تعليقاً على تقارير حذرت من انهيار الروبل بسبب كورونا. لو تأملنا كيف تزداد حاجيات الدول للحماية ورفع مستوى الاستعداد لمواجهة تداعيات الكوارث الطبيعية والصحية من الأوبئة وانتشار الفيروسات، لعلمنا أن إدراك أهمية الاقتصاد والمجتمع كبيرة وبالغة الأهمية في بلورة أفكار العمل وموقعه، علماً بأن الإنسان المعاصر يستقبل يومياً ملايين المعلومات والمعارف وترسل إليه كرهاً أو طواعية، بل إن حياته المادية ذاتها متداخلة تداخلاً شبه كلي مع الآخر، فإن أي مجتمع لديه إمكانية إرساء قواعد متينة تكون مدخلاً لأي تواصل مستقبلي خال من الضبابية، وخاصة في هذه الظروف الطارئة التي استمر الإعلان عنها من الصحة العالمية التي ترفع خطورة انتشار الفيروس وطرق الوقاية للحد من هذا الانتشار.