ألم الغربة أخي يا حبيبي .. في أقاصي الأرض ، أتسمر جوارك، أتأمل جسدا طهورا اضطجع ألما وصبرا.. أشتم رائحة رحيلك.. أحمل ألم الغربة بمهجة أرجفها وأوجفها الخوف.. أتناثر أشلاء يضنيها الفقد.. أستجمع كل دعاء يشدّ أزر الفجيعة ، يضمد جراحها.. أتوسّل لمن لا يخيب من دعاه.. أتضرع بحشرجات تصطليها دموعي.. وآلام تفتق ضلوعي.. وفي جوفي كثير من رجاء.. أترع النفس بحفنات أمل زلزلت أركان روح تعلقت بحبال صبر يشيخ.. بوصلة قلبي تتجه صوب السماء .. ما تفتأ تلهج بالدعاء تلو الدعاء! بين يديك يا أخي يستتر نحيبي.. يختبئ ألمي وحزني.. أخشاكَ.. ولا أريد لك ألما يتغشاك! أخشاك.. وإن كنت في غياب عنا.. أخشى أن تشعر بلوعتي، أو يؤذيك عويلي.. فقد قالوا: إنه قد يكون يسمعك، يعي مشاعرك.. فكلما دنوت منك.. واقتربت منك.. أسترق بعض دعائك.. وأسمع هسيس ندائك.. فلا ترحل وتتركنا نغالب الكمد الدفين.. أتذكر أخي الحبيب.. أتذكر؟! كم من ليلة كنت فيها عليلة مكانك.. شملتني بحنوك.. أغرقتني باهتمامك.. جللتني بدفء الأخوة .. ودثرتني برداء الحنان .. ونزعت ما علق بالروح من حرج الشكوى وغيهب النشيج.. هناك بعيدا تمسكت بك.. تعلقت بكتفك.. كثيرا هناك حضنت خوفي، وسكنت جزعي.. وسلكت معي دروبا ضعضعت فيها هزيم المعاناة.. هناك عرفتك، ولم يعرفوك.. هناك عرفتك نورا تهادى.. وبلسما من الخلق تمادى.. عرفتك هدوءا ورفقا.. وصارت مخاوفي عندك أمنا.. وألمي أملا.. قاومت ضعفي ، وتحديت عجزي! لا تتركنا أخي! لأجل عين أم أشاحت ألما! لصبية تبكي دما! لحبيب في سنه احتياجه نما! لشامخة أبت إلا أن تكون ابنة الفرقدين! لا تتركنا.. فبعدك المكان يباب.. والدروب سراب.. والوجوه انكسار واغتراب.. إلا وجهك الحبيب الذي لا نعرف له أي غياب! فوجهك نور يعكس ضياء .. وهج من قبس وسناء.. يشعّ لنا أرضنا والسماء.. يعرّش في صدري نبتة صبر وصبار! غرستك في روحي .. وبين جوانحي (إنسان).. وكهاجس الوجع الراحل نحوي يسبقني السؤال: أراحل أنت؟ أتارك أطيافك تبلغ أحفادنا، كم كان حليما ذلك الخال الإنسان؟ نعم.. ستستقبلك السماء.. فقر عينا على ما تكبدت جلدا وارتقاء.. وطب نفسا زكية في دار خير وقرار.. ففي خلاياي وأوردتي ونخاعي.. ستبقى سموا وحنوا وعطاء.. أواه ... أخي الحبيب - الساعة تدور.. والنبض يستعد للتوقّف.. والروح تتأهب للرحيل.. فما في الوقت شيء كي أحكي لك عن مدرارية الهطول.. واغروراق الجفون.. أمام ساعة عقاربها السكوت.. مازلت أبحث عنك.. أحتاج لقلبك الإنسان.. (وأمام هيبة رحيلك .. أتشرنق في دثار الصمت.. لأتعاطى منه جرعات صبر فائقة)! أميمة بنت مساعد بن أحمد السديري