منذ فترة، لا أكاد أسمع من المتابعين الموقرين إلا أسئلة تتعلق بكتاباتي وتغريداتي حول الرئيس ترمب، الذي يعتقد معظم هؤلاء الأعزاء أنني من أنصاره!، بينما أنا متابع ومعلق، يعلق على الأحداث كما هي، خارج إطار زيف الإعلام، اذ إن معظم من يهتم بالشأن الأمريكي من العرب، يتم تظليله من قبل معظم وسائل الإعلام العربي، والتي هي عبارة عن صدى لإعلام اليسار الغربي، خصم ترمب الشرس، الذي لا يتوقف عن الهجوم عليه، والإيحاء بقرب إدانته وعزله، رغم أن المحقق الخاص، روبرت مولر، وفريقه الضخم، لم يستطع حتى اليوم، إثبات أن ترمب له علاقة بالتدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، وهو الاتهام، الذي يضرب الإعلام الأمريكي على وتره، منذ اليوم الأول لفوزه المفاجئ، ودخوله البيت الأبيض، مع صهره، جاريد كوشنر، وابنته المفضلة، ايفانكا ترمب. ولا يعني هذا بحال أن ترمب بدعاً من الزعماء، ولا أنني من أنصاره، بل يعني أنني أنقل الحقيقة كما أراها، كمتابع للشأن الأمريكي منذ سنوات طويلة، معتمداً على كل المصادر المتاحة، وعلى وجهات النظر المختلفة، وأهم من كل ذلك، على الواقع الأمريكي الحقيقي، مجرداً من زيف الإعلام، ومن الأهواء، التي تخنق الحقيقة والواقع، فمن يتابع الإعلام العربي والغربي يعتقد، وهو محق في ذلك، أن ترمب في مأزق، وأنه قد يتم عزله في أي لحظة، ويتناسى البعض أن هذا ليس زمن الإعلام التقليدي، الذي أوصل باراك أوباما للرئاسة، وقبله أوصل جورج بوش الابن، بل زمن الإستراتيجيات المبتكرة، التي يعد ترمب هو عرّابها، مثل السوشال ميديا واللقاءات المباشرة، ومن خلال الضرب على أوتار الشعبوية والوطنية والقومية والعرق. لقد ولى زمن المثاليات مع أوباما، الذي اكتشف المهمشون من الشعب الأمريكي أن سياساته المثالية لم تجلب لهم الرفاهية والرخاء، بل أفقدت أمريكا هيبتها خارجياً، ولم تُغَير شيئاً من واقعهم، وهذا ما جعل الثقة في الساسة التقليديين في أدنى مستوياتها، ما صبّ في نهاية المطاف لصالح ترمب، الذي لعب على الأوتار الصحيحة في الوقت الصحيح، فاستطاع أن يستخدم شعار «أمريكا أولا» ببراعة، مع ما يتبع هذا الشعار من تصريحات، تذكي الشعور القومي، ولم يكترث بردود الأفعال، فقد كان على يقين بأنه الصوت السياسي، الذي يبحث عنه الناخب منذ زمن، وقد أثبتت صناديق الاقتراع صحة نبوءته، أو بالأصح نبوءة مستشاره الداهية، ستيفن بانون، الذي ضحى به ترمب، تحت ضغط الإعلام، ولكنه، من وجهة نظري، لا يزال أحد أهم العقول، التي يؤمن بها ترمب، وسيتواصل الحديث، عن ترمب، وحظوظ الجمهوريين في الانتخابات النصفية نوفمبر المقبل.