كل يوم يزيد إعجابي بالأمير الشاعر خالد الفيصل ليس لكونه شاعرًا مجيدًا أو أميرًا نبيلاً أو قائدًا فذًا أو إداريًا ناجحًا أو رسامًا بارعًا أو خطيبًا مفوهًا أو دبلوماسيًا محنكًا، بل لأن خالد الفيصل جمع كل تلك المزايا فضلاً عن إنسانيته العظيمة ليكون كاريزما متفردة، في مجلسه العامر بالثقافة والأدب والفكر يجتمع نخب الناس وعامتهم رجال الأعمال والمسؤولون، الأدباء والمفكرون، رغم مشاغله الكثيرة إلا أنه خصص معظم أيام الأسبوع ليلتقي بأطياف المجتمع يستمع لحديث الناس يتلمس حاجاتهم فتجده قريبًا جدًا من قلوب الناس أحبهم فأحبوه، ففي الجانب القيادي تحولت عسير في عهده إلى مكان جذب سياحي، بل أضحت أيقونة ترفل فوق جبال السراة تتحول أقواله إلى أفعال «لا عسير في عسير» و»لا أبهى من أبها» مثلما اهتم بتنمية المكان امتد ليشمل الإنسان ليكون العسيريون في مواقع مهمة يخدمون وطنهم الأبي ومثلما حقق من نجاحات في عسير يواصل نجاحاته في منطقة مكةالمكرمة، إذ يقف وراء الإنجازات التي تتحقق في هذا العهد الميمون، حين نتحدث عن الشعر فصدق من قال خالد الفيصل «شاعر الأمراء وأمير الشعراء»، إذ تجد في قصائده أجزل الألفاظ وأعمق المعاني حلمه مرتبط بالوطن ورقيه إذ يقول: وعند قراءة فاحصة لهذين البيتين نجد أنهما يختزلان معاني عديدة ودلالات عميقة حيث يلهب حماس السعوديين ليكونوا في القمم العالية فكرًا وعلمًا وثقافة ورقيًا وريادة ويدعوهم بلسان الشعر إلى النهوض فهم أحفاد الرجال العظماء، حيث إن البيتين يدلان على تجذر حب الوطن في الوجدان، مؤكداً أن القرآن هو دستور حياة، فالحلم يتحقق ما دام أبناء بلادي يلتزمون بهذا الهدي، بيتان يختصران قصائد عديدة وها هو الفيصل يتماهى مع جماليات الشعر كطائر النورس الأبيض حيث يقول: نعم الشعر سلطان وبلاغة ومشاعر صادقة دون تصنع، وفكر وإبداع وعذب الكلام ورقي وبهاء لذا تهفو الأذن ويرق القلب عند سماع قصائد خالد الفيصل وكانت هي الأرق والأجمل ومن أقواله الشهيرة: (الإسلام ينادي إن لم نلبِّ فمن يلبّي) هنا يدعو للسمو والإخلاص والخلق الإسلامي ومنهج الاعتدال واحترام الأنظمة ولم يغفل اهتمامه بالمبدعين والمبادرين والمبتكرين ويتأفف كشاعر أصيل من المتخاذلين الخاملين الانهزاميين فهو شاعر الجمال وأمير النبل اهتم بالأصالة واللغة العربية باعتبارهما لغة القرآن ودعا إلى استخدامها في كافة مناحي الحياة حفاظًا على ثقافة أبناء الوطن محذرًا من تيار التغيير الجارف، كما أن أقواله الشهيرة رغم قلة كلماتها إلا أنها تفتح آفاقًا واسعة (كيف تكون قدوة بلغة القرآن) ومن أقواله ( لا قدوة دون قدوة) وهي تختزل عبارات وكلمات كثيرة إذ تعطي دلالة على ضرورة الالتزام بالنظام والفهم الصحيح للإسلام واحترام من له شأن بارع في المجتمع ينادي بتحويل التعليم إلى تعلم والتقليد إلى إبداع وبقراءة فاحصة لمقالاته التي نشرها في عدد من الصحف السعودية نلحظ أنه يكرس عدة مفاهيم منها المواطنة الصادقة والحرص على رقي الفكر والسمو به داعيًا للاهتمام بأعمال العقل في حجرات الدرس، كشاعر متميز تمكن أن يجعل للكلمة الشعبية حضورها المزهر كأوراق الورد وكجداول صافية لتكون مسموعة على امتداد الوطن العربي بالفعل تورق قصائده كالزنابق وتخضل كالورود وتلمع كالبروق وتسمو كالنجوم. يقول لفني مثل السحايب والمزون، في عيوني برق وبقلبي رعد، فهو شاعر متأمل لديه فلسفة ينثرها في حنايا قصائده قالت من أنت؟ قلت مجموعة إنسان، من كل ضد وضد تلقين فيني، في ونهار وليل، وأفراح وأحزان أضحك ودمعي حاير وسط عيني له حضور متميز في أمسياته الشعرية تذوقًا واستمتاعًا بجميل القصيد، نصل إلى ذروة الحب الحقيقي للوطن (لا تحسب أيام الحياة أحسب حياة أيامها) هنا تتجلى الوطنية الحقّة حبًا ودفاعًا عن تراب الوطن وطننا الغالي الذي ترخص الأرواح من أجل الذود عن حياضه والحفاظ على مكتسباته، أما هذا الشطر من البيت فهو عميق فالحياة لا تحسب بعدد الأيام التي يمضيها الإنسان، بل بقدر ما يحدثه الإنسان من تغيير نحو الأفضل في الحياة، أبياته تكتنز بالتجربة الثرة والحكمة صاغها بأسلوب أدبي راق وفكر عميق وشاعرية مرهفة وها هو يؤكد بأنه مهما مرت السنون فإنه عازم على المشي قدماً (واليوم لو ثقلت بي الرجل بُصري لي عزم أمشي به على كل ما في) وفي الوقت نفسه يبحث عمن يرفع الرأس: لا تخلو قصائده من وصف الصحراء برحابتها ورمالها الذهبية والليالي المقمرة والجبال الشامخة والتفاف السحب فوق هاماتها والعيون التي تكشف مواطن الجمال، وحب الوطن والاعتزاز بدين الإسلام، والافتخار بالعروبة والأصالة والشجاعة تطرق لجميع أغراض الشعر: الوصف، الغزل العفيف، الرثاء، المدح. اصطبغت الكثير من قصائده بفلسفة الجمال والحكمة. قصائد الشاعر الملهم خالد الفيصل تحمل معاني راقية فالأمير لا يشغل نفسه في الملذات بل في كل ما من شأنه خدمة المجتمع وتأتي مؤسسة الفكر العربي التي التزمت بتنمية الاعتزاز بثوابت الأمّة ومبادئها وقيمها، وبتعزيز التضامن العربي والهوية العربية الجامعة، المحتضنة لغنى التنوّع والتعدّد، وذلك بنهج الحرية المسؤولة، تأتي كشاهد حقيقي لنبوغ خالد الفيصل الذي يظل علامة بارزة وقدوة متميزة. طبت مساء أيها الأمير الشهم، محبوك كثر بمقدار بهاء وجمال قصائدك الحسان. ** **