أكَّد الدكتور وليد بن سليمان التويجري أستاذ التحكيم وتسوية المنازعات بالمعهد العالي للقضاء خلال مشاركته في ثلوثية رجل الأعمال الأستاذ أحمد التويجري أهمية الوسائل البديلة لتسوية المنازعات لتحقيق رؤية المملكة 2030 وترسيخ مسيرة العدل في المملكة، وهي التفاوض والوساطة والتحكيم، وبيَّن أهميتها كوسائل مساندة للقضاء. كما أوضح الدكتور التويجري أن الوسيلة الأولى هي الصلح بالتفاوض، من خلال تسوية النزاع بشكل ودي ومباشر بين الخصمين ودون تدخل طرف ثالث بينهما، وأوضح أسلوبي التفاوض التنافسي competitive أو win-loss، وأسلوب التفاوض التعاوني cooperative أو win-win، وعلاقتهما بنظرية حرية السوق والتنافس عند آدم سميث، ونظرية الألعاب عند البرفسور جون ناش الحاصل على جائزة نوبل. وذكر عددًا من فنون التفاوض ومهارته في تسوية المنازعات التجارية والاجتماعية وغيرها، وطرح عددًا من المراجع التي ينصح بها في هذا المجال وتخدم الجميع في تسوية المنازعات. وتطرق د. وليد للوسيلة الثانية وهي الصلح بالوساطة، من خلال تدخل طرف ثالث محايد لتسوية النزاع بين الخصمين بشكل ودي، وتسمى الوساطة أو التوفيق أو المصالحة، وأنها تتميز بالسرعة والسرية والمرونة وقلة المصاريف، وأنها وسيلة ودية تنعدم فيها المخاطرة، ومشاركة الأطراف في إيجاد الحلول ومراعاة المصالح المشتركة، واستمرار العلاقة الودية التجارية والاجتماعية وتلافي العداوة والبغضاء. كما أكَّد أهمية توافر الخبرات والمهارات اللازمة لدى الوسيط، مثل مهارات: الاتصال والحوار، ومراعاة اختلاف الثقافات، وقراءة لغة الجسد، وتحليل النزاع ومعرفة أسبابه الحقيقة وابتكار الحلول، واكتشاف المؤثرات الدينية أو الاجتماعية أو المالية والتجارية التي تساعد على الصلح. ثم ذكر أساليب الوساطة كأسلوب التسهيل Facilitative وأسلوب التقييم Evaluative وميزة كل أسلوب ومتى يستخدم. كما ناقش مراحل عملية الوساطة، وركز على القوة التنفيذية لمحاضر الصلح التي تصدرها الجهات المخولة نظامًا أو تصدق عليها المحاكم، وأنها تعد سندات تنفيذية وفقًا لنظام التنفيذ. ثم استعرض أهم تطبيقات الوساطة الحديثة وما حققته من نجاحات كبيرة في مكاتب المصالحة بالمحاكم السعودية ومكاتب العمل، ومراكز الوساطة السعودية والدولية، وأشاد د. وليد بجهود وزارة العدل لتحديث قواعد العمل في مكاتب المصالحة، ومبادرتها الفريدة بتطبيق المصالحة الإلكترونية في بعض المحاكم. وانتقل الدكتور وليد للحديث عن الوسيلة الثالثة وهي التحكيم، وهو اتفاق أطراف النزاع على اختيار مُحَكِّم محايد أو أكثر ليفصل بينهما بحكم ملزم. وبيَّن أن التحكيم يتميز بالسرعة والسرية والمرونة والتخصص وحرية أطراف النزاع الواسعة في اختيار إجراءات التحكيم مثل: مكان التحكيم ومدته ولغته اختيار هيئة التحكيم والقواعد الواجبة التطبيق على إجراءات التحكيم وموضوع النزاع بشرط عدم مخالفة قواعد الشريعة الكلية. وأن حكم التحكيم يخضع لرقابة محدودة وضيقة من محكمة الاستئناف، ويتمتع بقوة تنفيذية عالية: داخليًا وفقًا لنظام التنفيذ، ودوليًا وفقًا للاتفاقيات الدولية كاتفاقية نيويورك لعام 1958م التي صادقت عليها المملكة في 1994م. ثم ختم الدكتور بالإشادة بالتطورات السريعة والنجاحات الباهرة التي حققتها المملكة العربية السعودية لتعزيز مكانتها العالمية في مجال التحكيم الوطني والدولي، من خلال إصدار نظام التحكيم الجديد، ونظام التنفيذ الجديد، وإنشاء المركز السعودي للتحكيم التجاري، الذي أبهر الخبراء الدوليين بما حققه من نجاحات سريعة وغير مسبوقة بعد فترة وجيزة من إنشائه، وعزز ذلك صدور الأمر السامي الكريم لرئيس مجلس الوزراء الأسبوع الماضي، الذي سمح بإدراج شرط التحكيم في عقود الجهات الحكومية وشركاتها مع المستثمر الأجنبي؛ لتصبح المملكة من أفضل الدول الآمنة والصديقة للتحكيم، والجاذبة للاستثمارات الوطنية والدولية، ضمن برنامج التحول الوطني لتحقيق رؤية المملكة 2030.