في وداع الغالية الراحلة الشقيقة الكبري.. مهداة لرفيق دربها الشاعر الكبير «مسافر» طيفها غاب...؟ أم نحن من غاب عن طيفها...؟! طيفها الحي في وعينا ماثلٌ حافلٌ تتقرّاه منّا اليدان راحلٌ طيفها في دواخلنا عن بصائرنا كيف ترحل عن بالنا..! وشذاها الزكيّ ونكهتها تغمران المكان رحل الجسد الهشُّ منفرداً مجهداً.. مثخناً.. ربما إنما الروحُ في روحنا لا تزالُ تضيء قناديلها وتبوح بعشق الحياة مواويلها نستفيق فنرشف من عبق الروح ما يستثير الكيان هي الأم من بدء مولدها لخواتيم موعدها أمُّ من يتحرّي أمومتها ويُماهي غريزتها أمُّ أبنائها.. أمّ إخوانها.. أمّ أقرانها هل تفيض الأمومة عن حدها؟! أم خِلالُ الأمومة لا ينقضي عدها! ذاك ينبوع إيثارها لم يزل يتدفق ثرّاً وفيضُ نداها يظللنا غيمةً من حنان تُباشر بالبِشر أحبابها وتُكاتم آلامها تحتفي بالبعيد الغريب تواسي هواجسَه وتُغافلُ أو تتجاهلُ هذا القريب الدفين بأعماقها المتفشي بأحشائها تتعالى على كل أوجاعها ثم تحنو على جمع عُوّادها وتُشيع الأمان جزِع الصبر من صبرها وتمنّي التفلّت من أسرها وهي تُمعن في رحلة الأمل المستحيلِ تواسي به المشفقين وتعلم بالسرّ علم اليقين كأن رؤاها تعاند طبع الزمان وحين أتاها اليقينُ على قدَرٍ واستكانت بإطراقة المخبتين أباحت لآلامها أن تُكاشف أحبابها المحدقين مودّعة كل ما قبست من حطام السنين وأسلمت الروح بارئها حين آن الأوان فيا نفسها المطمئنة عودي لربك راضيةً وانتضي ثوب رأفته المستفيضة مرضيةً واصعدي، رفقة الصالحين، بغامر رحمته لأعالي الجِنان