لم تكد تهدأ الخلافات بين أميركا والصين، حيث تقومان ببناء اتفاق تجاري بعد موجة من تراشق فرض الرسوم بين الطرفين، حتى عاد الرئيس ترمب للحديث عن فرض رسوم جديدة على أكبر شريك تجاري لأميركا، حيث فرض رسوماً على الاتحاد الأوروبي رداً على المساعدات التي تمنح لمجموعة إيرباص وبقيمة 11 مليار دولار على واردات أوروبية ووصف الأوروبيين بالقول «الاتحاد الأوروبى شريك تجارى فظ أيضاً مع الولاياتالمتحدة وهذا الأمر سيتغيّر» إن توسع الحرب التجارية بين قطبين هم الأكبر بالاقتصاد العالمي يمثِّل خطورة كبيرة تهدِّد نمو استقرار اقتصاد العالم بأسره فهما يمثّلان حوالي 42 % من الناتج الإجمالي العالمي وحجم التجارة بينهما تقارب تريليون دولار أي حوالي 5 % من حجم التجارة الدولية، فأي تباطؤ سيصيبهما بسبب الحرب التجارية بينهما سينتشر أثره بالعالم وسيكون له تداعيات سلبية كبيرة على أسواق المال وعلى أسواق السلع وسيهدد قطاعات عديدة بالتراجع، بل سيعزِّز من احتمالات وقوع الاقتصاد العالمي بركود وسيكون له انعكاس قاتل على القطاع الصناعي والمالي فيهما والذي ستنتقل آثاره لبقية دول العالم فالعالم لم يعد يتحمّل المزيد من فتح هذه الملفات وحالات الصدام فيها وخصوصاً أن من يقوم بها قوى عظمى ذات ثقل اقتصادي دولي ضخم ولا بد من تدخل حقيقي وقوي من منظمات دولية حتى لو وصل الأمر لعرض هذه الملفات وخطورتها على الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي»بصفة استثنائية» كونها تهدِّد الاستقرار الدولي والتعامل معها كأي ملف سياسي وأمني، إذ لا بد بكل الأحوال من التحرك بمستوى دولي قوي لمنع هذه الحروب التي تنعكس سلباً على استقرار وأمن دول عديدة. الحرب التجارية باتت أمراً مقلقاً وصداعاً مزمناً يهدِّد استدامة النمو بالاقتصاد العالمي وكذلك ستنعكس سلباً على استقرار وأمن دول عديدة خصوصاً الفقيرة منها، بل وإذا تفاقمت هذه الأزمة قد تصل لمواجهات عسكرية فإذا كانت الإدارة الأمريكية تستخدم أسلوب فرض الرسوم بهدف الضغط على شركائها التجاريين الكبار من أجل إعادة الاتفاق من جديد على شروط أفضل لصالح الطرف الأمريكي الذي يرى أنه خاسر بوضع الاتفاقيات الحالية ويريد التوازن فيها إلا أنه ليس كل مرة يمكن أن تنجح هذه الفكرة الأمريكية التي تقوم على الضغط لأجل تفاوض أفضل، إذ يمكن أن تنعدم السيطرة على هذه المواقف وتتسارع عجلة دوران الخلافات وعندها لا يمكن توقّع سقف ما قد يصل له الخلاف بينهم والذي قد يصل لمرحلة كسر العظم التي ستشل الاقتصاد العالمي وتتسبب بمزيد من الفوضى بالدول الفقيرة تحديداً.