جاء في البيان التمهيدي لموازنة 2019 م الذي أعلنته وزارة المالية أن إصلاح أسعار الطاقة والمشتقات النفطية أحد مصادر زيادة الدخل الذي سيتم بشكل تدريجي، وبدأ فعلياً بأسعار البنزين وغيرها منذ عامين، أما الآلية فهي المراجعة الربعية أي كل ثلاثة أشهر، حيث تقوم بهذه المهمة «وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية»، التي أعلنت عن مراجعتها الثانية لهذا العام في شهر أغسطس الماضي وثبتت أسعار البنزين دون تغيير رغم ارتفاع أسعار النفط ولكن كيف تتم مراجعة أسعار البنزين ولماذا؟ بداية فإن تصحيح أسعار الطاقة يهدف للحفاظ عليها من الاستهلاك السلبي، إضافة لتوجيه الدعم الذي كان يقدم سابقاً لكي يذهب لمستحقيه بالإضافة لتمويل البرامج التنموية من قبل الدولة، ولا ننسى أن أهم عناصر قوة اقتصاد المملكة حالياً هو النفط ولذلك الحفاظ على القدرة التصديرية العالية وترشيد الاستهلاك عوامل مهمة لدعم نمو الاقتصاد والوصول لأهداف رؤية 2030 م. أما كيف تحسب أسعار البنزين فهي تقاس بأسعار التصدير من ميناء رأس تنورة وتختلف عن أسعار النفط ويمكن تتبع توجهات أسعار البنزين عالمياً من خلال مؤشر «بلاتس» الشهير، فأسعار البنزين ليست مرتبطة بأسعار النفط بالمطلق فهناك عوامل عديدة تؤثر بسعر برميل البنزين مثل العرض والطلب العالمي وموسمية الطلب، وكذلك قدرة المصافي على التكرير ولذلك قد يتغير سعر النفط ولكن لا يتغير سعر البنزين كون الطلب على النفط قد يكون لإنتاج مشتقات أخرى يزداد عليها الطلب والعكس صحيح فقد لا يتغير سعر النفط الذي يمثل أحد أهم عناصر إنتاج البنزين لكن سعر الأخير يتغير ارتفاعاً أو انخفاضاً، لأن الطلب عليه مرتفع أو أن العرض مرتفع وغير ذلك من العوامل التي تؤثر بسعر البنزين. أما توقيت المراجعة فهو يعود لقرار كل دولة بحسب احتياجاتها الاقتصادية ففي أمريكا والهند وأغلب دول أوروبا تكون المراجعة يومية وهناك دول تراجع الأسعار أسبوعياً مثل كوريا الجنوبية وهناك دول تراجعه شهرياً مثل الإمارات العربية المتحدة وعمان، والمملكة اختارت أن تراجعها كل ثلاثة أشهر حالياً، ومن المهم متابعة المستهلكين لهذه المراجعة للأسعار لتوقع تكلفة استهلاكهم المستقبلية. المملكة حررت أسعار الطاقة بنسبة كبيرة وليست كاملة لكن استهلاك البنزين بقي ضخماً في المملكة ويصل إلى 90 مليون لتر يومياً بمتوسط استهلاك سنوي لكل فرد من سكان المملكة 1037 لتراً، أي أن اجمالي الاستهلاك 33 مليار لتر بنزين سنوياً وبنمو 2.7 % سنوياً رغم أن أغلب دول العالم المتقدمة مثل أمريكا وألمانيا وكندا نسبة النمو فيها تتراوح حول 0.5 % ولذلك لا بد تسريع الحلول الإضافية للحد من الاستهلاك مثل مشاريع النقل العام والنقل المدرسي والاتمتة لتخفيض رحلات المراجعين اليومية لانهاء معاملاتهم واستخدام التقنية الحديثة لتقليل عدد العمالة الوافدة التي كان لمغادرة حوالي 700 الف منها العام الماضي الدور الابرز بخفض استهلاك البنزين بنسبة 10 % مما يعني ضرورة تسريع المبادرات والمشاريع المخفضة لاستهلاك البنزين والنفط عموما لتعظيم المنفعة منه بالإنتاج الصناعي والتصدير لدعم نمو الاقتصاد المحلي وتوليد فرص العمل فيه.