هل تستطيع أن تحيا بدون أسطورة أو فن؟ ... منذ نعومة أظفارك وأنت تطمح لتحقيق أحلامك، و»الحلم» يسبق الواقع دائماً، فهو في واقعه «أسطورة»، وهو يكبر ويتسع وينمو كلما حققت جزءًا منه. أما تطوير قدراتك لتحقيق «أحلامك» ليس مجهوداً تبذله وحسب، إنه «إبداع». وبهذا المعنى يصبح الفن والأسطورة ملازمان لوعيك؛ أي إنسانيتك!. تسائل أحد الأدباء شعراً: (ما الذي سوف يبقى حين أنزع عنك الأساطير؟) وفي طبّه أن يعرّيني.. (وما في طبّه أني جواد تعود أن يغبّر في السرايا ويدخل من قتام في قتام – المتنبي). نعم يا سيّدي ... إن نزعت الأساطير عنّي لن أكون «عرياناً»؛ ولا «حيواناً»، فللحيوانات «أحلام» أيضاً!.. أنت تنزع إنسانيتي؛ أي حياتي!. الحب هو أسطورة وفن في آن، فهل توجد الحياة بدون حب؟ فصل الأسطورة والفن عن الوعي هو الموت بعينه؛ ولكن لا وجود للوعي بدون المجتمع، فهل للمجتمعات أحلام؟ ... نعم توجد للمجتمعات والأمم أحلام؛ بل تندثر الشعوب بدون أحلام!، فالتوق نحو التنمية والتقدم والازدهار هو حلم لا يحيا مجتمع بدونه. وإن شئت أن تقتل فرداً أو مجتمعاً أو أمةً دون سلاح، فصادر أحلامه وسيموت!. ما يميزك عن الحيوان والكائنات كلها هو الوعي، ولكن الوعي الفردي والاجتماعي ليس ثابتاً، فهو ينمو بتواصل الفرد مع الآخر، وبتفاعل المجتمع مع المجتمعات الأخرى. المجموعات الأولى للمجتمع البشري ما كانت لتحيا وتتطور وتسيطر على الطبيعة وتنشئ حضارات دون الأسطورة!. فالنشاط الإنساني مرهون بالتغيير، والتغيير لا يمكن أن يحدث دون تجريب، والتجريب يحتاج إلى فكر أسطوري «حالم»، وممارسة إبداعية «فن»!. تراكم التجربة الإنسانية، المبنية على الأحلام الأسطورية والممارسة الإبداعية لكل المجتمعات، هو ما أوصلنا نحن جيل القرن الواحد والعشرين لهذا المستوى من التقدم. ولا نستطيع الاستمرار دون التجريب. كل فرد ومجتمع؛ تاريخياً وجغرافياً؛ هو مبدع في موقعه، فالطالب والمعلم والفلاح والعامل والموظف والإعلامي ...الخ، كلهم مبدعون؛ بغض الطرف عن «تصنيف النخب»؛ لمن هو مبدع أم غير مبدع، ولكن هل الظالم أو اللص هو مبدع أيضاً؟ ... الجواب نعم! ولكنه مبدع سلبيّ، فهو لا يستخدم قدراته «الفنية» لخدمة التطور الاجتماعي؛ إنما لإعاقته!. ** ** **