الاستمرار على وتيرة واحدة وعطاء مثالي دائم أمر صعب في كل المجالات، كل شيء يمر بدورات مختلفة، يتقدم مرة ويتراجع مرة، ويبقى في منطقة الوسط مرة ثالثة، والذكي من يفطن لأسباب تقدمه فيحافظ عليها، ويتعرف على أسباب تراجعه فيعالجها، ويبحث في كل أحواله عما يضمن تواجده في المقدمة. مع بداية الموسم كان الهلاليون بكافة شرائحهم وأطيافهم متفقين على هدف واحد لم يحد عنه أحد، كان اللقب الآسيوي السابع مطلب الجميع، كان كسر عناد الكأس القاري هو الخطة المعلنة، ورغم صعوبة المنافسين، وتأخر الاستعداد للموسم، إلا أن الفريق الهلالي كان في الموعد، واستطاع في الرابع والعشرين من نوفمبر الماضي، أن يصل للقمة التي نشدها طويلاً، ويحقق الهدف الذي لامسه مرتين، قبل أن يقبض عليه في الثالثة، ويزرع البهجة في مدرجه، ويرسم الابتسامة على شفاه الكرة السعودية التي سعدت بالإنجاز الكبير واحتفت به وقدرته حق التقدير. من الطبيعي بعد العودة من المشاركة الآسيوية، ومن بطولة أندية العالم، أن يحدث بعض التراجع في عطاء الفريق، وأن يكون هناك فتور لدى بعض أعضائه، لكن المفترض والمنطقي أن لا يستمر ذلك طويلاً، وهو ما حدث بالفعل، فبعد عودته للمنافسات المحلية، تعثر بالتعادل أمام الحزم، لكنه استطاع أن يلملم أطرافه، ويشد أزره وينطلق من جديد، ورغم الضغط والإرهاق، استطاع أن يتصدر الدوري وأن يصل إلى نصف نهائي كأس الملك، رغم أن المردود الفني لم يكن بالشكل المنشود، لكنه كان يفوز، والفوز يحجب الأخطاء أو يجبر الناس -كلهم أو جلهم- على السكوت عنها، على أمل أن يكون صانع القرار قد تنبه لها ووضع علاجها قبل أن يظهر أثرها ويبدأ تأثيرها. في ظرف أربعة أيام كان الهلال يتعادل مع الفيصلي ثم الشباب ويتراجع للمركز الثاني، ورغم أن الدوري ما زال في منتصفه والتعويض متاحاً وباب المنافسة مشرعة أبوابه، إلا أن استمرار الأخطاء سوف يكلف كثيراً وسيؤدي إلى المزيد من التراجع. في الفريق الهلالي هناك مشاكل واضحة، ومنها الاعتماد على البريك دائماً في صناعة اللعب، وعندما يغيب تتعقد الأمور نوعاً ما في وجه مدرب الفريق، ومنها «مبالغة رازفان في التدوير وعدم الاختيار السليم لتشكيلة البداية، وعندما يتدخل، تكون تدخلاته لإصلاح أخطائه وهذا التدخل يتأخر أيضاً وبعد أن تتعقد الأمور، « من المشاكل أيضاً : « يبدو المدرب ضعيف شخصية وتفاعله مع اللاعبين أثناء المباريات ضعيف جداً، ومما يقلق الهلاليين تكرر الأخطاء بما يشي بأن أحداً لا يناقشه عنها والفريق يدفع الثمن»، ومن المشاكل أيضاً أن المدرب يحاول صناعة الأعذار والبحث عن حجج تكفيه عناء التبرير والمحاسبة بعد كل تعثر، ومن ذلك استمراره في الحديث عن الضغط والإرهاق رغم أن الفريق قد تجاوزها، ومنها تقديمه مبررات غير مقنعة لبعض أخطائه مثل تبريره لعدم مشاركة مدالله أمام الشباب بأنه لم يؤد سوى تدريبين فقط وأنه لم يتشرب طريقته! مع أن العليان قدم من فريق قوي ومنافس وجماهيري، وهو أفضل على الأقل من اللاعب الذي شارك في مركزه، كما أن مسألة (تشرب الطريقة) غير مقنعة، بدلالة أن لاعبين يشاركون بعد تدريب واحد فقط ويؤدون بتفوق تام، ولاعبين يؤدون (100) تدريب ولا يقدمون أي شيء. رازفان الذي يقوم بالتدوير في خط الدفاع بشكل مبالغ فيه - حتى أفقده هويته واستقراره في المباريات الأخيرة، وجعل مرمى الهلال يستقبل الأهداف بسهولة - لا يقوم بذلك في الشق الهجومي، رغم نجاح صالح الشهري في كل مهمة توكل إليه، ورغم أن الأفضلية كانت إراحة قوميز في بعض المباريات والدفع به حسب ظروفها، وحينما يحدث ذلك يقدم قوميز نفسه بكفاءة كما فعل في مباراتين في بطولة العالم مثلاً. من المشاكل الهلالية الواضحة أيضاً عدم وجود قائد حقيقي داخل الملعب، وردة فعل الجهازين الفني والإداري قبالة بعض التصرفات، ومنها حادثتا المعيوف (أمام الفتح عندما احتج على أخطاء الوسط...) و(إصرار المعيوف على التقدم في الدقيقة الأخيرة أمام الشباب للمشاركة في ضربة الزاوية وكأن الفريق متأخر وفي مباراة خروج مغلوب)، ومن ذلك أيضاً عدم وجود لاعب مخصص لتنفيذ الأخطاء والكرات الثابتة كما حدث في غير مباراة (بالذات مباراة الحزم عندما تناوب اللاعبون على تنفيذ الأخطاء وأخفقوا جميعاً)، وعدم وجود موجه داخل الملعب يرتب الفريق في لحظة معينة (كما حدث في فوضى الدفاع التي نتج عنها هدف الفيصلي الثاني). لست في صف من يطالب بإقالة المدرب بعد أي تعثر، ولكن أقول إن الإدارة يجب أن تتدخل وأن تناقش المدرب حول أخطائه ولاسيما ما استمر منها، وإذا كان كريري غير قادر على المناقشة، أو أنه له مسؤوليات أخرى غيرها فلا بأس من الاستعانة بأحد أبناء الهلاليين الفنيين المتخصصين في هذا الجانب، وهم كثر ولن يقصروا مع ناديهم، ولن يتأخروا في خدمته متى ما طلب منهم ذلك. أمام الهلاليين مرحلة صعبة و(22) مباراة مهمة - تزيد واحدة في حال التأهل لنهائي كأس الملك - حتى نهاية دور المجموعات الآسيوي، وإن لم يعالجوا الأخطاء والمشاكل الواضحة في فريقهم، فسيكونون في حرج أمام مدرجه، وهو المدرج الذي لا يقف طموحه عند سقف، ولا تنتهي مطالبه عند لقب، حتى ولو كان لقب دوري أبطال آسيا.