اختلف المسلمون بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - في تحقيق مضمون قوله الله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ )، فقد رأى البعض أن الخُمس هو للقائم مقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخلافة وأن ذوي القربى معطوف عليه، لذا جعلها أبو بكر - رضي الله عنه - في الخيل وعتاد الحرب ولم يعطِ منها أحداً من بني هاشم، ورأى البعض كما عند الشافعية أن يكون سهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مصالح المسلمين ويدفع لبني هاشم سهم ذوي القربى، وأما باقي مذاهب السُّنَّة فترى الخُمْس يُقسَّم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - لثلاثة أقسام هم : اليتامى والمساكين وابن السبيل، وجعلوا ذلك من شؤون ولي الأمر كيف يصرفها، أما في مذاهب الشيعة، فإن الخُمس لا يقتصر فرضه في غنائم الحرب والركاز فقط كما عند أهل السُّنَّة، بل يجعلون ذلك بكل كسب يفيض عن حاجة المسلم وأهل بيته ممن يعيلهم، وكل خارج من البحر وباطن الأرض من الثروات، ويجعلون الخُمس في مصارف خمسة يوزعها كل مرجع من مراجع الشيعة بما يراه وبنسب مختلفة، بحيث يذهب سهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - وسهم ذوي القربى للمرجع يتصرف بها في مصالح الناس كيف يرى والباقي لفقراء وأيتام وابن سبيل بني هاشم حصراً عليهم. لم يعد الخُمس يمثل شأناً ذا اهتمام عند أهل السُّنَّة، حيث استقر لديهم أن المغانم مهما كانت فهي للدولة، ولكنه يعتبر عند الشيعة أمراً هاماً جداً ويحرص معظم الشيعة على إخراج الخُمس، حيث ذهب بعض فقهائهم إلى القول بإن من لا يخرج الخُمس لا تجوز صلاته ولا يصح منه الإسلام، ولكن الغالب عند فقهاء الشيعة وجوب الخُمس والتقصير في إخراجه مأثوم، ولذا هناك من الشيعة من لا يخرج الخُمس أو يخرجه ويصرفه فيما يرى، حيث قد لا يثق بمصير ذلك الخُمس إذا دفع للوكيل من أن يذهب لمصارف غير شرعية، مع أن وعاء الخُمس مختلف عليه عند مذاهب الشيعة وعند مرجعياتهم في المذهب الواحد، إلا أن الغالب في وصف الوعاء «هو كل ما يُكتسب من مال أو عين لم يستخدم أو هدية ذات قيمة يحول عليه الحول «، حتى قيل في بعض فتاواهم «إذا اشترى الرجل كرسياً ووضعه في بيته أو متجره أو مكتبه ولم يجلس عليه لمدة حول كامل وجب فيه الخُمس «، وفي هذا حماية للخُمس من أن ينفق منه في غير حاجة، لذا يتضح أن الخُمس يمثل ثروة كبيرة تستقطع من أموال الشيعة وتذهب من خلال الوكلاء إلى المرجع الذي يتصرف بها حسب مصارفها الشرعية التي يراها. شغل فكري البحث عن معرفة ما ينتهي لخزينة الولي الفقيه في إيران من الخُمس الذي يدفعه مؤمنو الشيعة، فبحثت كثيراً ولم أجد تقديرات إحصائيات معروفة تقيِّم متوسط ما يدفعه الشيعة كخُمس أو مجموع ما يحصل من مبالغ تمثل ذلك الخُمس، لذا عمدت لوضع معادلة تقديرية، حيث إن متوسط دخل الفرد في إيران هو (4958) دولاراً في السنة وعدد سكان إيران تقريباً (80) مليون منهم (60) يدينون بالمذهب الشيعي الجعفري ومنهم (25) مليون كاسب يعمل بصورة ما، وحيث إن متوسط الإنفاق السنوي التقديري للمواطن الإيراني هو (4700), لذا يمكن تقدير استحقاقات الخُمس بمبلغ (15.480) مليون دولار فلو افتراضنا أن (25 في المئة) من الإيرانيين الشيعة لا يخرج الخُمس فيمكن تقدير إيرادات الولي الفقيه من أموال الخُمس سنوياً بمبلغ (11.6) مليار دولار. تقدر موجودات ما يسمى (بيت رهتر) وهو ديوان مرشد الثورة ما يتجاوز (100) مليار دولار وهي أموال تكدست من أموال الخُمس واستثمارات شركات الولي الفقيه في مجالات مختلفة، والأموال التي تدخل خزينة الولي الفقيه لا تحتسب في ميزانية الدولة وليس عليها رقابة، بل هي تصرف بتوجيهات شخصية من (علي خامنئي)، وتشمل رواتب الحرس الثوري (الباسدران) وهو جهاز عسكري خارج تنظيم الدولة يتبع مرشد الثورة علي خامنئي, والمبالغ التي تصرف على (حزب الله) في لبنان وغيرها و(فيلق القدس) و(حركة الحوثيين) في اليمن، ومبالغ تصرف في بلدان أخرى بهدف نشر عقيدة (ولاية الفقيه)، لذا نجد أن الثورة الإيرانية ومرشدها تستخدم أموال (الخُمس) التي يدفعها الشيعة في تمكين (الولي الفقيه) من السلطة وإشاعة القلاقل والفتن في البلدان المجاورة، ولا شي من ذلك الخُمس يصرف في مصارفه الشرعية، فوضع دور الأيتام في إيران مزرٍ والمميز من تلك الدور يدار بالطريقة التي كانت تدار بها دور (الإنكشارية)، حيث يدرس الولاء المطلق لولي الفقيه والباسندران.