* أخذت قرضًا من أحد البنوك وقالوا لي: إن السلعة أرز، فهل يصح مثل هذا القرض أم لا؟ - يعني لما قبض السلعة التي اشتراها من هذا البنك المفترض أن يكون البنك مالكًا لهذه السلعة ملكًا تامًا مستقرًا، والأرز طعام يجب حيازته وينقله التاجر إلى رحله، ثم بعد ذلك يأتي مريد الدَّين، هم يسمونه قرضًا وهذا ليس بصحيح هو دَين، القرض مال بمال من غير زيادة طلبًا للثواب، أما هذا بالزيادة لا يسمى قرضًا إنما يسمى دينًا، ويطلقون عليه السلف، لكن السلف أيضًا يطلق على السَلَم وهو نوع من الدين بتقديم المال وتأخير السلعة، والعرف يطلقون السلف على القرض، فالمتعارف عليه في بلدنا يقولون: سلف، واسمه الشرعي قرض، ولا ينطبق القرض بأحكامه وصورته على الديون التي فيها الزيادة في الثمن في مقابل الأجل، إذا افترضنا أن هذا البنك مالك للسلعة ملكًا تامًا مستقرًا ثم باعها على مريد الدين، ثم يلزم هذا الشخص أن يعرف هذه السلعة؛ لأنه إذا لم يعرف هذه السلعة معناه أنه تخلف شرط من شروط البيع: أن يكون الثمن معلومًا، ويكون المثمن معلومًا برؤية أو صفة، ثم بعد ذلك يحوزه؛ لأنه طعام، وقد نهى النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يُبتاع الطعام حتى يحوزه التجار إلى رحالهم، فإذا حازه قبضه قبضًا شرعيًّا معتبرًا فله أن يبيعه، لكن على غير بائعه الأول، غير البنك، بل على طرف ثالث، هذا إذا كانت حاجته إلى قيمة السلعة، أما إذا كانت حاجته إلى السلعة فهذا لا شك أنه هو الدين المنصوص عليه بقوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [البقرة: 282]، إذا اشترى من التاجر سيارة، فإن كانت حاجته إلى السيارة نفسها لاستعمالها هذا الدين، ولا خلاف فيه، وإذا كانت حاجته لقيمة السيارة من أجل أن يبيعها ويستفيد من ثمنها فهذه تسمى عند أهل العلم مسألة التورق، وهي جائزة بشروطها عند عامة أهل العلم، وخالف في جوازها ابن عباس -رضي الله عنهما- وعمر بن عبد العزيز وشيخ الإسلام ابن تيمية، لكن عامة أهل العلم على جوازها. * * * الطلاق السني والطلاق البدعي * ما هو الطلاق السني والطلاق البدعي؟ -الطلاق السني المنسوب إلى السنة الذي تطبق فيه السنة، وما عداه يدخل في حيّز البدعة فيكون بدعيًّا، فالطلاق يكون سنيًّا إذا وجدت الحاجة الداعية إليه وكان طلقة واحدة في طهر لم يقع فيه جماع، فإذا لم يكن هناك داعٍ للطلاق فالطلاق غير مرغوب في الشرع، فلا يكون من السنة، وإذا وقع في الحيض صار بدعيًّا على خلاف بين أهل العلم في وقوعه وعدم الوقوع، وكذلك إذا وقع في طهر حصل فيه الجماع، ولذا لما طلق ابن عمر -رضي الله عنهما- زوجته وهي حائض قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لأبيه: «مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض ثم تطهر» [البخاري: 5251]؛ ليكون الطلاق في طهر لم يقع فيه جماع، فدل على أن الطلاق في الحيض بدعي، والطلاق في الطهر الذي جامع فيه بدعي على خلاف بين أهل العلم كما تقدم في وقوعه وعدم الوقوع، أيضًا يكون بلفظ واحد طلقة واحدة، ولا يكون أكثر من واحدة؛ لأنها يقع بها المقصود ولا يحصل الندم إذا أراد المراجعة، فتُطَلَّق طلقة واحدة في طهر لم يحصل فيه جماع، وأما إذا طَلَّق ثلاثًا فقد تعدى حد الله وتلاعب بحكم الله، لذلك عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لما كَثر الطلاق بالثلاث غضب وأمضاه على الناس من باب التعزير، وإلا كان الأمر أن الثلاث واحدة في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- وفي عهد أبي بكر وفي صدر خلافة عمر -رضي الله عنهما-، لكن الناس تلاعبوا بحدود الله وبأحكامه فأمضاه عليهم. ** ** يجيب عنها معالي الشيخ الدكتور/ عبدالكريم بن عبدالله الخضير - عضو هيئة كبار العلماء وعضو اللجنة الدائمة للإفتاء