هناك عدد من الفنانين التشكيليين العرب الكبار، جاؤوا إلى المملكة في مرحلة مبكرة من تاريخها الاجتماعي والفني، في مرحلة الستينات من القرن الماضي وحتى الثمانينات، وترك بعضهم أثرًا كبيرًا على تلاميذهم الذين قادوا الحركة التشكيلية السعودية، وأصبحوا روادًا لهذا الفن، من هؤلاء الفنانين العرب، العراقي سعدي الكعبي، الذي نشأت بينه وبين تلاميذه علاقة حب واحترام وتقدير، حفظته قلوبهم قبل صور الأسود والأبيض، وقد نجحت وزارة الثقافة بتنظيم معرض «بعد حين: الكعبي وتلاميذه» من باب الوفاء والتقدير للأستاذ وتلاميذه، ولعل المفاجأة أن من بين تلاميذه، علي الرزيزاء، ود. محمد الرصيص، وفؤاد مغربل، وبكر شيخون، هؤلاء الذين أصبحوا الآن من رموز الفن التشكيلي السعودي. لم يكن الكعبي وحده من جاء للمملكة، لكنه كان الرجل المناسب في المكان المناسب، وهو معهد التربية الفنية في الرياض في منتصف الستينات الميلادية، فعلى سبيل المثال، جاء في الفترة نفسها تقريبًا، العراقي عامر العبيدي، لكن التعاقد معه كان من قبل وزارة المعارف، التي وجهته إلى متوسطة عكاظ، ثم ثانوية ثقيف في الطائف، ورغم جهوده وإقامته معرضًا شخصيًا، إلا أنه لم تتم الاستفادة منه كما يجب، رغم أنه الآن فنان كبير وله حضور فني في مقر إقامته بالولايات المتحدة. واستمر استقطاب الأسماء المميزة في الفن التشكيلي العربي، خاصة من قبل معهد التربية الفنية، الذي استقطب في مطلع السبعينات الفنان العراقي الكبير سلمان عباس، والذي تخرج على يديه فنانون تشكيليون كبار، كمحمد سيام، ومحمد المنيف، وعبدالله فلمبان وغيرهم، وبعد إغلاق المعهد عام 1990 بعد ربع قرن من العطاء، كانت جامعة الملك سعود على سبيل المثال، استقطبت الفنان التشكيلي الراحل عمر النجدي في ثمانينات القرن الماضي، الذي عمل فيها ست سنوات تخرج على يديه فنانون أقرب إلى الجانب الأكاديمي، كفواز أبونيان، وبدر الرويس، وخالد المرمش وغيرهم ممن انصرف إلى دراسته الأكاديمية بعيدًا عن الممارسة، وهذا الفارق بين معهد التربية الفنية والجامعة، من حيث التركيز على الجانب العملي أكثر من النظري. هذه المبادرة مهمة ورائدة من قبل وزارة الثقافة، ومن الممكن أن تستمر لما فيها من لمسة وفاء وتقدير لهؤلاء الذين خدموا الحركة التشكيلية وأثروا فيها.