عن الدعاء حتى يتوقف -هو- عن الحياة، إنه أيها القارئ المبارك/ قلب الأم الذي يبقى لا يفتر عن التذكّر والاسترجاع.. كيف لا وهو مع كل صباح يزف تباشير لأبنائه، أدناها نظر للحياة آت من جمال سناها وأنفاس تصدر من جوفها فيه دعاء خالص غير مشوب بشيء.. من عوالق الدنيا، لأنه آتٍ من الأعماق فقلبها وحده من يقاسمك الحب من.. ينبوع صافٍ لا تكدّره دلاء ثم مهما يجد منك من لأواء أو تقصير فهو أول من يلتمس لك المعاذير... ويقال: كلّ أحدٍ منّا لدَيه قصة حُزن بداخله! فواحد عانَى ممنْ أحبّهُم وثانٍ تعب من التّضحية.. دونَ نتائج! وثالث يبكي كلّ يومٍ على من رحلوا منَ الدنيا! ولن تعدم تجد من يُعاني من الغُربة، أو كربة من الدنيا.. الخ..، إلا (لو تمعّنت) قلب الأم مهما يطاله من تقصيرهم فهو لا يعاني بل يمدهم بالحب والدعاء و... ولن تجد بداخله سوى أفراح بهم وآمال عراض لهم مما تؤثر..به على نفسها (لو خيّرت) ولا يخفاكم ما كان من جواب.. حين سُئلت أمّ عن أحب أبنائها إليها؟ بجمل لا يجيد صياغة بلاغتها سواها/ «الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يُشفى والمسافر حتى يعود».. طيب والميّت؟ يا ألله! قد يأخذ شطر فؤادها، وليس الحب فقط .. هذه غاليتنا (منى بنت عبد الرحمن المطلق) ابنة العم -رحمه الله.. فقدت ابنها الشاب (عبدالعزيز بن عبد الرحمن العيدان) أخلف الله عليه شبابه في عالي الجنان كذا ما نتمناه لفقيدنا من الكريم المنان.. فقدته ولا تسأل بعده عن عميق مصابها!! لكأنه لا يجد إلا أن يقف... لا عن النبض!! بل لينظر.. يتأمل خطى تزلف جسدًا مسجى والى نعيم مقيم يرجى له.. من بعد أن عاصر الحياة ورحل في يفاعته، قبل أن تعتصره بهمومها وتعلّم على جسده من غمومها، وإلى رحاب أخرى فيها الأحبة تلتقي، الذي / لا عيش إلا عيشها المبرور إذ..... ينسى الناس (المفقود) بعد اليوم الذي ينثرون عليه جمع دعائهم أو بعض أيام تتبع رحيله، يصوّر هذا (المشهد) أبو القاسم الشابي: [حتى الرفاقُ فإنهمْ، لبثوا مدىً يتساءلونْ في حيرةٍ مشبوبةٍ، أينَ اختفى هذا الأمينْ] إنما هي فترةٌ وتجفّ تلك العواطف سوى (قلب الأم).. الذي يبقى معلّقًا بالراحل لإنه جزء من كبدها، خرج من أحشائها.. لقيت يوم مولده ما تُصارع الحياة في سبيل أن تلده.. وتتملاه بكل حواسّها فما حالها يوم أن تقطع من سنين عمرها لتتبصر به حلم الرجولة حي.. وواقعا ثم عندئذ تخطفه المنون!!!! كبر في أعين القوم إلا عينيها فهو طفلها المدلل والذي كل الصعاب له تذلل ومن بعد تتحلى وهي تناغي، وعليه تناجي.. [يا أيها الطفلُ الذي، قد كان في هذا الوجودْ فرِحاً يناجي فتنة َ الدنيا بمعسولِ النشيدْ] ولكن.... ما العمل حين أطبقتْ جَفنيكَ أحلامُ المنونْ؟، كذا منطق الأم..... ف / أاااااا خٍ [كلٌّ نسوكَ ولم يعودوا يذكرونكَ في الحياةْ والدهرُ يدفنُ في ظلام الموتِ حتى الذكرياتْ إلاّ فؤاداً ظلَّ يخفقُ في الوجودِ إلى لقاكْ ويَودُّ لو بذلَ الحياةَ إلى المنيةِ وافتداكْ فإذا رأى «شبيها»بكاكَ، وإن رأى شبحاً دعاكْ] يصغي لصوتكَ في الوجودِ ولا يرى إلا بهاكْ ربي أرحم أبننا ((عبدالعزيز)) والطف بقلب أمه وأبيه واجعل مثواه جنة قطوفها دانية فلا نملك نحن الضعفاء بمثل هذه المواقف بخاصة.. إلا ما أمدّنا به ربنا من جملة جليلة المعنى..لو تدبرنا: {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}، ولا شك البتة.. إلهي.. أنا الفقير إليك في غناي، فكيف لا أكون فقيراً إليك في فقري؟! وأنا الجهول إليك في علمي، فكيف لا أكون جهولاً إليك في جهلي؟ وأنا المحتاج لك في فرحي فكيف في حزني و... إن أنس ولا أنسى جدة الفقيد غاليتنا(أم صالح) ربي صبّر قلبها وأصلح بالها..وامتعها بالذرية وأبنائهم ** ** أبيات الشعر لأبي القاسم الشابي - من قصيدته/ قلب الأم ** **