لا يمكن أن تغني الشهادة العلمية عن سنوات الخبرة العملية، وإن كانت أكثر موثوقية في إثبات كفاءة الموظف، على الأقل هذا ما تعودنا عليه في بلداننا ودرجت عليه العملية الإدارية في العقلية العربية، صحيح أنَّنا نحتفي بأصحاب الشهادات التي يعودون بها من الخارج، ولكن مازالت الثقة في الخبرة العملية أكثر في ظني، رغم أنَّ أصحاب الشهادات بدأوا في استلام مناصب عملية وإدارية عالية في القطاع الخاص وغيره، ليديروه بأساليب جديدة لا تتوافق مع أساليب وخبرات سنوات طويلة اعتادت عليها بيئات العمل في تلك الشركات والمؤسسات وهو ما أحدث نوعاً من (الصراع الخفي) وكأنَّنا نتحدث عن مدرستين تعملان بشكل متوازٍ، قد تتقاطعان في يوم ما لتلغي إحداهما الأخرى. لم أجد في حياتي موظفاً مُقتنعاً (بشكل كامل) بأنَّ مُديره أفضل منه، ويستحق المنصب الذي يشغله، هذه حقيقة أكاد أجزم بأنَّ كثيرين سيختلفون معي حولها إمَّا مُجاملة أو مُكابرة أو مصلحة وإن لم أملك مسحاً علمياً أو دراسة بحثية أقدمها لتعزيز -رأيي- ولكنَّه الانطباع الشخصي الذي خرجتُ به من واقع التجارب والخبرات لسنوات طويلة، فالاحتكاك بالواقع البشري والمشاهدات الشخصية تؤكد وتؤيد كلامي، الأمر له علاقة ربما بالشهادة والدرجة العلمية وسنة ومكان التخرج، خصوصاً مع تطور وتغير الأساليب العلمية والإدارية، فالمدير الذي يحمل شهادة في الإدارة صادرة قبل 20 عاماً من جامعة محلية، لم يعد مقنعاً للموظف الذي تخرَّج للتو من أرقى الجامعات العالمية، التي تقدم أحدث التجارب والمعلومات العلمية. من ناحية أجد أنَّ من حق الموظف التطلع إلى الجلوس على كرسي مُديره، خصوصاً إذا اقترب أكثر من دائرة صناعة القرار الإداري في المؤسسة والمُنشأة التي يعمل فيها، ووجد أنَّ عقلية بعض المديرين ومن في حكمهم عادية جداً ومتواضعة، ولا يملكون ذكاءً خارقاً أو قدرات غير عادية تؤهلهم لذلك، بل هم أشخاص خدمتهم التراتبية الإدارية سابقاً، أو أنَّه تم تعيينهم وترقيتهم بالواسطة وعبر معارف سبقوهم في العمل في تلك المؤسسات، لذا من حق الموظف الذي يرى في نفسه الكفاءة اللازمة التطلع إلى المنصب الأعلى في مؤسسته بعد تطوير نفسه وإثباته استحقاق ذلك... -يتبع غداً- وعلى دروب الخير نلتقي.