اليوم الوطني، ليست مناسبة عابرة، بل هي فرصة تتجدد في كل عام في الثالث والعشرين من شهر سبتمبر؛ لنعلن ولاءنا وانتماءنا وحبنا لهذا الوطن الخالد. إنَّ حبّ الوطن دَيْنٌ مستحقٌ علينا أن ندفعه ونسدده من أوقاتها وجهودنا، ونفتديه بأموالنا وأنفسنا عند حاجته لنا، فلِمَ لا نحبّ هذا الوطن ونعشق ثراه؟! فقد أحبه وعشقه قبلنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وإننا في هذه المناسبة المجيدة يطيب لنا أن نستذكر مدى حبه (صلى الله عليه وسلم) لوطنه مكة حينما قال: «مَا أطْيَبكِ مِن بَلدٍ وأحبكِ إِليَّ، وَلَوْلا أنَّ قَوْمِي أَخْرَجونِي مِنْكِ ما سَكَنْتُ غَيْرَكِ» -رواه الترمذي وصححه- ليس هذا فحسب، بل وجدناه (صلى الله عليه وسلم) يدعو ربه ليحبب في قلوبهم المدينة أيضاً، حيث قال: «اللهمَّ حَبِبْ إِلَيْنا المَدِينةَ كَحُبنا مَكَةَ أو أَشَد» -رواه البخاري- فغدت هذه المدينة ملتقى للمهاجرين والأنصار، وأصبحت العاصمة الأولى للمسلمين، ومنها انطلقت كتائب الحق المبين لتجوب العالمين ساعين لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، هذه المدينة التي نورت بمقدم رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد أحبها وعشقها الرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: «اللهم أُحرِّمُ ما بين جبليها مثل ما حرّم إبراهيمُ مكة، اللهم بارك لهم في مُدّهم وصاعهم» -متفق عليه-. وإننا في هذه المناسبة العطرة والتي تحمل شعاراً مميزاً لهذا العام (همة حتى القمة) حريّ بنا أن نُجدّد العزم، ونُعلي الهمم، لنرى وطننا يتربع القمم؛ وحتى نصل القمم علينا أن نمتلك إرادة من حديد، وعزيمة لا تلين، وإصراراً على الرقي والتقدّم والازدهار. وفي هذه المناسبة المباركة نذكركم بأنَّ من دلائل حبك لوطنك واحترامك له أن تلتزم بقوانينه، وأنظمته، وأنه علينا أن نتكاتف جميعاً، ونتشبث بوحدتنا، والتمسك بديننا وقيمنا الإسلامية وعلينا أن نسعى للحفاظ على منشآته ومقدراته، كما يجب علينا أن نُحوّل شعار اليوم الوطني لهذا العام (همة حتى القمة) إلى واقع نلمسه في حياتنا، فيبدع كل واحدٍ منا في مجال عمله، وفي مجال اختصاصه؛ حتى نرى أبناء السعودية يحصدون المراتب المتقدمة في كافة المجالات، فلنُشمّرْ عن سواعدنا وننطلقْ محلقين في سماء الإبداع والتقدُّم. وفي الختام.. اعلموا أنَّ الولاء الحقيقي والصادق للوطن يكون بالوحدة والتمسك بتعاليم ديننا الحنيف والتعاضد والتكاتف؛ من أجل بناء وطننا وازدهاره ورقيه، ولنا في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أسوة حسنة في ذلك؛ إذ آخى بين المهاجرين والأنصار فور وصوله المدينة المنوّرة؛ لتكون الخطوة الأولى في بناء الوطن واستقراره، فهذا الوطن عشنا فيه، وأكلنا من خيراته، وترعرعنا على ثراه، فدمت غالياً يا أغلى وطن. ** **