جملة لا تخفى دلالتها على أهل الشام.. ومن نادم بيوم من الأيام ربى (الفيحاء).. فهي بلا استئذان تدخل إلى خيالاتك.. فتسابق جسدك تلكم «بيوت الشام» القديمة. فلا أحد مر على الشام ولو مرور الكرام إلا ولها وقع لديه، بخاصة مع المسلسلات السورية.. وزخم التاريخية مننا، كيف لا.. وقد ركزت عليها كثيراً، ولعل هذا ما أطر المستثمرين إلى إحياء تلكم، سواء بالمطاعم أو فنادق رنّقت على وجه (تراثي.. ) الديكور.. المهم كُنت ممن استقطبت ذهنه فجمعته ابتداء على تلكم (الدور...) بالذات: أرض الديار فزريعتها وبحرتها، وبراح مساحتها التي بالتأكيد تتفاوت، فكان أن علقت بي، حتى أنشدت مع نزار: سلاماتٌ.. سلاماتٌ.. إلى بيتٍ سقانا الحبّ والرحمة إلى أزهاره البيضاءِ.. فرحةِ «ساحةِ النجمة» إلى تختي.. إلى كتبي.. إلى أطفالِ حارتنا.. وحيطانٍ ملأناها.. بفوضى من كتابتنا.. ثم.. وهو (يبوح) عما يخامره متسائلاً: أينَ رحابُ منزلنا الكبيرِ.. وأين نُعماه؟ وأينَ مدارجُ الشمشيرِ.. تضحكُ في زواياهُ وأينَ طفولتي فيهِ؟ أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ وآكلُ من عريشتهِ وأقطفُ من بنفشاهُ دمشقُ، دمشقُ.يا شعراً على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ آه... على تلوّعات تصدر عن نفس تنشج.. وهي تنشد: هكذا بقي جمال ذاك وجلاله أيضا عامرا في خلدي ما لا يمحوه شيء لأني بعد لم أجد شيئا يوازي تلكم، فيأخذ مكانتها، بخاصة وأني نادمتها في باكر من سنّي، و(الزمان الأولي...) له من كل شيء نصيبه الوافر.. فصفحة الذكريات بعدها لم تسطّر إلا بخربشات طفولة غالبها غير واعٍ، وأغلبه مما ليس له ذاك الألق في الذهن.. ومما لا أنسى: أنه منذ حطت قدماي تلك الربى.. وهي من يومها بي عوالق، بخاصة أن شهدت بتلكم الحقبة العشير والأليف من خفيف ظل أو روح تتمايل إلى حيث تميل تتبعك.. بلا مناكفة.. فأذكر من القوم ما بين صداقات وصحبة معلّمة فيّ.. امتشجت مع الكيان، وقد كنّا يومها عهدنا في بواكير العمر وعزّ دنيا.. فما برحت أنفاسنا تبوح ما في دواخلنا والصحو فائق/ سوف تحلو بنا الحياة.. كانوا هم من يعمرون تلكم فما من جمال ألفاه بعدهم، أقصد حتى لو تسنّى لي الظرف العودة لهاتيك المرابع، فبالتأكيد لن تكون أحاسيسي نحوها على ذات الصدى الذي يرنّ في أرجائي أكان في أثرهما بها.. أو وهو باسمهم معلناً، ولهم منادياً...!. ** **