يدخل الهلال السعودي الدور نصف النهائي لكأس العالم للأندية 2019 في كرة القدم الثلاثاء مستعيداً الماضي في مواجهة مدربه السابق البرتغالي جورجي جيسوس، بأمل البناء للمستقبل وتجاوز عتبة فلامنغو البرازيلي نحو النهائي. وسيكون الفريق السعودي حامل لقب دوري أبطال آسيا، أمام فرصة أن يصبح ثالث فريق عربي يبلغ نهائي البطولة في نسختها السادسة عشرة المقامة حتى 21 ديسمبر في قطر، بعد الرجاء البيضاوي المغربي (خسر نهائي 2013 أمام بايرن ميونيخ الألماني) والعين الإماراتي (خسر نهائي العام الماضي أمام ريال مدريد الإسباني)، عندما يلاقي على إستاد خليفة الدولي، بطل مسابقة كوبا ليبرتادوريس الأميركية الجنوبية. ويخوض الهلال نصف النهائي بعد فوزه على الترجي التونسي بطل دوري أبطال إفريقيا بهدف نظيف للمهاجم الفرنسي البديل بافيتيمبي غوميس، بينما يبدأ فلامنغو المشاركة من نصف النهائي. وعلى رغم أن فلامنغو هو المرشح نظرياً، بالنظر إلى فارق الخبرة والتاريخ، للتأهل في مشاركته الأولى أيضاً، يأمل الهلال في البناء على ما لقّنه إياه المدرب الحالي للفريق البرازيلي، لتحقيق الفوز عشية نصف النهائي الثاني بين ليفربول الإنكليزي ومونتيري المكسيكي. تولى جيسوس (65 عاماً) تدريب الهلال في يونيو 2018، آتياً من فريق العاصمة البرتغالية لشبونة، سبورتينغ. جاء التعاقد حينها في عهد الرئيس السابق للهلال نجمه سامي الجابر، والرئيس السابق للهيئة العامة للرياضة في المملكة تركي آل الشيخ، وأعلن عنه في شريط فيديو جمع الثلاثة حول طاولة على شرفة، وانتهى ب «تربيت» آل الشيخ على كتف المدرب مع ضحكة عريضة. اعتبر الجابر يومها هذا التعاقد «مكسباً ليس فقط للهلال، بل للكرة السعودية»، مع مدرب تنقَّل بين أندية برتغالية منها براغا وبنفيكا وسبورتينغ، وكان يحمل في جعبته لقب الدوري البرتغالي ثلاث مرات وكأس الرابطة ست مرات. كانت لجيسوس بداية إيجابية سريعة مع الهلال، ورفع الكأس السوبر السعودية على حساب الاتحاد في مباراته الرسمية الأولى، وبلغ ربع نهائي كأس الملك وبطولة الأندية العربية، وصدارة الدوري المحلي. خاض 26 مباراة في مختلف المسابقات، ففاز في 20 منها وخسر مرتين فقط. كان هذا السجل ليضمن له مستقبلاً بعيد المدى مع الهلال، لكن الطرفين افترقا أواخر يناير الماضي بعد نحو ستة أشهر فقط على رأس الإدارة الفنية. تفاوتت أسباب الرحيل، بين جيسوس الذي أكد أنه لم يكن يرغب في ربط مستقبله بالنادي، وتأكيد إدارة الأخير أنها تريد مدرباً يقودها إلى هدف غالٍ طال انتظاره: لقب دوري أبطال آسيا. أحد أهم المدربين اليوم بعد فترتين قصيرتين مع مدربين آخرين، رسا خيار الهلال في يونيو 2019 على الروماني رازفان لوشيسكو الذي نجح في الرهان الآسيوي، وأعاد النادي إلى زعامة الكرة القارية للمرة الثالثة في تاريخه. لكن لوشيسكو، المدرب ذو تعابير الوجه الصارمة ونبرة الصوت شبه الأحادية، لم ينسب الفضل لنفسه وحده، وتوجه في مؤتمر صحافي الأسبوع الماضي في العاصمة القطرية، بالشكر لمدربَين سابقين على ما حققه الهلال في الآونة الأخيرة: الأرجنتيني رامون دياز، وجيسوس. وقال «علينا أن نذكر المدربين السابقين، جيسوس ورامون دياز، لأن الفوز بدوري أبطال آسيا يحتاج إلى الكثير من الخبرة»، معتبراً أن لاعبيه اكتسبوا بفضلهما المعرفة ب»كيف يتصرفون وكيف يسيطرون على مشاعرهم». ورأى أن جيسوس «هو أحد أهم المدربين في كرة القدم اليوم (...) لقد بنى الفريق»، معتبراً أن من أسباب التتويج القاري «عمل هائل قام به آخرون». بعد الهلال، انتقل جيسوس إلى أميركا الجنوبية ونادي فلامنغو البرازيلي، ليقوده في موسمه الأول معه إلى لقبين غاليين: الدوري المحلي للمرة السادسة في تاريخه، وكوبا ليبرتادوريس للمرة الثانية بعد الأولى عام 1981، على حساب القطب القاري الآخر ريفر بلايت الأرجنتيني حامل اللقب. اعتبر جيسوس في تصريحات عقب التتويج نقلتها وسائل إعلام برتغالية، أن كوبا ليبرتادوريس هو «أهم لقب في حياتي»، مشيداً بلاعبيه الذين «دونوا اسمهم في تاريخ فلامنغو (...). لقاء الهلال وفلامنغو تكتنفه صعوبات عدة، قد يطيّب من مرارتها، اللقاء المتجدِّد مع مدرب يحتفظ لاعبوه السابقون بذكرى جيدة عنه. من هؤلاء، «أسد» هجوم الهلال غوميس الذي سجل هدف الفوز على الترجي بعد دقائق من دخوله بديلاً في الشوط الثاني، بعدما غاب عن التشكيلة الأساسية لمواصلته التعافي من عملية جراحية أجراها مؤخراً في إبهام اليد اليمنى. وضع هداف دوري أبطال آسيا (11 هدفاً) الموعد المقبل مع مدربه السابق نصب عينيه سريعاً، ونشر بعد مباراة الترجي صورة له برفقة «المستر جيسوس» مع تعليق جاء فيه «وعدنا بعضنا البعض بأن نلتقي مجدداً، ومن دواعي سروري أن ألعب ضدك». لكن الجانب العاطفي لن يكون وحده الحكم في مباراة الغد. فغوميس أقر في تصريحات بعد إقصاء الترجي بأن «المباراة المقبلة حكاية أخرى (...) مباراة مهمة ضد فلامنغو» الذي يشرف عليه «مدرب رائع».