في عصر الاحتراف الحالي الذي تعيشه الرياضة العالمية، خاصة كرة القدم، نشهد ظاهرة غريبة ربما.. أسميها بشكل شخصي ظاهرة الغزاة. هؤلاء الذين قد تتأثر بهم الأمور وهم على مقاعدهم في دولهم، بينما رياضة دولة أخرى وكرتها وبطولاتها تتشكل وفق هؤلاء! إنهم جمهور كرة القدم وعاشقوه، الذين تحولوا في عصر التسويق والاستثمار الرياضي إلى مستهلكين محتملين.. «عميل» كما تسميه الفيفا.. والعميل كما تعلم يا عزيزي دائمًا على حق! وراحته هي الأهم! المواطن الآسيوي في دول مثل (اليابان - الصين - كوريا - هونج كونج - ماليزيا - سنغافورة) يتحكم بدون أن يدري في مواقيت مباريات الدوري الإنجليزي. لماذا نرى في السبت الممتاز والأحد بالبريمرليج المباراة تقام في ال11 صباحًا وال12 ظهرًا بتوقيت إنجلترا؟! إنها مداخيل البث التليفزيوني! أكثر من 3 مليارات دولار تدخل لرابطة أندية الدوري الإنجليزي من خارج إنجلترا عبر اشتراكات سوق كبير، يقارب 5 مليارات إنسان.. هم ساكنو غرب قارة آسيا! ليس هذا فقط، بل شرط آخر أن تقام مباريات الدوري الإنجليزي في توقيت «تسلسلي»، وليس في الوقت نفسه؛ وذلك لضمان أعلى نسب مشاهدة ممكنة.. بأمر العميل! إذا قمت بجولة ميدانية في شوارع آسيا، وسألت المواطنين هناك عن الدوري الإسباني، فستجد معلوماتهم قليلة للغاية، بل الغالبية تتابع الأهداف والملخصات بعد المباريات على منصات مثل يوتيوب وتويتر، وكذلك إذا سألت عن الدوري الإيطالي، الألماني، الفرنسي، بينما بمجرد ذكر الدوري الإنجليزي ستجده يتحدث معك بطلاقة؛ لأنه متابع جيد. علامة أسد البريمرليج يعرفها الغالبية العظمى منهم، ويعرفون نجوم كل فريق متوسطي المستوى قبل النجوم الكبيرة! لذلك عندما كان يتحدث فينجر وفيرجسون، أو لاعبون مثل روني من قبل، عن استيائهم من مواعيد المباريات الغريبة في إنجلترا، كان الرد دائمًا: إن ذلك يحدث كي تستطيع أيها اللاعب الحصول على راتب يصل ل200 ألف باوند في الأسبوع! وكي يحصل صاحب آخر مركز في جدول الدوري على 100 مليون باوند! فما الحال بأول الترتيب وحامل اللقب! أكثر من 11 دولة في غرب آسيا تدفع حكوماتها ملايين الدولارات لرابطة الدوري الإنجليزي! تايلاند دفعت في فترة البث الماضية من 2013 - 2016 ما قيمته 320 مليون دولار، وسنغافورة 297، وهونج كونج وماليزيا 200 مليون، وكوريا واليابان والهند، حتى دولة مثل بورما دفعت 40 مليون دولار، وهي كقيمة عقد رعاية بالنسبة لرابطة البريمرليج! الخبراء يقولون بدون تردد إذا سألتهم عن سر تفوق الدوري الإنجليزي اقتصاديًّا: «هو انتشار علامته التجارية الكاسح»، انتشار عبر الخريطة العالمية عن طريق التلفاز والبث المباشر. يتم النقل لأكثر من 210 دول عبر شبكة قوية، تغطي خريطة الكوكب، بينما باقي الدوريات الخمسة الكبرى لا يتعدى انتشارها 155 دولة، وهو فارق كبير.. السبب فيه هم «الغزاة الجدد».. أو عاشقو كرة القدم! ماذا بعد؟! ماذا عن المستقبل؟ الإحصاءات والدلائل تشير إلى تفوق الاتحاد الإنجليزي في جعل أنديته العشرين المحترفة أقوى من أي نادٍ أوروبي آخر على المستوى المالي، وهو أمر سيحدث لا محالة؛ ففي الوقت الذي يحارب فيه نادي مثل باريس سان جيرمان على تحقيق 100 مليون باوند أرباحًا في السنة المالية فإن أضعف نادٍ في الدوري الإنجليزي (صاحب المركز الأخير) يحققها بدون مجهود.. من حقوق البث!