تتسم هذه القمة بأنها ملتهبة وملفاتها الثنائية بين دول المجموعة ساخنة، وهو ما انعكس على أجوائها، فالأجندة المعلنة تمثل إطاراً عاماً ينبع من صميم دور المجموعة الاقتصادي، وهي تحاكي دعم نمو الاقتصاد العالمي. فما تمت مناقشته ملفات مستقبل العمل خصوصًا مع انتشار التكنولوجيا الحديثة والمستقبل الغذائي المستدام والبنية التحتية للتنمية وقضايا المناخ، أي أن ما هو معلن من ملفات هو لتعزيز النمو الاقتصادي العالمي الذي تعهدت المجموعة قبل أكثر من عامين بإضافة 2 % له كزيادة سنوية، لكن ذلك لم يتحقق لأسباب عديدة تمثل في حقيقتها الأجندة الخفية التي تناقش خلافات قائمة بين الدول الكبرى بشكل ثنائي فيما بينها. فمن الأجندة التي تنظر لها وسائل الإعلام العالمية وتترقبها الأسواق الدولية ملف الحرب التجارية بين أميركا وشركائها الكبار، خصوصًا الصين التي ستتضرر كثيرًا من هذه الحرب لأن السوق الأمريكي هو الأكبر لبضائعها وعينها على المستهلك فيه الذي لا تريد خسارته بينما لديها ورقة رابحة وهي استثمارها الضخم بالسندات الأمريكية إلا أن قدرتها على استغلالها تبقى محدودة قياسًا بأثر فرض الرسوم الأميركية على بضائعها، أما الملف الروسي الأمريكي فهو أكثر تعقيدًا لأنه سياسي بامتياز ويتعلق باستقرار أوروبا فيما لو تطورت الملفات الساخنة بين روسيا وأوكرانيا المدعومة أمريكيًا وأوروبيًا إضافة إلى العقوبات الاقتصادية المفروضة من أميركا وأوروبا على روسيا. بالمقابل فإن أوروبا تأتي للقمة منكسرة، فالرئيس الفرنسي ماكرون يصارع وحيدًا هذه المرة في القمة، لأن حليفته ميركل مستشارة ألمانيا قررت اعتزال السياسة، أي أنها أصبحت كالبطة العرجاء كما يقال في الأوصاف السياسية بينما يعيش ماكرون خلافًا وتناقضًا مع رئيس الوزراء الإيطالي الذي يمثل تيارًا مختلفًا عنه إضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي مما يجعلها ندًا لأوروبا وزعاماتها كفرنسا وألمانيا، أما جوهر المشكلة الفرنسية فهو خلافها العميق مع أميركا حاليًا مما يجعلها ضعيفة بمواجهة توجهات الرئيس ترمب ونظرته للتحالف مع أوروبا، ولا تنتهي المشكلات والخلافات عند هذا الحد فبريطانيا تعيش مرحلة ولادة من جديد بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي وتبحث عن مكانة عالمية جديدة لها خصوصًا اقتصاديًا وتمر أيضًا بمرحلة خلافات سياسية حادة مع روسيا. قمة العشرين الحالية هي الأهم بمسار عمل هذه المجموعة التي كان لها الفضل بخروج العالم من الأزمة المالية التي بدأت العام 2008 وباتت هذه المجموعة هي التي يعول عليها بقيادة قاطرة اقتصاد العالم، لكن العودة للنظر بالمصالح الضيقة للدول الكبرى أعضاء المجموعة وإشعال حروب تجارية وعملات وغيرها من الخلافات السياسية يضعها أمام تحدٍ كبير بكيفية إذابة هذه الخلافات والتناقضات لأجل المصلحة العامة للعالم وتعزيز استقراره بدلاً من الضبابية المحيطة به الآن والخوف من تطورات سلبية لن تقف عند الخلافات أو الحروب التجارية وسياسات تكسير العظام بل قد تنتقل لمواجهات عسكرية مدمرة.