زيديني عشقاً زيديني ! هيهٍ عكاظ ! ليست كلمة ضلت حروفها في فضاء العمر وإنما من تنهدات الوله حين تعصف بنا الذاكرة إلى اختلاف الأصوات وإلى صدى السنين الحاكي وتعاكظ الشعراء ومساجلاتهم ، إلى الباعة الذين يقايضون بضائعهم بأخرى إلى الدعاة والخطباء وهم يدبّجون دررهم على المرتادين وينمقون حروفهم وكلماتهم لكي تعيها عقول الحافظين إلى من ضرب أكباد الإبل ليبلغ أرض عكاظ في زمن لا يعرف الأمن إليهم طريقاً، إلى رحلة عمقها قرون ضربت جذورها في أعماق التاريخ، وقد ظلت تتهادى في طريق الزمن خوفاً ألا تصل إلينا ببضاعتها المزجاة وخوفاً أن تتخطفها أيادي الإهمال فتسرقها عادة النسيان فتكون الأستار والسجف دونها مسدلة فتصبح الذاكرة بعتق أصالتها عصيّة حين تستبين حقاً من حقوق التراث الإنساني وحقاً من إرث حضارتنا المجيدة. أي أيام تلك ؟! وأي تاريخ عظيم هذا ؟! وأي سجل ناصع البياض شرفت به أقلام المؤرخين ؟! جميلة تلك اللحظات حين تغزونا بعبق الماضي الجميل وبنسائم ورد الطائف الذي يعانق رائحته سماء الجزيرة بل الشرق الأوسط الذي يفتقر إلى تلك السحائب التي تمطر مجداً خالداً يطوّق أجيادنا في حين لا نضن به على غيرنا في كل موسم تشرق فيه شمس عكاظ على العالم ! ما أجمل الحكمة الصينية التي تقول ( ليتك تعيش في أوقات مثيرة ) ! ومهما تكن فالقصد الفرح ونحن نعيش أوقاتاً مثيرة وأي أوقات يسجلها الطائفيون! حين يبعثون عكاظ جذعة في كل عام بحلة لم ترتديها من قبل بعد أن كادت عظامها تبلى بلاءً يخالط ترابها الفناء إنهم الرجال الذين كانت سواعدهم قد تشربت من وقود العز والفخر ومن الإحساس بالمسئولية نحو أرض أسروها بحبهم حتى ملكت قلوبهم فأحاطوها بثقة المؤتمن وقوة المحب فكانت لهم كما أرادوا أن تكون من المحب للحبيب ! عندما أحمل في قبضتي من تراب عكاظ فلا شك أن قبة النابغة قد ضربت بأطنابها في فكري وقلبي قبل أن تضرب بأوتادها تلك الأرض وصوت الوتر في قوس الشماخ يدويّ في سمعي بعد أن تردد صداه في عمق القرون الأوَل ! إليكم أيها الرجال في عكاظ كل الود والحب والتقدير على تلك الجهود المخلصة والتنظيم الرائع الذي تتحدث عنه تلك البرامج والأعمال من الإدارة العليا للجنة التنفيذية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان إلى جامعة الطائف ممثلة في اللجنة الثقافية برئاسة معالي الدكتور حسام زمان ونائبه الدكتور تركي الثبيتي الذين جعلوا من عكاظ شعلة مضاءة في عتمة الليل وحراكاً ثقافياً قلّ أن نرى مثله في مهرجانات أخرى فحقاً كانت مثالاً وقدوة لكل أنواع التراث الإنساني في الجزيرة وفرصة كبيرة بأن يحذو الجميع حذو عكاظ في تخليد تلك الحضارة التي مرت على تراب الوطن، وكان لها ذكرى سجلها التاريخ في ديوانه الكبير بحكايات عبرت المهامه والفيافي عبر قرون لم تمحها فيه نوائب الدهر وأيدي العابثين !. ** **