احتفاء بمناسبة «اليوم العالمي للغة العربية»، نظمت مجموعة شركات أنوفا، وشركة جملون، وشركة ترجمة، ومنصّة أريد، مساء يوم أمس الأول، أمسية شعرية، وذلك بالتعاون مع وزارة الثقافة، والنادي الأدبي بالرياض، شارك فيها كل من: الشاعرة والروائية سارة الزين من لبنان، والدكتور فواز اللعبون، والشاعر عبدالله بن بيلا، والشاعر الشاب عبدالرحمن محرق.. فيما قدم الأمسية الشاعر والإعلامي مفرح الشقيقي، وذلك بحضور جمع كبير من المثقفين والمثقفات، والمحتفين بلغة الضاد في يومها العالمي عبر الشعر الذي تفاعل معه الحضور لما يقارب الساعتين، وذلك تحت شعار: «حيث لا ينتهي الشعر». وقد بدأ الاحتفال بهذه المناسبة، بكلمة للرئيس التنفيذي لشركة «أنوفا» المهندسة نوف بنت خالد الجريوي، رحبت فيها بشعراء الأمسية وحضورها، قائلة: الشعر سيظل ديوان العرب أبداً، في علاقة لسانية استثنائية لخصها أبو فراس الحمداني، إذ ظل العرب ينظمونه ويروونه في سرائهم وضرائهم، لتظل العلاقة أزلية بين اللسان العربي والشعر، بين كثافة المعنى، واتساع الرؤية، وضيق المفردات، يولد الشعر، لتصبح الأبيات نوتات، والكلمة الشعرية قصيدة، والقصيدة نغمة، في كرنفال القصيدة! يظنها الشاعر أنه ملكه وحده، فإذا هي قد تجاوزته ناقلة معانيه من متذوق إلى آخر، كل يتفاعل معها عند سماعها بطريقته، لتظل القصيدة شعور يصنع شعور كاتبه، ويصوغ هويته أحياناً دون أن يدري، فالشعر يا أهل الأدب حرية، والكلمة ليست ملكاً لأحد، والقصيدة وحي يزور من يشاء، ويهجر من يشاء، فلربما كانت الصورة لوادي عبقر خير مثال، فالأساطير أحياناً قد تكون أهم وأعمق من الروايات المغلفة بالحقيقة في كثير من الأحيان.. أما الأساطير فإنها تكشف لنا ما خفي، وتطل بنا على تفاصيل من الحياة.. مختتمة نوف كلمتها بالحديث عن الشعر بوصفه وجهاً إبداعياً من فنان وجمالاً من فنون وجماليات الإبداع في لغتنا العربية، ودور الفنون وفي مقدمتها الشعر في تدوين الحضارة ونقل ثقافتها من جيل إلى جيل، وإسهامه في حركة تطور الفكر الإبداعي ونهضة الحضارات. ثم استهل أولى جولات الأمسية اللعبون قائلاً: أعجز في الاحتفاء بهذه المناسبة، في الحديث عن الشعراء الذين لا تطويهم الأزمان، في حفل حاشد بكل تفاصيله، بدء بهيبة المكان، عاصمة الزمان، رياض المملكة العربية السعودية، وجمال المناسبة «اليوم العالمي للغة العربية»، ومروراً بفخامة الرعاة وزارة الثقافة، وأدبي الرياض، وحفاة المنظمين، وعلى رأسهم الشيخ خالد بن إبراهيم الجريوي، وانتهاء بالشعراء الرائعين المشاركين في الاحتفاء بلغة الضاد، مستهلا قصائده بقصيدة بعنوان: «من قبل عشرين عاما»، جاء منها: من قبل عشرين عاماً كنت أعشقها وبين رشفي من الأشعار أرشفها لها لدي من الوجدان أصدقه ومن صبابات أهل العشق أصدقها افردتها في فؤادي لا شريك لها فيه وكاد عنيف النبض يسحقها كانت فراشة نار لا تبارحني ورغم هذا لهيبي ليس يحرقها! ثم ألقى عبدالله بيلا، قصيدة «آخر وصايا الحب» من شعر النثر، تناول خلالها العديد من تساؤلات الذات عندما يصبح الحب الوطن والسكن والخلوة، وصدى يعيد السؤال إلى ذات الشاعر.. إذ جاء منها: الأرض يا أيها الحب ضاقت عن الحب والحب أوسع من أين يضيق عليه المدى! فأشعل شموعك في كل قلبي أغثني فهذي الوصية ظمآى إليك أيا حب كن وطني.. سكني.. قبلتي وحياتي. بعد ذلك ألقت الشاعرة سارة الزين قصيدة عنوانها: «كأنك الشعر»، مهداة إلى العاصمة الرياض، التي جاء مطلعها: كأنك الشعر روض مترف غالي ووجهك الغض مقروناً بأوصالي لأنك الموسم الأشهى لأغنية فرت من اللحن صوب العالم العالي أنت الرياض وفي عينيك متسع من الجنون خيالاً فوق خيالي أهوي إليك وماء الوصل ملء فمي فجددي الوصل شعراً يا بنة الغالي. أما الشاعر عبدالرحمن محرق، فقد جاءت مشاركته بقصيدة عنوانها: «وطن النجوم»، جاء منها: وطن حثيث السير نحو طموحه يمضي على عزم ويجتاز المدى سيفان في علم يفيض بنخلة التمر للأحباب عن باقي الردى وطن يباهي أن واسط عقده ملك لأمجاد الزمان تقلدا سلمان يكفيك اسمه إن فاخرت قوم بقوم عز فينا سيدا. وقبل الشروع في ثاني جولات الأمسية، استمع الحضور إلى مشاركة للطفل يا من صالح العمري، الذي ألقى قصيدة فصيحة من شعر والده، منتقلاً إلى مقطوعتين من معلقة عنترة العبسي، حيث واصل الشعراء هذه الجولة بالعديد من نصوصهم التي جاءت متنوعة بين جملة من الأغراض الشعرية، التي قدم خلالها اللعبون مجموعة من قصائده (المقطوعات)، التي بدأها بقصيدة حسنائي، فقصيدة «إلى الله»، ثم قصيدة: أوحى إليّ، التي أعقبها بمقطوعتين، الأولى بعنوان: طويتك، والأخرى وسمها بعنوان: أنستني الأيام. فيما قدم بيلا خلال هذه الجولة نصين، جاء أولهما بعنوان: «إلى كل الأحرار في أرضي»، أما الآخر بعنوان: «الليل بعدك».. تلاه عبدالرحمن محرق بقصيدة: «عشرون». ثم استهل اللعبون الجولة الثالثة من الأمسية، بقصيدة: «طلاسم على ألواح الشعر»، التي ضمنها العديد من التساؤلات الفكرية والثقافية لذات مسكونة بهم الشاعر وأوهام الوجود أمام ما ترى فيه الحقيقة بوصفه الأمل حينا، وألما تبحث الخلاص منه حيناً آخر، ملقيا اللعبون عدداً من قصائده القصيرة التي جاء منها: بين انطفاءات روحي، قصيدة: فديت التي عادت، وقصيدة بعنوان: قست الحياة.. حيث تلاه بيلا بقصيدة: «ماذا لو»، فيما ألقت الزين قصائدها: أريدك لون أغنيتي، وقصيدة: أنا لن أفيك، وأخرى بعنوان: أما كالريح، فيما قدم محرق قصيدة «الوداع الأخير» لقطته الأليفة، في مقطوعة شعرية تقوم على نظم الفكاهة. وقد واصل الشعراء الجولة الأخيرة بالعديد من نصوصهم الشعرية، التي استهلها اللعبون، بقصيدة: أنا على العهد، فأبيات لأمي، ثم أبيات لأبي، ومنها إلى مقطوعات جاءت أولاها بعنوان: صاحب، فحسناء لاقيتها، ثم قالت لي، وقصيدة لم يهو قلبي.. فيما ألقى بيلا في هذه الجولة نصين، جاء الأول بعنوان: «خمسة هوامش»، أما الآخر فعنوان: «بآخر الشعراء على الأرض»؛ فيما قدمت سارة الزين قصيدة بعنوان: لا تسقط الآن، ثم قصيدة عنوانها: إلى لبنان، بينما ألقى بيلا في هذه الجولة قصيدته «انتظر». المداخلات شهدت الأمسية العديد من المداخلات من الحضور الذي امتلأ به المسرح الشرقي بالمركز، وذلك من الجنسين، حيث التقى المداخلون والمداخلات في العديد من القضايا المحورية، أولاها: أهمية الاحتفاء باللغة العربية من خلال العمل المؤسسي بين القطاعات، وثانيها: التحديات التي تشهدها اللغة العربية عبر مستويين من التحديات، من الخارج، ومن الداخل عبر خارطة الأوطان العربية، والثالثة: الفنون الإبداعية ودورها في النهوض بخدمة اللغة العربية، فيما أكد مداخلون آخرون على أهمية تبني وزارة الثقافة على إقامة مهرجان شعري يضاهي المهرجانات العربية التي تعنى بالشعر الفصيح، وموقف الشعراء من الشعر «المحكي»، إلى جانب الترجمة وعلاقتها بالقصيدة الفصيحة ما بين لغة وأخرى. وفي مداخلة لرئيس مجلس إدارة نادي نجران الأدبي، سعيد آل مرضمة، أكد فيها على أهمية اصطحاب النشء إلى المهرجانات الثقافية والأمسيات، لتكون بيئة يعيشون خلالها أجواء العربية ويخالطون منابرها وفنونها، بينما قدمت الكاتبة في صحيفة «الجزيرة» الزميلة ميسون أبو بكر مداخلة شعرية، احتفاء بالعربية في يومها العالمي، وأرى لمها العتيبي تحدثت خلالها عن جمال العربية وأهمية تعزيز تذوقها لدى الشباب بأساليب مشوقة، فيما جاءت مداخلة صالح العمري مقطوعة شعرية موجهة إلى ابنه يامن، التي حملها الكثير من عواطف الأب الذي يرى قدوم نجله إلى هذه الدنيا، ويعيش معه حالة الفرحة من يوم إلى آخر. توقيعات وختاماً لمشاركات الشعراء، اختتموا ردودهم على أسئلة ومداخلات الحضور بعبارات «توقيع» احتفاء بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وذلك تحت «ستبقى اللغة العربية»، وذلك كالتالي: اللعبون: ستبقى اللغة العربية.. إذا بقيتم!. بيلا: ستبقى اللغة العربية ما بقيت الذاكرة عربية!. سارة: ستبقى اللغة العربية ما بقي المتلقي العربي!. محرّق: ستبقى اللغة العربية ما بقي الاحتفاء بها!. الختام والتكريم: وفي ختام الأمسية التي تواصل تفاعل الحضور معها إلى قرابة الثلاث ساعات ما بين الشعراء وقصائدهم والحضور وتفاعلهم، ومداخلاتهم، جاء الختام بكلمة للأستاذ خالد بن إبراهيم الجريوي المدير التنفيذي لمجموعة شركات «أنوفا»، التي (أرتجلها) قائلاً: أصالة عن نفسي وإنابة عن شركات «أنوفا» وشركة جملون، وشركة ترجمة، ومنصّة أريد، أقدم من الشكر وافره وجزيله للمتعاونين معنا في إقامة هذه الأمسية احتفاء بلغتنا العربية في يومها العالمي، إذ أشكر وزارة الثقافة، وعلى رأسها وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان آل سعود، وإلى نائبه الأستاذ حامد بن محمد فائز، كما لا يفوتني أن أشكر أيضاً رئيس قطاع الأدب والترجمة والنشر بوزارة الثقافة الدكتور محمد حسن علوان، كما أقدم الشكر لنادي الرياض الأدبي الثقافي، ولمجلس إدارته ممثلاً في الدكتور صالح المحمود، شاكراً شعراء وشاعرة هذه الأمسية الذين أبهجوا حضور الاحتفاء بلغتنا العربية في هذه الأمسية التي أقمناها إلى جانب الشركاء في نجاحها، إيماناً منا بأهمية الشراكة (الحقيقية العملية)، بين القطاعين الخاص والعام، وانطلاقاً من القيم التي تقوم عليها هذه الشراكة والرسالة التي تسعى إلى تحقيق أهدافها من خلال هذه الأمسية «حيث لا ينتهي الشعر»، وذلك يقينا منا بقيمة الإبداع، وما تتطلبه خدمة الثقافة من احتفاء ودعم لفنونها الأدبية، التي نحتفل فيها بإبداع مبدعينا، ونحتفي من خلالها بلغتنا الخالدة. ثم قدم الشيخ خالد الجريوي الدروع التذكارية التكريمية لكل من: وزارة الثقافة والإعلام، النادي الأدبي بالرياض، ثم كرم الأستاذ محمد علوان، والأستاذ سامي الرشيد الرئيس التنفيذي لشركة سماوات، ثم كرم شعراء الأمسية وشاعرتها، ختاما للأمسية التي استمرت من الساعة الثامنة وحتى الحادية عشرة مساء، التي أعقبها حفل عشاء أعده المنظمون للحضور، احتفاء بهذه المناسبة.